تزايد السكان في مصر يمثل مشكلة خطيرة للغاية لأنه يسبب ضغطا شديدا علي الموارد وعلي خطط التنمية ويؤدي إلي ضعف مردود محاولات تحسين مستوي المعيشة وتصبح الحكومة، أية حكومة، وكأنها تنفخ في قربة مقطوعة لا تمتلئ أبدا بالهواء. يحدث ذلك في الوقت الذي لاتزال فيه سياسات الدولة بصفة عامة تلتزم برعاية محدودي الدخل وزيادة أرقام الدعم في الموازنة لتحقيق هذا الهدف، ولكن ومع الزيادة المطردة تزداد صعوبة الموقف بدءا من طوابير طويلة للحصول علي ألبان الاطفال إلي طوابير الحصول علي الخبز المدعم. والسؤال البديهي الان هو أين تذهب كل هذه الزيادة السكانية بما تعنيه من ازدحام خانق، لاحظ شوارع المدن المصرية في العاصمة القاهرة أو اسكندرية أو طنطا أو مدن الصعيد باتت تعاني من ازمة مرور وتحولت الشوارع إلي جراجات. أين يذهب الناس ولم تعد هناك فرصة لإقامة مساكن جديدة بتكاليف يستطيع الناس احتمالها بعد أن لمس الغلاء كل شيء بعصاه السحرية. والزيادة السكانية تلقي بصفة عامة بظلالها الكثيفة علي خطط التنمية وتجعل من العسير تدبير حياة كريمة لكل الناس واتاحة الفرصة لهم في ظل سياسة حماية محدودي الدخل. والأمل الباقي هو استخدام الزيادة السكانية في اعتماد نظام عام يسمح بالاستفادة من الزيادة السكانية لتكون عنصرا نافعا بدلا من الاضرار التي تسببها. واعتقد أن هذه المهمة سياسية بالدرجة الاولي ترتبط بمجهود الجماعة السياسية باختلاف توجهاتها المؤيدة أو المعارضة بحيث يمكن الاتفاق علي برنامج يحفز المواطنين علي احترام قيمة العمل الحقيقي مقابل الاجر الحقيقي، في هذه الحالة ستكون لدينا قيمة مضافة من العمل تزيد بزيادة السكان، ولا تتأثر سلبيا بهذه الزيادة. سياسات ايجاد فرص عمل جديدة ينبغي أن تلتزم المعايير العلمية وحقوق العمال واصحاب رءوس الاموال يجب أن تكون واحضة تماما ولا تخضع للمزايدات السياسية، وإلا سنظل ندور في حلقة مفرغة، لدينا زيادة في عدد الافواه المطالبة بالطعام دون عمل أو مجهود لإنتاجه وفي نفس الوقت فرصة انتاج هذا الطعام محدودة، والنتيجة صدام مروع قد يتأجل بعض الوقت، ولكن حتما يقع إذا لم يتم حل اللغز بطريقة صحيحة. واعتقد أن دراسة جادة لظروف العمل وشروطه ومراجعة العلاقات المختلفة في هذا الشأن باتت مسألة جوهرية بحيث يصبح الاجر الذي يتقاضاه أي عامل بالمعني الواسع لهذه الكلمة يمثل جزءا من انتاجه.. وهذا هو معني النمو الحقيقي. أما النظر إلي الاجر علي أنه "حق اجتماعي" وليس جزءا من الانتاجية فإنه في الواقع هو الذي أفسد العلاقات في المجتمع وجعلنا الان نصرخ ألما مع كل زيادة في السكان لزيادة الضغط علي الموارد المحدودة، وفي الواقع فإن الموارد ليست محدودة ولكن استخدامها هو الخاطئ.