كان توني فيرنانديز يبدو دائما مزهوا بنفسه ولكنه الاَن في سن الثانية والأربعين أصبح يستحق هذا الزهو حيث استطاع في السنوات الخمس الأخيرة أن يطور رحلات الطيران في جنوب شرق اَسيا وإذا نجحت مغامرته الأخيرة فسوف يطور رحلات الطيران ويهز صناعة الطيران المدني في العالم كله. فمنذ أيام وفي بداية العام الجديد أعلن فيرنانديز إنشاء شركة طيران جديدة هي إير اَسيا إكس كشركة شقيقة لشركة إير اَسيا التي يوجد مقرها الرئيسي في ماليزيا.. وهدف الشركة الجديدة القيام برحلات جوية رخيصة الثمن عبر القارات. وتقول مجلة "نيوزويك" إن فيرنانديز يمد نشاط شركات الرحلات الجوية الرخيصة من الرحلات القصيرة داخل البلد الواحد أو القارة الواحدة إلي الرحلات الطويلة فيما بين القارات، وستعمل طائرات شركته الجديدة فيما بين أوروبا إلي الصين ثم ماليزيا وبالعكس.. ويقول الرجل إنه ظل طوال الثمانية عشر شهرا الأخيرة يستكشف إمكانية تطبيق قواعد الرحلات الجوية القصيرة رخيصة الثمن علي الرحلات الجوية الطويلة وأنه وجد ذلك ممكنا. وتخطط إير اَسيا إكس للقيام برحلات بين كوالالمبور وبريطانيا في يوليو القادم يبدأ سعر تذكرتها عند 80 دولارا للرحلة.. كذلك تخطط الشركة لرحلات تربط اَسيا بأوروبا وكذلك بأمريكا الشمالية.. والحقيقة أن إير اَسيا إكس ليست هي أول شركة رحلات جوية رخيصة تعمل علي الخطوط الطويلة. ففي أكتوبر الماضي قامت شركة أواسيز هونج كونج إيرلاينز بافتتاح خط يومي يعمل بين لندن وهونج كونج وخلال أعياد الميلاد كان سعر التذكرة بين المدينتين والعودة 300 دولار فقط.. وتعد تذكرة أواسيز أرخص بنسبة 33% من تذكرة شركة الطيران الوطنية كاثاي باسفيك عن نفس المسافة وهي تخطط للقيام برحلات مماثلة إلي كل من أوروبا والولايات المتحدة وكندا. والحقيقة أنه منذ أطلق فريدي ليكر رحلاته الجوية الرخيصة الرائدة من نيويورك إلي لندن عام 1977 لم يحاول أحد تقليده فما الذي حدث الاَن؟ واقع الأمر أن الفضل في هذه الظاهرة الجديدة يرجع إلي سياسة السماوات المفتوحة التي صارت تتبعها بلدان مثل ماليزيا وفيتنام وأندونيسيا منذ عام ،2001 ففي ظل السماوات المفتوحة أصبح متاحا لشركات السفريات الجوية الرخيصة أن تعمل علي خطوط المسافات الطويلة.. أضف إلي ذلك نشوء فئة عريضة من الزبائن الجدد في اَسيا يمكن اجتذابهم لاستخدام الرحلات الجوية الرخيصة أثناء سفريات المسافات الطويلة وأخيرا فإن شركات الطيران الكبري بدأت كلها تقريبا تتجه إلي إنشاء فروع لها تقدم رحلات جوية رخيصة لاجتذاب زبائن هذا النوع من الرحلات. ويمكن القول بأن نمط شركات الرحلات الجوية الرخيصة لم يتغير منذ محاولة ليكر إيروايز عام 1977 فهي تستخدم نوعا واحدا من الطائرات لتقلل تكاليف الصيانة.. كما تستخدم طائراتها في رحلات مكوكية للاستفادة من كل طائرة إلي أقصي مدي ممكن كما تستخدم أسلوب الحجز المباشر لكي تلغي عمولات وكالات السفر.. ولا تقدم أماكن خاصة للشخصيات المهمة وتستفيد بخدمات الشركات المتخصصة في تحميل الطائرة وشراء وجبات جاهزة للمسافرين، باختصار فإنها تتعامل مع الطائرة باعتبارها أوتوبيسا للنقل الجماعي وليست سيارة ليموزين للنقل الفردي. وتقول مجلة "نيوزويك" إن شركات السفريات الجوية الرخيصة غيرت وجه صناعة الطيران المدني في اَسيا وأتاحت لملايين المسافرين الجدد في أسواق مثل أندونيسيا والهند استخدام الطائرة في تنقلاتهم. وقد كانت شركة إير اَسيا من أوائل الشركات التي استفادت من هذه الثورة في السفريات الجوية.. فهذه الشركة بدأت عام 2001 بطائرتين فقط وصار لديها الاَن 50 طائرة ومتعاقدة علي شراء 135 طائرة أخري، ويتوقع أن يصل عدد ركابها في 2007 إلي نحو 18 مليون راكب علي خطوط تربط بين 8 دول اَسيوية.. وهذا النجاح هو الذي شجع فيرنانديز علي إقامة إير اَسيا إكس في الأسابيع الأخيرة. ويتوقع فيرنانديز أن تنجح شركته الجديدة في جذب مسافري الرحلات الطويلة.. ففي اقليم يقل متوسط دخل الفرد فيه عن 3 اَلاف دولار سنويا مثل اَسيا تصبح مقاعد الطائرة الرخيصة ضرورة لإتمام السفر بدلا من العقود في البيت. ويقول الرجل إنه يسهم في إيجاد سوق جديد للسفريات الجوية.. وإذا كان فيرنانديز يأمل في جذب الزبائن للسفر إلي أوروبا من أجل السياحة فإن ستيفن ميللر الرئيس التنفيذي لشركة أواسيز هونج كونج بطائرات شركته الأكبر من طراز بوينج 747 التي تسع 400 مسافر يأمل في جذب رجال الأعمال الذين يريدون سفريات أرخص. كما يأمل في جذب السياح أيضا بتوفير رحلات من درجة رجال الأعمال لكل أفراد العائلة علي طائرات شركته ولكن بسعر أرخص. وخلاصة القول فإن إير اَسيا إكس لم تستقر بعد علي نوع الطائرات التي سوف تعتمد عليها، وهل ستكون بوينج أم إيرباص ولكن ذلك سيحدث قبل أن تنقضي الشهور القادمة وتبدأ الشركة رحلاتها المنتظمة في يولية القادم.