بدأت المنطقة الاقتصادية الخاصة بشمال غرب خليج السويس كأحد المشروعات الكبري التي أطلقت في نهاية التسعينيات وسط صيحات من التهليل والآمال المفرطة بأن تحدث تلك المنطقة نقلة نوعية في الصناعة والاستثمار والصادرات. والآن وبعد مضي ما يقرب من تسع سنوات أصبحت هذه المنطقة تمثل علامة استفهام كبري! فهي شأن كل مشروع مصري يبدأ بضجة كبيرة وتوقعات أكبر ثم يسفر التنفيذ الفعلي عن بطء وتخبط في القرارات وفي أحسن الأحوال يأتي الانجاز غير متناسب مع حجم الوعود والتوقعات. وفي الوقت الذي لا يمكن لأحد أن ينكر التحركات الايجابية الأخيرة لدفع هذا المشروع الضخم يتطلب الأمر مراجعة كاملة لولادة ذلك المشروع المتعثرة ولعل أبسطها توزيع أرضه علي 4 شركات ثم العودة لاسترجاعها.. فضلاً عن عملية الترويج لها والتي لا يمكن مقارنتها بعمليات الترويج المتقنة لمنطقة مماثلة لا تبتعد عنها سوي كيلو مترات في العقبة بالأردن. ورغم صدور القانون 83 لسنة 2002 للمناطق الاقتصادية الخاصة والذي ينظم العمل في منطقة شمال غرب خليج السويس إلا ان القانون وحده لا يضمن التنمية، حيث كان اعداد المنطقة وتخطيطها لكي يكون لها موقع علي خريطة الاستثمار العالمي هو العنصر الذي غاب عن الجميع. وعلي مدار عمر منطقة شمال غرب خليج السويس استمرت شكاوي المستثمرين هناك حول عدة محاور رئيسية لا تجد حلولا حقيقية، ويأتي علي رأسها عدم اكتمال مرافق البنية الأساسية من مياه وصرف صحي ويؤكد المستثمرون هناك أن الاحتياجات الصناعية علي وجه الخصوص تتطلب محطات مياه، بمواصفات محددة، كما تفتقد المنطقة لمحطات الصرف الصناعي التي تربط وحدات المعالجة في كل مشروع. وينتقد المستثمرون - وفضلوا عدم ذكر أسمائهم والأسباب لا تخفي علي أحد - عدم وجود مدن سكنية بالمنطقة في اطار منظومة من الخدمات المتكاملة لتحقيق الاستقرار للعاملين بالمنطقة والتي نجد أن عمالتها إما من أبناء السويس الذين يسكنون علي بعد 55 كم من المنطقة أو من أبناء القاهرة والذين يسكنون علي بعد 130 كم من عملهم. وتكتمل المأساة بافتقاد المنطقة لمدرسة أو مستشفي.. فكيف تصبح المنطقة جاذبة للعمال الذين يبحثون عن الاستقرار في مجتمع جديد متكامل؟ أما انقطاع الكهرباء وعدم توافر خدمة لشبكات الانترنت فكان مساراً لشكوي العديد من الشركات العاملة بالمنطقة. وتمثل مشكلة ارتفاع رسوم قناة السويس تهديدا للميزة التنافسية للمنطقة وكما يوضح أحد المستثمرين فهناك نسبة كبيرة من التجارة مع أوروبا تتم عن طريق قناة السويس وهذا يمثل مزيدا من الاعباء التي يتحملها المستثمرون لجلب مستلزمات الانتاج وتصدير انتاجهم ويضيف المستثمر: ان نقل المصنع من منطقة شمال خليج السويس إلي بورسعيد مثلا يوفر عدة ملايين من الجنيهات سنويا. كما ينتقد المستثمرون الصينيون هناك مشكلة الروتين ويبدو أنها ذهبت ايضا لمنطقة شمال غرب خليج السويس وقالوا إن التصديق علي أي طلب للشركات يستغرق أكثر من شهر. ويبدو أنه رغم الوعود والكلام فإن المشاكل ظلت كما هي لدرجة أن اللواء سيف الدين جلال محافظ السويس طالب الاسبوع الماضي خلال ورشة العمل التي شهدها وزير الاستثمار ورئيس الهيئة العامة للاستثمار بعمل لجنة وزارية لمتابعة تنمية المنطقة. ولا يمكن مع كل ذلك انكار أن الحكومة قامت بجهود معقولة لدعم الاستثمار في المنطقة حيث تم انشاء ميناء العين السخنة الجديدة وتوفير الطرق فتم انشاء الطريق السريع القاهرة/العين السخنة وأخيراً ومنذ شهور تم حل مشكلة المياه في المنطقة وتم انشاء خطة سكة حديد يمر بالمنطقة إلي الميناء وتم انشاء محطة غاز طبيعي لخدمة المناطق الصناعية هناك كذلك تم انشاء محطة كهرباء فرنسية بنظام BOT ، كما ان هناك محاولات كما قال اللواء سيف جلال محافظ السويس لحل مشكلة الصرف الصحي عن طريق تمويله بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.