مازال الجدل الدائر بسبب التوجه للدعم التعدي مستمرا.. ويتركز الحوار في هذه القضية حول المفاضلة بين الدعم العيني المطبق حاليا والدعم النقدي الذي أعلنت الحكومة أنها بصدد دراسة الطريقة الافضل لتنفيذه. الخبراء أدلوا برأيهم واجابوا علي سؤال "العالم اليوم": أيهما أفضل.. الدعم العيني أم الدعم النقدي؟ يري د.محمد النجار أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها أن وضع المجتمع المصري حاليا يستلزم ضرورة الابقاء علي الدعم العيني لعدة أسباب يأتي علي رأسها أنه في حالة التحول من الدعم العيني إلي النقدي يجب أن تكون هناك خريطة لتوزيع الدخل لكل أفراد المجتمع وهذا أمر فوق طاقة أي دولة نامية كما أن هناك تكاليف إدارية كبيرة للجهاز البيروقراطي الذي سيتولي هذا الأمر. ويضيف النجار أن التحول من الدعم العيني إلي النقدي قد يترتب عليه مشكلتان أولاهما أن الاسعار سوف ترتفع جدا لكل السلع وليس السلع المدعمة فقط نتيجة وجود علاقات تشابكية بين إنتاج هذه السلع والطلب والعرض عليها وبناء عليه قد لا يتمكن أفراد المجتمع الحاصلون علي الدعم النقدي في صورة مبالغ نقدية من الحصول علي السلع التي كانوا يحصلون عليها في الدعم العيني "نظام البطاقات". أما المشكلة الثانية فتمكن أن الخفض في الانفاق العام الحكومي نتيجة هذه الخطوة وهو هدف الحكومة الحقيقي من هذه الخطوة قد لا يتحقق وبالتالي لا تستفيد الحكومة شيئا من التحول للنظام النقدي. فالحكومة يمكنها أن توفر في الانفاق العام من خلال الاقلال من الانفاق المظهري والانفاق السيادي بحيث لا يتم الاقتراب من بند الأجور أو الدعم أو الانفاق الاستثماري باعتباره الطريق إلي التنمية. حوافز اقتصادية بينما يري د.عبدالمطلب عبدالحميد أستاذ الاقتصاد وعميد كلية التجارة بأكاديمية السادات سابقا أن الدعم النقدي هو الأفضل وذلك لعدة أسباب أولها أن هذا النوع من الدعم يتيح لأي اقتصاد أن يعمل وفقا لحسابات اقتصادية سليمة حيث يمكننا تحديد ثمن السلع في ظل العمل بالدعم النقدي وهو الأمر الذي يصعب تحديده في ظل الدعم العيني كما يؤدي الدعم النقدي إلي عمل وفرة في الموارد في ظل القضاء علي نسب الهدر المرتفعة التي تعاني منها السلع المدعومة في ظل الحسابات الاقتصادية السليمة ويساعد علي التخصيص الكفء للموارد كما يقضي علي التلاعب والتعدي الذي ينتشر في ظل العمل بنظام الدعم العيني اضافة إلي ايجاد حوافز في الاقتصاد نحو الاكتفاء الذاتي من السلع الاساسية بمعني أنه إذا تم تحرير السعر قد يساعد هذا التحرير علي ايجاد حوافز لدي المجتمع الأمر الذي يتبعه إنتاج هذه السلع بوفرة مما يعني زيادة المعروض فتستقر الأسعار بشكل أفضل وأخيرا يؤدي الدعم النقدي إلي عدالة التوزيع مع تقديم المزيد من الخدمات. ويطالب د.عبدالمطلب عبدالحميد بضرورة الالغاء الفوري للدعم العيني الذي يشوبه العديد من المساويء حيث يعمل علي تشويه الاسعار كما أنه يتسبب في ضياع نسبة كبيرة من الموارد إلي جانب سوء توزيع الدخل حيث يحصل الاغنياء علي نسبة أكبر من الدعم سواء المباشر أو غير المباشر في الوقت الذي يصعب فيه وصول الدعم لعدد كبير من مستحقيه بالاضافة إلي كونه يفسح المجال لتفشيي الفساد من خلال عمليات التسرب والمتاجرة التي تصل في النهاية إلي وصول الدعم لاشخاص لا يستحقونه مما يساعد علي تعميق الفجوة بين الغني والفقير. ويضيف العميد السابق لكلية التجارة بأكاديمية السادات أن الاستمرار في نظام الدعم العيني وعدم الاتجاه إلي الدعم النقدي قد يؤثر بصورة سلبية علي النمو الاقتصادي مشيرا إلي وجود آليات يمكن من خلالها تهيئة المجتمع للتحول من الدعم العيني إلي النقدي وهي أولا: تحديد المستحقين للدعم وفقا لنظم وآليات متفق عليها. ثانيا: تحضير مقدار التعويض النقدي اللازم. ثالثا: تحديد الفترة الزمنية للتحول من الدعم العيني إلي النقدي وعدم التسرع فالقضية لن تنتهي في يوم وليلة ومن ثم يجب أن نعطي لأنفسنا فرصة لا تقل عن عشر سنوات علي أن يتم في هذه الفترة التحول تدريجيا فيما يتعلق بالسلع حيث نعمل علي الغاء سلعة ثم تتبعها سلعة أخري ولتكن آخر سلعة هي "الخبز" حيث يمثل رغيف الخبز أهم هذه السلع وهذا من أجل مراعاة فكرة التوازن بين جرعات التضخم التي تحدث حيث يمكن القضاء عليها بصورة تدريجية من خلال العمل وفق استراتيجية التوازن ما بين العرض والطلب والاسعار.