سامي حداد ممثل البنك الدولي السابق بالقاهرة ووزير تجارة لبنان:

مصر "تغيرت".. وتحرير الاقتصاد يسير نحو الأفضل

يعد سامي حداد وزير التجارة اللبناني شخصية اقتصادية قديرة قبل أن يكون عضوا في الحكومة اللبنانية وسبق له في ذلك الاطار أن شغل منصب ممثل البنك الدولي لدي مصر. التقت الاسبوعي بالوزير اللبناني خلال زيارته القصيرة قبل أيام للقاهرة وأكد في الحوار أن مصر اختلفت تماما من النواحي الاقتصادية هذه الأيام عما كانت عليه خلال عمله في البنك الدولي بالقاهرة وقال: زاد التحرير الاقتصادي وأصبحت الأوضاع الاقتصادية أفضل كما أوضح أن الاستثمار في مصر مازالت له خصوصيته وخاصة في قطاعي الصناعة والزراعة الذي يعد الأفضل مقارنة بدبي.
وفيما يلي نص الحوار حول هذه القضية وعدد من القضايا الأخري.
* توليت مهام ممثل البنك الدولي في مصر خلال الفترة من عام 1999 حتي 2005 ما التغيير الذي طرأ علي المناخ الاقتصادي في مصر حتي الآن؟
** التغير ممتاز ونجد الآن أن حركة الاستثمار أصبحت كبيرة جدا واللافت للنظر أنها قادمة من مختلف البلدان العربية والأجنبية وذلك اضافة إلي النشاط الملحوظ للاستثمار المحلي وهذا بالتأكيد يرجع لنشاط الحكومة الحالية في تطوير مناخ الاستثمار والتحفيز علي العمل.
* عندما كنت تشغل هذا المنصب ما الملاحظات التي كان يبديها البنك الدولي علي أداء الاقتصاد المصري؟
** أعتقد أن هذه الملاحظات بدأت في التراجع حيث نجد الآن نشاطا ملحوظا في التحرر الاقتصادي وبدا واضحا في خصخصة نشاط البنوك وفتح مجال أوسع للقطاع الخاص وكذلك النشاط الصناعي ومن شأن هذا التحرر أن يدعم الاقتصاد ويزيد من معدلات النمو كما يزيد أيضا من فرص العمل لأن القطاع الخاص لديه الكفاءة في الادارة عن القطاع العام والتغيير الذي شهدته هذه الفترة كان جذريا.
* دعنا ننتقل إلي قضية أخري.. كيف تفسير وجود التحسن الاقتصادي المصري وعدم حدوث طفرة في الصادرات ومنها علي سبيل المثال عدم زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر ولبنان؟
** مصر تعد أهم مصدر إلي لبنان من العالم العربي بعد السعودية وإذا كانت الصادرات اللبنانية لمصر ضعيفة إلا أن صادرات مصر تتمثل في مجالات مختلفة زراعية وأيضا صناعية يقدر إجماليها ب300 مليون دولار ولم تتأثر بظروف الحرب الأخيرة.
* لكن هذا الرقم لا يرقي لمستوي التحسن الاقتصادي الذي ذكرته أو العلاقات بين البلدين؟
** النشاط الاقتصادي في مصر كبير بالطبع ويمكن أن يصدر منتجات أكثر ولكن الاقتصاد اللبناني صغير و300 مليون تقدر بنحو 5% من واردات لبنان وليس المهم التبادل التجاري لأن هناك أيضا الاستثمار بين البلدين حيث يوجد العديد من المستثمرين اللبنانيين الذين يعملون في مصر اضافة إلي حركة السياحة اللبنانية الوافدة إلي مصر التي تتزايد لأن العلاقات الاقتصادية لا تقتصر فقط علي التبادل التجاري.
* وفي رأيك لماذا لا يزيد حجم التجارة البينية بين الدول العربية علي 10% من حجم التجارة العالمي؟
** السبب يتمثل في تشابه الكثير من المنتجات في الدول العربية وخاصة الزراعية والبترولية وبالتالي نجد أن المنتجات التصديرية تتشابه ولا تتكامل ويرجع السبب الثاني للبيرقراطية وأخيرا اننا نجد في كل الدول وليس العالم العربي فقط جماعات تعارض الانفتاح الاقتصادي والتجاري لأن هذا التوجه يسبب لها الخسائر.
* ورغم ذلك هناك الكثير من الدول العربية التي لجأت للشراكة مع الاسواق الخارجية هل هذا يعني أن السوق الخارجي أفضل؟
** هناك دول عربية لديها اهتمام أكبر بالانفتاح علي العالم الخارجي وهناك دول لديها اتجاه محافظ ولكن الواضح أن العالم أصبح صغيرا ولا يمكن احداث نمو في أي اقتصاد بالاعتماد علي السوق المحلي فقط
* الملاحظ أن الاستثمار اللبناني في مصر ليس بالصورة المطلوبة؟
** السنة الماضية شهدت استثمارات لبنانية ضخمة يشمل ذلك مجال البنوك وتمثل في بنك عودة وبنك لبنان المهجر وهو ما يحدث لأول مرة في تاريخ العلاقات المصرية اللبنانية وبأرقام كبيرة كما أن هناك أيضا استثمارا لبنانيا في القطاع العقاري أو السياحي وتوجد شركة لصناعة السيراميك موجودة منذ فترة (ليسكو) لها استثمارات كبيرة وشركة أخري لصناعة الزيتون وأري أن هذه الاستثمارات مقارنة بحجم لبنان مناسبا وعالا جدا.
* وكيف يرصد المستثمرون اللبنانيون في رأيك ما يحدث في مصر من تحسين مناخ الاستثمار؟
** الصورة التي يدركها المستثمر اللبناني أن السوق المصري الآن أصبح مفتوحا بشكل أفضل ومجالات الاستثمار فيه متعددة وبعيدة عن أي تعقيدات سواء للاستثمار العربي أو الاجنبي وهذا واضح من تجارب القطاع الخاص المصري الناجحة.
* هناك دول في المنطقة تتنافس علي جذب المستثمرين وتقدم جميع التسهيلات لهم مثل دبي.. كيف تري المنافسة بين مصر وباقي دول المنطقة؟
** مازالت مصر لها خصوصيتها وأعتقد أن من يفضل الاستثمار الصناعي أو الزراعي لن يجد أفضل من مصر لما لها من ميزات نسبية سواء من حيث السوق الضخم.. والعمالة.. وغيرها وأري في نفس الوقت أن دبي مهمة ولكن في قطاعات أخري.. وأعتقد أنه لا مجال للمنافسة.
* لبنان دولة نجحت في تجارة الخدمات بشكل كبير ومازلنا علي بداية الطريق للدخول في هذا المجال ما هي الدروس التي يمكن أن تستفيد بها مصر من هذه التجربة؟
** أهم عنصر لنجاح تجارة الخدمات هو العنصر البشري والكفاءة في التعليم واجادة اللغات ويأتي بعد ذلك الادارة والتنظيم ويعد القطاع الخاص لدينا هو العامل الرئيسي في نجاح نشاط الخدمات وأهم ما يميز هذه التجارة أنها تستوعب فرصة عمل كبيرة وبافتراض استثمارنا مليون دولار في صناعة ثقيلة أو في قطاع خدمات سنجد أن الأخير سيوفر مئات فرص عمل أكثر من القطاع الصناعي يهمني الاشارة إلي أن من أساسيات النجاح في مجال الخدمات تحرير وانفتاح السوق وأعتقد أن مصر شهدت تقدما ملحوظا خلال السنوات العشر الأخيرة في هذا المجال وإذا نظرنا للسياحة نجد أن هناك العديد من فرص العمل التي وفرتها وكذلك قطاع الخدمات المالية البنوك، البورصة الذي ساهم بشكل كبير في معدل النمو الاقتصادي وينطبق نفس الشيء علي الاستثمارات في مجال التعليم بمصر وأتذكر أن لدينا مستثمرا لبنانيا بدأ في اقتحام هذا المجال بعمل مدارس دولية تقدم تعليما رفيع المستوي وناجحة الخدمات وهي ضرورية لأي اقتصاد.