تواجه أسواق المال العالمية أزمة فريدة من نوعها.. فمنذ تداعي أزمة الرهن العقاري في أمريكا والمصائب تتوالي وراء بعضها.. من تباطؤ السوق الأمريكي إلي انتشار التباطؤ في السوق الأوروبي.. الأنباء المتوالية للخسائر الضخمة للمؤسسات المالية الدولية.. انخفاض ثقة المستهلكين في الغرب بل إن جنوب شرق آسيا الذي راهنت عليه التقارير الدولية في مطلع هذا العام كمحرك للنمو في ظل ركود متوقع للأسواق الغربية مع بدء تداعي الأزمة بدأت تصيبه الفاقة من تباطؤ للصادرات الصينية إلي أمريكا، إلي أزمة الغذاء المتفاقمة في الهند والتي قد تؤثر علي معدلات نموها كما يتوقع البعض، فما مستقبل الأسواق المالية العالمية؟ هل من أخبار سيئة جديدة؟ هذه هي الأسئلة التي طرحناها علي خبراء المال من ضيوف منتدي دافوس. جيليس روليت الرئيس التنفيذي لبنك مير ابود بالشرق الأوسط يعتبر أن السوق مازال يحتاج وقتا لكي تتحسن أوضاعه سواء في أمريكا أو أوروبا التي ترتبط بنظامها المالي ارتباطا وثيقا فالاستثمار مازال لا يأخذ مكانه الصحيح وهناك العديد من المؤشرات السلبية في مجالات السيولة في البورصة ومعدلات البطالة وشهية البنوك للاقراض مازالت مفتقدة وثقة المستهلكين في أوروبا وأمريكا منخفضة. يري روليت أن أمريكا تتولي بشكل جيد لحل الأزمة وأن ضخ السيولة في السوق عن طريق خطة إدارة بوش للتنشيط كانت سليمة ولا تعتبر تدخلا في السوق وكان أي رئيس مكانه سواء ديمقراطيا أو جمهوريا سيتبعها ولكنه يري أنه من الصعب التكهن بمدي استمرار أزمة الركود في أمريكا. وحول آثار الأزمة المالية علي البنوك العالمية الكبري يقول روليت إن البنوك التي حققت خسائر قامت باستثمارات في مجال الرهن العقاري لم يكن من المفترض أن تدخل فيها والواقع أنها قامت باجراءات كبري لتصحيح الوضع بداخلها كالتغييرات الإدارية التي حدثت في سيتي بنك أو ميريل لينش، علاوة علي أن تحقيق الخسائر التي حققتها جعلتها تقوم بإعادة الرسملة كما حدث في سيتي بنك. ويري روليت أن الأخبار السيئة عن البنوك الكبري اقتربت من نهايتها ولكن من الممكن أن تكون هناك أخبار سيئة قادمة من البنوك الصغري التي وقعت في أزمة مالية-. معدلات النمو وعن مستقبل النمو العالمي يقول روليت أن هناك تداخلا بين الشرق والغرب فأمريكا مشتر كبير من الشرق ولكن آسيا تنمو بسرعة وتستطيع إنقاذ الغرب، حتي وأن تأثر النمو في الصين والهند ولكن ينمو بشكل متسارع فالنمو في الصين مثلا إذا انخفض قد ينخفض إلي 7 أو 8% بدلا من 10%، لذدا فهو أن معدلات النمو في آسيا بعد انخفاضها ستكون كافية لاحداث التوازن. وعن توقعاته لسعر الدولار يقول روليت إن سعر الفائدة في أوروبا منخفض وعليه ضغوط كبيرة لتخفيضه أكثر لذا توقع أن يري الدولار يقوي مرة ثانية أمام اليورو. وقال فرانسيس سمال -إدارة خدمة التحويلات بايرنست اند يونج ببريطانيا- إن هناك العديد من الاجراءات الاصلاحية التي اتخذت لاصلاح الوضع المالي في الغرب كزيادة رؤوس الأموال وإعادة هيكلة المؤسسات المالية لذا فهناك توقعات تشير إليأن الأزمة ستنتهي في 2009. وعن توقعاته للمؤسسات المالية الكبري يري سمال أن هناك حركات تصحيح كبري حدثت في الغرب ولكنه يعتقد أننا سنسمع أخبارا سيئة في الأشهر الثلاثة القادمة، ويري أن مشكلات البنوك الكبري كانت بسبب البيئة التشريعية الخاصة بنظام الإقراض "ساب برايم". ضخ الأموال ويضيف سمال أن أهم شيء حدث لمواجهة الأزمة هو التنسيق في السياسات النقدية بين البنوك المركزية في الغرب مشيرا إلي أهمية جور صناديق الثروة السيادية في ضخ الأموال للبنوك إلا أن الأموال التي ضخت للقطاع المصرفي ليست كافية فالبنوك خسائرها كبيرة ويري أن الاجراءات الرقابية علي نظام التوريق قد تكون حلا لمواجهة الأزمة ولكن العنصر الرئيسي هو إعادة الثقة في البنوك وطمأنة الناس إلي أنها لن تنهار في الفترة القادمة. وحول مستقبل النمو يقول سمال: إن آثار التباطؤ الغربي قد ظهرت آثاره في الهند ولكنه يعتقد أن الأسواق الناشئة ستستمر في النمو بنسب أعلي من المتقدمة وأن أسواقها ستكون جاذبة للاستثمار.