كانت رغبة الملك عبد الله منذ فترة أن يعقد مؤتمرا يضم المسلمين مع ممثلين للمسيحيين ولليهود، فقد أسماهم: إخوته من أصحاب الكتب السماوية الأخري، التوراة والإنجيل، ومن وجهة نظر العاهل السعودي، هناك حاجة ماسة لذلك، فينبغي علي الديانات السماوية الثلاث الاتحاد من أجل "إنقاذ" الإنسانية". وقد صرح الملك مؤخراً قائلا: "لقد فقدنا الصدق والأخلاق والإخلاص والارتباط بأدياننا وبالإنسانية، هذا التصريح الذي جاء أثناء ندوة عقدت في الرياض حول الحوار بين العالم الإسلامي واليابان، وقد أعرب عبد الله عن أسفه "لتفكك الأسرة وتزايد الإلحاد". ويعتزم الملك السعودي عرض مشروعه الذي يعده، كما يقول منذ عامين - علي الأممالمتحدة.. وتدعو هذه الرغبة في جمع أتباع بني إبراهيم إلي الدهشة خاصة وأنها تأتي من ملك دولة تحكم بطريقة إسلامية بالغة التشدد، إذ لا تقبل بوجود أية ديانة أخري علي أراضيها وتطرد أحيانا العمال الفلبينيين الذين يحضرون بعض اجتماعات القداس التي تتم سراً. ويحاول الملك عبد الله، منذ فترة طويلة، الخروج من هذا المأزق، وقادته رغبته في أن يظهر كقائد للعالم الإسلامي إلي اتخاذ مواقف معتدلة تمكنه من الحديث مع الديانات الاخري حديث الأنداد، ويوضح "ستيفان لاكروا" الباحث في معهد الدراسات السياسية أن الملك السعودي يتأرجح بين هذا الاعتدال المخصص للخطاب الخارجي، والتشدد المعلن داخل الحدود، هكذا لم يتوقف عبد الله في الداخل عن استمالة رجال الدين الذين يعترضون علي شرعية حكمه، وفي الوقت نفسه يمد يده إلي العالم الغربي. لقد أطلق الملك نداءة "للإخوة" اليهود والمسيحيين دون أن يبدو عليه الضيق بسبب حفل التعميد المذهل الذي أقامه البابا بندكت السادس عشر مؤخرا في روما، لصحفي إيطالي من أصل مصري يدعي مجدي علام، وقد اتهم هذا الأخير الإسلام بأنه "دين قائم علي العنف" وأنه أصل التطرف الإسلامي. تجاهل الملك السعودي هذا الحدث مفضلاً ذكر انه قدم بنفسه مشروعه للحوار إلي بندكت السادس عشر اثناء زيارته التاريخية للفاتيكان في شهر نوفمبر 2007 واصفا لقاءهما بأنه كان لقاء لا ينسي، لقاء رجل لرجل، ومن المنتظر أن يؤدي هذا اللقاء إلي نتائج ملموسة. وقد أعلن الفاتيكان أنه يتفاوض سراً حول اقامة كنائس في السعودية الأمر الذي سيعتبر ثورة حقيقية. وصرح المطران "منجد الهاشم" سفير الفاتيكان في الكويت وقطر واليمن والإمارات والبحرين "حيث لا يوجد ممثلون للبابا في السعودية" بأنه أدار المحادثات بنفسه، ولم يتم تأكيد الخبر رسميا في الرياض، إلا أن بعض المصادر القريبة من القادة السعوديين اقرت بأن الملك سافر إلي روما وهو يعرف أن البابا سوف يثير قضية الكنائس. ومن المنتظر ان يلقي اقتراح الحوار ترحيبا لدي الكنيسة الكاثوليكية ولدي باقي الكنائس المسيحية ايضا بلاشك، أما اليهود، فليس لهم ممثل واحد، ونجد اختلافا غريبا بين آراء الحاخامات، ويبقي أن يتم قبول هذا الاجراء داخل السعودية نفسها. قد يستفيد الملك من موافقة العلماء الرسميين المكلفين بالتصديق علي قراراته، كما فعلوا عندما صدقوا علي تواجد الجيش الأمريكي في الأراضي السعودية أثناء حرب الخليج الأولي، إلا أن هذا الدور الأشبه بدور مجلس التدوين قلل من قيمة فتاواهم ودفع الملك إلي البحث عن شرعية أخري لدي رجال الدين المعارضين ذوي الشعبية الكبيرة، الذين خرجوا من حركة "الصحوة" حيث وجد في التوجه إليهم وسيلة لنيل رضا الجميع. ويبقي أن نعرف إذا ما كانت هذه الشخصيات البارزة والمسموعة سوف توافق علي الحوار مع الإخوة "أم لا؟" إن الإسلاميين الذين يمثلون للعنف سوف يرفضون بالتأكيد، إلا أن هذا هو الهدف الذي يسعي إليه الملك عبد الله.