يتوقع أن تعلن الشركات الأمريكية الدفاعية عن تحقيق أرباح قوية خلال الربع الحالي خصوصا شركة "لوكهيد مارتن" التي استحوذت علي نسبة كبيرة من عقود البنتاجون، ولاتزال هي الأكثر تفضيلا من جانب وزارة الدفاع الأمريكية. وفي الأسابيع القليلة الماضية كانت هناك أجواء ضبابية تلوح في الأفق. فقد بزغت المشكلة الأولي في مشروعين لبناء قطع بحرية حربية لسلاح البحرية الأمريكية وهو مشروع رصد له 12 مليار دولار لسفن مقاتلة ساحلية والاَخر برنامج بقية 24 مليار دولار لتحسين قدرات خفر السواحل الأمريكية في المياه العميقة بعدما ترددت تكهنات حول قدرة الشركات الدفاعية الأمريكية علي تحقيق أرباح في مثل هذه المشروعات. وبمعني اَخر كانت هناك نظرة غير إيجابية لأوجه الإنفاق الدفاعي وفقا لما أشار إليه مصرف "ليمان برازرز" الاستثماري. ومن المعروف أن الشركات الدفاعية الأمريكية لاتزال تحقق أرباحا.. فمن شروط التمويل التي وضعت في أعقاب الحرب الباردة عندما تصارع عدد ليس بمحدود من هذه الشركات علي الميزانية التي كانت قد تعرضت بالفعل للتخفيض وكان هدف الحكومة هو الإبقاء علي هذه الشركات. وفي إعلان جديد لجيم ماكنري الرئيس التنفيذي لبوينج ثاني أكبر مورد للبنتاجون بعد لوكهيد قال إنه ناك دائما حاجة إلي تحقيق التوازن في حالة ما إذا كان الهدف هو الإبقاء علي الصناعات الدفاعية في وضعية صحية.. إلا أن القلق الحالي يعود بالتأكيد إلي الشد والجذب بين البنتاجون والكونجرس بوضعه الجديد الذي يسيطر فيه الديمقراطيون علي مجلسيه الشيوخ والنواب للمرة الأولي. فمن الصعب أن يوافق الديمقراطيون علي زيادة ميزانية الدفاع كما يطالب الرئيس الأمريكي بوش الذي قام بدوره بالتصويت بالفيتو ضد قرار الكونجرس بعدم الموافقة علي زيادة ميزانية الدفاع بما يزيد علي 100 مليار دولار، أو بمنح بوش صلاحيات مطلقة في هذا المجال.. ومع تسارع الوقت والاقتراب من موعد الانتخابات الرئاسية سيزداد بالقطع الصراع ضراوة. وبصرف النظر عما قد تبديه هذه المشروعات من عدم الارتباط بالحرب علي العراق إلا أن مبدأ مجلس الشيوخ والنواب واضح وهو رفض الحرب من جانب ورفض زيادة الإنفاق علي التسليح الدفاعي تحت أي مسميات. وقد عانت الشركات الدفاعية سواء في الولاياتالمتحدة أو المملكة المتحدة ثاني أكبر دولة تقوم بالإنفاق علي التسليح من عقود ما يعرف بالعقود ثابتة الأسعار في نهاية الثمانينيات وهي العقود التي سرعان ما ألغيت. ولكن في حالة العودة إلي مثل هذه العقود محددة الأسعار فسوف يمثل ذلك قضية كبيرة لكل الشركات الدفاعية الأمريكية رغم أن بعض الخبراء في هذا المجال يرون أن الوضع ليس سيئا كما يبدو. ويرون أن الحكومة ستنظر إلي هذه العقود وفقا لكل برنامج فمبلغ ال 12 مليار دولار المرصود لمشروع السفن الهجومية الساحلية الهدف منه توفير ما يزيد علي 60 قطعة حربية مصممة لمهاجمة العدو علي خطوطه الساحلية. وبعد الإنفاق المفرط من جانب لوكهيد لتصميم نموذج للسفن المهاجمة حاولت البحرية إقناع لوكهيد بقبول عقد ثابت القيمة لبناء نموذج سفينة ثانية.. ورفضت لوكهيد ورحب المستثمرون برد فعلها، وردت أن الزيادة المفرطة في ميزانية الإنتاج كان بسبب كثرة التعديلات التي طلبت البحرية الأمريكية نفسها إدخالها عليها. أما مشروع بوينج المستقبلي وهو بقيمة 200 مليار دولار لإنشاء نظام دفاعي متطور لتزويد القوات الأمريكية المهاجمة به يبين إلي أي مدي يمكن أن تتصاعد التكاليف مهما حاولت الشركة المسئولة عن المشروع الالتزام ببنود الإنفاق والجدول الزمني.. إلا أن السؤال الأكثر إلحاحا هو إلي أي مدي سيؤول مصير الشركات الدفاعية خصوصا الكبري منها التي تتولي مشروعات بمئات المليارات من الدولارات في حالة وصول رئيس ديمقراطي إلي السلطة؟ وما مصير هذه البرامج الكبري التي تتولاها شركات مثل لوكهيد ونورثروب جرومان وغيرها؟ ووفقا لتقديرات الربع الأول من عام 2007 يصل حجم عقود وزارة الدفاع الأمريكية إلي حوالي تريليون و250 مليار دولار يخصص لأسلحة الجيش منها باستثناء البحرية والقوات الجوية حوالي 350 مليار دولار مقابل حوالي 590 مليار دولار للبحرية وحوالي 250 مليار دولار للقوات الجوية فهل سيقبل الديمقراطيون استمرار هذا الإنفاق المرعب الذي يستهلك أكثر من نصفه بكثير في العراق وأفغانستان فقط؟ سؤال يصعب التكهن بإجابته وربما يفتح النار لصراع عنيف بين الصناعات الدفاعية والإدارة الأمريكيةالجديدة التي علي ما يبدو أنها واثقة من وصولها للسلطة بل تتعامل كما لو بلغتها بالفعل.