سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الاتحاد الأوروبي يطلق مبادرة جديدة للتعاون الاقتصادي لمعالجة فشل عملية برشلونة
4 دول أوروبية تمول خطة عمل للتعاون في الطاقة وإدارة الموارد البشرية والبنية التحتية
البحث عن شكل جديد لتحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي من شراكة سياسية اقتصادية واجتماعية بين دول شمال وجنوب المتوسط كان الهدف الذي سعي إليه الاتحاد الأوروبي بعد أن فشلت عملية برشلونة في تحقيق أهدافها رغم مرور أكثر من عشر سنوات علي تأسيسها. وكانت الركائز الاقتصادية التي هدفت اليها عملية برشلونة منذ انطلاقها تدور حول عقد اتفاقات للشراكة مع دول جنوب البحر المتوسط وإقامة منطقة تجارة حرة في موعد اقصاه 2010 والمساهمة في دعم تحرير اقتصادات دول جنوب المتوسط لتتواءم مع الاقتصاد العالمي الحر. ولكن كان الحصاد هزيلا لعدة أسباب فقد اشتعلت اوروبا بازدياد عدد الدول المنضمة للاتحاد من أوروبا الشرقية ووجهت اهتمامها سياسيا واقتصاديا الي تنمية تلك الدول اكثر من دول جنوب المتوسط كما فضحت الأرقام تدني حجم التعاون الاقتصادي فمن بين نسبة 9% للاستثمارات الأوروبية الخارجية لم تحظ دول جنوب المتوسط إلا ب1% فقط واستأثرت اسرائيل وحدها ب5.4% من نسبة ال1%. ومن الملاحظات ذات الدلالة ان اجمالي ما حصلت عليه دول جنوب المتوسط من إعانات وتسهيلات يوازي اجمالي ما حصلت عليه دولة واحدة في شرق أوروبا هي "بولندا". كما كان للأسباب السياسية أثر كبير في تعثر عملية برشلونة حيث فضلت أوروبا الجلوس في مقاعد المتفرجين في قضايا التسوية في الشرق الأوسط واتسمت حملة مواقفها من أحداث الصراع الفلسطيني بالمرونة لصالح اسرائيل. مجبر أخاك لا بطل وليس الاهتمام الأوروبي بمحاولة احياء عملية برشلونة أو البحث عن وريث جديد واطار جديد للشراكة ما بين دول شمال وجنوب المتوسط بمثابة "الشهامة" لمساعدة دول الجنوب فاوروبا مضطرة للتعامل من خلال هذه الشراكات مع جنوب المتوسط لأن أي حديث عن أمن واستقرار دول الشمال لا يستقيم دون الحديث عن أمن واستقرار الجنوب وتواجه الدول الأوروبية مشكلة الهجرة السرية من دول جنوب المتوسط باستمرار وهي تعلم ان استمرار المشكلات الاقتصادية واتساع رقعة الفقر في دول جنوب المتوسط ستدفع بعشرات الآلاف إلي الهجرة باتجاه الشمال. كما جاءت أحداث 11 سبتمبر لتعطي أولوية خاصة لمفاهيم التعاون الأمني ومكافحة الهجرة وتنمية وتحديث الجنوب والحوار الحضاري والتبادل الثقافي انطلاقا من قناعة أن منطقة جنوب المتوسط اصبحت معملا "لتفريخ" وتصدير الإرهابيين ومن ثم يجب العمل أولا من الجنوب. وتعد عملية برشلونة التي مازالت الإطار الرئيسي للتعاون الاوروبي المتوسطي في أبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية بهدف ضمن أهدافها الي احتواء الصراع العربي الإسرائيلي وإقامة منطقة التجارة الحرة بين دولها وتحقيق التنمية الشاملة في جنوب المتوسط بما يسيطر علي تدفقات الهجرة إلي الشمال. ومع الاعتراف بفشل عملية برشلونة وعجزها عن تحقيق نتائج ملموسة بدأ البحث عن مبادرات جديدة واشكال أخري لتحقيق هذه الأهداف جاء أبرزها مبادرة للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي بدأ أولي زياراته الخارجية الي دول المغرب العربي في محاولة دبلوماسية ذكية لدعم مشروع الاتحاد المتوسطي الذي يهدف الي قيام اتحاد او تجمع يربط بين 16 دولة في جنوب اوروبا والشرق الأوسط وشمال افريقيا لتكون تجمعا اقتصاديا وسياسيا يدخل في مهامه قضايا الأمن والتجارة والهجرة وعرض ساركوزي تقديم الخبرة الفرنسية في النشاط النووي السلمي لدول المتوسط مقابل الحصول علي احتياطيات الغاز من دول شمال افريقيا. وقد شاركت في المبادرة ضمن دول اوروبية هي فرنسا وايطاليا ومالطا والبرتغال واسبانيا وعلي الجانب الآخر شاركت كل من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا. ويحاول ساركوزي بهذه المبادرة تقديم بديل عن انضمام تركيا إلي الاتحاد الأوروبي ولعب دور أكبر في قضايا منطقة الشرق الأوسط خاصة رغبة ساركوزي في تعميق الصلات الفرنسية الأمريكية وتقديم مبادرات تتواءم مع السياسات الأمريكية في المنطقة ويتصور ساركوزي انه من خلال هذا التوازن الجديد يمكن لاتحاد المتوسط ان يتخطي العقبات التي واجهت عملية برشلونة وبالتعامل بفاعلية أكبر مع الصراع العربي الإسرائيلي.