عن التعليم والبحث العلمي التقينا هنا عزيزي القارئ عدة مرات.. ولو كان الأمر بيدي لجعلت هذا اللقاء فرض عين علينا جميعا في هذا الوطن الحبيب.. ونعاود اليوم اللقاء بمناسبة تلك الندوة الرائعة التي عقدت في مكتبة الإسكندرية حول "الشفافية ومحاربة الفساد في قطاع التعليم" والتي دارت حول أربعة محاور هي:- * مكافحة الفساد في التعليم. * الكتاب والمواد التعليمية. * المحتوي والمناهج الدراسية. * الدروس الخصوصية. وقد عقد اللقاء علي شكل ورشة عمل ونظمها منتدي الإصلاح العربي بالمشاركة مع المجلس القومي لحقوق الإنسان.. والتحالف المصري للشفافية ومكافحة الفساد أمل وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي.. وحضرها كل من: وزير التعليم العالي ووزير التربية والتعليم ومحافظ الثغر وكوكبة من المشاركين. ولابد هنا في البداية أن نسجل لمكتبة الإسكندرية بقيادة الإنسان الجميل والعالم الرائع د. إسماعيل سراج الدين.. كل الاحترام والتقدير علي الاحتفاظ لتلك المكتبة بأن تظل منارة للفكر والرأي والتنوير. تلك كانت المناسبة ولكنها ليست الموضوع والإيضاح لأن بعض الصحف قد تناولت هذه الورشة أو تلك الندوة بالتعليق والتعقيب والعرض وان كان هنا التناول من وجهة نظرنا يحتاج إلي مزيد من التركيز وإلقاء الضوء حيث نري في موضوع الندوة وفيما يصدر عن مكتبة الإسكندرية بشكل عام أهمية خاصة لما تتصف به من عمق ومعاصرة. وقد انتهز هذه الفرصة لأتوجه إلي د. إسماعيل سراج الدين برجاء أن يتم طبع تلك الندوات وتوزيعها علي أوسع نطاق سواء علي شكل كتيبات أو اسطوانات أو غيرها من وسائل النشر إذا لم يكن ذلك يتم فعلاً. إذا كانت تلك هي المناسبة التي استدعت إلي العقل والذهن والقلب والوجدان موضوع التعليم وهو موضوع لو تعلمون عظيم.. فإن الموضوع الذي نتواصل حوله ونود طرحه علينا جميعا يتعلق بما يمكن أن نطلق عليه خارطة الطريق في قضية التعليم.. ذلك أن الدراسات والمؤتمرات واللقاءات والرؤي والاتجاهات قد تعددت وتنوعت في مجال التعليم كقضية أمن قومي باتفاق الآراء ولكن الإشكالية الكبري كما نراها هي في غياب آلية فعالة تستوعب تلك القضية من مختلف جوانبها وجميع محاورها تشريعية كانت أم اقتصادية أم سياسية أو اجتماعية لكي تصبح الاصلاحات في هذا المجال ليست مجرد اماني تداعب العقل والخيال حول جودة التعليم وانه السبيل الوحيد للنهضة والتقدم إلي غير ذلك من المقولات الكبري الذي لا خلاف بشأنها ولكن المشكلة دوما وأبدا هي في كيفية تحقيقها علي أرض الواقع.. من هنا كانت دعوتنا إلي ما يعرف بخارطة الطريق في مجال التعليم والتي تستند إلي أربعة أبعاد أساسية علي النحو التالي:- أولاً:- تحديد نقطة البدء.. من أين نبدأ؟ من المعلم أم من المنهج أم من المحتوي أم من المدرسة أم من نظم التشغيل والحوافز والأجور أم نتعامل مع هذا كله علي التوازي وليس التتابع. ثانياً:- تحديد المعايير أو المرجعيات أو القواعد الحاكمة بالنسبة لكل عنصر من العناصر السابقة ليكون واضحا وجود إيجابيات محددة علي الأسئلة التالية:- 1 المعلم ماذا نريد منه وماذا نريد له؟ 2 المنهج ماذا نبغي من خلاله وماذا نريد له؟ 3 المحتوي المعرفي الذي يشكل مادة التعليم وموضوعه.. كيف نراه؟ وكيف نحقق له العمق والفاعلية والبساطة والجاذبية في آن واحد.. والمسألة هنا لا تتطلب اختراع العجلة ولكن الدنيا وضعت له آفاقا ودروبا أصبحت معروفة ومدروسة. 4 المدرسة مدرسة المستقبل كيف نراها وما الحلم الذي يراودنا بشأنها؟ وكيف السبيل إلي تحقيقها.. والرؤي هنا متعددة والآليات متباينة والبدائل لا حصر لها. 5 كيف ندير العملية التعليمية التي نسعي إلي تطويرها هل من خلال ناظر المدرسة أم عميد الكلية أم مجالس الأقسام في الجامعات أم مجالس الكليات أم مجالس الجامعات أم مجلس الأمناء.. وكيف نحقق في ذلك كله التكامل والتناغم وليس العناد والتصادم.. إن إدارة العملية التعليمية جزء جوهري ومطلب أساسي لتحقيق جودة التعليم ودائما تكون مشكلاتنا في الإدارة.. ويرتبط بذلك ما يمكن أن نطلق عليه ديمقراطية التعليم هل ستكون الآلية هنا علي سبيل المثال انتخاب العمداء أم تعيينهم وانتخاب رؤساء الجامعات أم ترك الأمر لترشيح الوزير والتعيين ونحن هنا لا نصمم علي نمط معين أو ننحاز لطريقة بعينها ولكننا نريد أن نهتدي ويهتدي معنا الجميع للأسلوب الذي يصلح لنا ويلائم ظروفنا ويحقق النفع للعباد والبلاد. ثالثاً:- تحديد أسلوب أو طريقة التنفيذ ذلك أنه بعد تحديد نقطة البدء أو نقاطه والمرجعيات أو المعايير التي يجب أن تضبط وتحكم التنفيذ تأتي عملية التنفيذ ذاته وما تتطلب من آليات وتطرح هنا عدة أسئلة حاكمة فيما يتعلق بالمركزية واللامركزية في التنفيذ وفيما يتعلق بدور المحليات وغيرها من العناصر التي يجب طرحها والوصول إلي كلمة سواء بشأنها. رابعاً:- المتابعة والتقييم.. وتلك أيها السادة هي الداء والدواء وهي بيت القصيد وهي ما ينقصنا في كثير من أمورنا فنحن نتحمس لغاية ما أو لتحقيق أهداف معينة أو إنجاز طموحات محددة ونقيم الدنيا ولا نقعدها في سبيل ذلك.. كم أقمنا من موالد واحتفالات وأقمنا الشوادر والأفراح للثورة الإدارية والإدارة بالأهداف وغيرها من الطموحات الكبري التي لم يبق منها سوي الذكري والحنين. القضية هنا أيها السادة قضية متابعة ومثابرة وتقييم مستمر لا يعترف بالتوقف ولا يغيب عن التطبيق ويكون محل مساءلة ومحاسبة فأي عمل لا يتابع وأي هدف لا يتم تقييم مدي تحققه مصيره الضياع وأن يصبح سراباً يحسبه الظمآن ماء حتي إذا أتاه لا يجده.