بقدر الجدل الذي أثارته المعونة الأمريكية علي مدي عقود مضت، تباينت الآراء حول "الدوبلير" أو المبادرة المصرية المتمثلة في الغاء برنامج المساعدات الاقتصادية "المعونة" خلال عشر سنوات بداية من العام المالي 2009 واعادة هيكلتها في شكل "وديعة". يفتتح العالم اليوم "الأسبوعي" ملف هذه القضية ويناقش تطورها الأخير الذي لم يخرج حتي الآن أي رد فعل رسمي أمريكي علي المبادرة المصرية سواء من الإدارة أو الكونجرس باستثناء ما قالته فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي فإن هناك ردوداً مبدئية مشجعة وايجابية. ونحاول في هذا الملف الاجابة عن العديد من الأسئلة التي توجهنا بها إلي عدد من كبار رجال الأعمال وخاصة ما يتعلق بتأثير المشروع المصري المقترح علي نشاط القطاع الخاص في اطار برنامج الاستيراد السلعي الذي يتم في ظل المعونة الأمريكية، والأهم مدي تأثير ذلك علي العلاقات الاقتصادية الأمريكية. نبدأ مع أهم برامج المعونة الأمريكية لمصر، وهو برنامج الاستيراد السلعي الذي كان يعد المغذي الرئيسي لنشاط القطاع الخاص في الاستيراد من السوق الأمريكي، ووفقا لقراءته يري عمر الدريني عضو الغرفة الامريكية ان المشروع الجديد للمعونة لا يؤثر علي اعمال المستثمرين المصريين الذين كانوا يتعاملون مع المعونة في استيراد السلع والبضائع من الجانب الأمريكي وخاصة في الوقت الراهن ويبرز ذلك في أن استخدام المعونة في استيراد السلع كان يتم لوجود فارق في سعر الدولار بين السوقين الرسمي والموازي وهو ما لم يعد موجوداً بعد تحرير سعر الصرف ولم يعد يمثل فارق السعر أي مشكلة بالنسبة للمستوردين كما أن البنوك تقوم بعمل التسهيلات اللازمة التي كان من الصعب الحصول عليها في السابق. ويطالب عمر الدريني بالنظر إلي المصلحة العامة بعيداً عن مصلحة القطاع الخاص وخاصة أن أي قرار اقتصادي له تكلفته، مشيرا إلي أن المشروع الجديد سيتبعد القطاعات القديمة من الاستثمارات ويستبدل مكانها الاستثمار في الخدمات وخاصة البيئة والتعليم وسيفتح مجالات أخري بمعني ان هناك قطاعات ستهبط وأخري ستصعد، ونفي أن يكون للمشروع الجديد أي تأثير علي استثماراته في استيراد سلع أو تعامل مع المعونة بأشكال أخري. برنامج الاستيراد.. توقف ويوضح حامد فهمي عضو الغرفة الأمريكية.. بعداً آخر للقضية ويشير إلي ان برنامج الاستيراد السلعي والذي كان يتيح لبعض المستثمرين استيراد سلع من خلال المعونة الأمريكية قد توقف بعد ان انخفاض المعونة من 800 مليون دولار إلي 400 مليون دولار خلال العشر سنوات الأخيرة موضحا ايضا ان هناك برامج اخري توقفت بعد انخفاض معدل المعونة. واضاف حامد فهمي ان برنامج الاستيراد السلعي استفاد منه المستثمرون لمدة 20 عاما ولكنه لم يعد موجوداً ولن يتأثر بالتوجه الجديد. وبدوره يلفت مجدي عيسي نائب رئيس غرفة الحبوب السابق إلي أن مستوردي القمح الامريكي لن يتأثروا بالمشروع الجديد لان هيئة السلع التموينية هي التي كانت تقوم بالاستيراد من امريكا من خلال برنامج المعونة الامريكية وبالتعاون مع هيئة القمح الامريكي أما المستثمرون الذين يتعاملون في استيراد القمح الامريكي توفر لهم البنوك الاعتماد اللازم دون الحاجة إلي التعامل مع برنامج المعونة. وكما يشير عيسي فإن المشروع الجديد الذي يحول المعونة إلي وديعة تمكن هيئة السلع التموينية فقط من استيراد القمح بضمان الوديعة التي ستكون في بنوك أمريكية في حالة عدم تمكن الهيئة من توفير الاعتمادات في الوقت المناسب. التوقيت.. والظروف وفي الوقت الذي علقت فيه وزيرة التعاون الدولي فايزة ابو النجا علي رد الفعل المبدئي من الجانب الامريكي علي المشروع المصري لتطوير المعونة الأمريكية بأنه كان مشجعاً وايجابيا، تتباين ردود الفعل ذلك المشروع ومن جانبه يري عمر مهنا رئيس غرفة التجارة الامريكية بالقاهرة ان المشروع الذي تقدمت به مصر لتحويل المعونة إلي وديعة ينفق من عائدها علي مشروعات اقتصادية مهمة قد تمت دراسته بشكل عميق ودافي، مشيرا إلي أن المشروع الجديد في مصلحة القطاع الخاص وفي صالح العلاقات الاقتصادية بين الدولتين، مؤكدا انه في حالة موافقة الادارة الامريكية علي المشروع المصري فانه يعكس ثقة الامريكان في الادارة المصرية وهو ما يعطي انطباعات جيدة لدي المستثمرين الامريكان ويسهم في زيادتها خلال المرحلة المقبلة، ويلفت إلي ان وفد الغرفة الامريكية والذي كان يزور امريكا الاسبوع الماضي حقق نتائج ايجابية ومشجعة خاصة بعد اعلان فايزة ابو النجا عن مشروع اعادة هيكلة المساعدات الاقتصادية.