مائة عام.. قرن كامل من الزمان مر علي تصوير أول مشاهد سينمائية محلية بمدينة الإسكندرية وكانت لوقائع زيارة الخديوي عباس حلمي الثاني للمعهد العلمي في مسجد "أبي العباس المرسي".. مائة عام كانت السينما المصرية منذ بدء نشاطها في 20 يونية 1907 رسالة تنوير وتنمية لمصر وعالمنا العربي، وصرخة قوية ضد قوي الظلام والتخلف والإرهاب.. وضد الفساد المؤسسي والمالي والاقتصادي والإداري وقد تمكنت هذه الصناعة بفعل عوامل كثيرة - كما يشير الخبراء - من تحقيق قفزة كبيرة دفعت بها إلي الصدارة طوال سنين طويلة.. لكنها للأسف الشديد تواجه حاليا تحديات ضخمة وعديدة من أهمها غياب معظم النجوم الكبار عن الساحة الفنية وضعف الامكانات المادية وعدم تنشيط التسويق الداخلي والخارجي، وقلة المعامل وكاميرات التصوير الحديثة ودور العرض التي مازالت تدور حول رقم ال250 دار عرض.. وعدم تهيئة المناخ من الدولة للإنتاج السينمائي الكبير. الخبراء يتساءلون كيف نهدر خبرات وامكانات وطاقات نجوم كبار مثل: محمود ياسين ونبيلة عبيد وإلهام شاهين وبوسي ويسرا وفاروق الفيشاوي وحسين فهمي ونور الشريف ومرفت أمين التي عادت أخيرا في عمل مهم هو "مرجان أحمد مرجان". كل هؤلاء النجوم يجب أن يعودوا للسينما ليعيدوا مجدها القديم وليقدموا أعمالا مثل تلك التي يقدمها الفنان عادل إمام، وليساهموا في تنمية الوعي بكل أشكاله.. الوعي السياسي والاجتماعي والإنساني وليصنعوا الاستنارة التي صنعوها في الماضي. يجب أن نتعلم من السينما العالمية - كما يقول خبراء صناعة السينما - التي تعرف جيدا كيف تستثمر خبرات نجومها الكبار؟ وكيف توظف طاقاتهم من خلال أعمال جادة تتناسب مع مختلف الأعمار؟ من المسئول؟ وهنا يطرح تساؤل مهم.. علي من تقع المسئولية فيما يحدث هل هم الكتاب الجدد الذين يحرصون علي الكتابة ل"سعد وهنيدي ومي عز الدين" ورفاقهم من جيل الشباب؟ أم شركات الإنتاج التي لم تعد تهتم بجيل الكبار؟ أم البطالة التي يعيشها المخرجون الكبار حاليا أم غياب دور الدولة ودعم وزارة الثقافة. عندما سألنا الفنان القدير محمود ياسين لماذا لا يساهم الفنانون الكبار في النهوض بصناعة السينما من جديد وفي تقديم أفلام تسهم في إنتاج الوعي والاستنارة التي ستنعكس بدورها علي التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية؟ قال: السينما فن الشباب في مجال التمثيل والتأليف والإخراج والذي ينهض بها بشكل أساسي هم الشباب وقد قدمت في شبابي أكثر من 160 فيلما في وجود كل نجوم مصر مثل رشدي أباظة وأحمد مظهر وغيرهما ولم يعلنوا الحرب علينا وتركوا لنا الفرصة بشكل كامل ونجحنا وكان هناك مكان لكل ممثل من الأعمار الكبيرة والمتوسطة. يضيف: كانت السينما تناقش قضايا عديدة سياسية واقتصادية واجتماعية وقضايا تتعلق برجال الأعمال والمرأة والتنمية السياسية والزيادة السكانية.. ولا تنسي أن السينما التي نحتفل بعيدها المئوي الآن قدمت أفلاما عظيمة مثل الأرض والمومياء وبداية ونهاية وسواق الاتوبيس وباب الحديد وزوجة رجل مهم والإرهاب والكباب.. ولا تنسي أيضا الفيلم الرائع "أفواه وأرانب" الذي ناقش بموضوعية قضايا الفقر وزيادة النسل وعلاقة الطبقات الفقيرة بالطبقات الغنية والظلم الذي تتعرض له المرأة الريفية الفقيرة. قضايا التنمية لقد أسهمت السينما المصرية - كما يقول الفنان محمود ياسين - منذ أن بدأت في 20 يونية 1907 في قضايا التنمية بكل أشكالها سواء أكانت تنمية سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية ومازالت حتي الآن تقوم بهذا الدور من خلال أعمال جادة مثل عمارة يعقوبيان ودم الغزال وخيانة مشروعة وغير ذلك الكثير. وعندما سألنا عن دور الدولة ووزارة الثقافة في دعم هذه الصناعة قال الفنان القدير محمود ياسين: أعلنت وزارة الثقافة عن دعمها لعدد من الأفلام المختارة بعناية بمبلغ عشرين مليون جنيه وهو رقم للأسف ضئيل للغاية لأن الفيلم الواحد الآن يكلف أكثر من هذا المبلغ لكن علي أي حال هذا توجه طيب من جانب الدولة. إن هذا لا يعني أنني من أنصار عودة دور الدولة - والكلام ل محمود ياسين - لمجال الإنتاج السينمائي مرة أخري فاقتصاديات السوق لن تسمح بذلك والإنتاج السينمائي يجب أن يكون حرا تماما والدولة في المقام الأول يجب أن تهتم بتهيئة المناخ وتشجيع الإنتاج بأشكال مختلفة وتيسير مسألة التوسع في انشاء دور العرض المهم تهيئة المناخ وعدم وضع عراقيل واعتقد أن دور الدولة مهم في هذا الإطار.