جاءت جولة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية للمنطقة بعيد اعلان بوش لاستراتيجيته الجديدة في الحادي عشر من الشهر الحالي. الجولة استهلتها باسرائيل مساء السبت الماضي وشملت فلسطين والاردن ومصر والسعودية والكويت وتعد الجولة حملة ترويج وتسويق لما تتضمنه استراتيجية بوش ومحاولة لتفعيل مطالبه علي أرض الواقع. *بوش وبوتقة الازمة: الهدف الرئيس الذي جاءت رايس من اجله الي المنطقة هو تعبئة القيادات وحشد الجهود لدعم استراتيجية بوش في العراق في محاولة للخروج من بوتقة الازمة التي حاصرت الادارة الامريكية ولاتملك القدرة علي الفكاك منها ومن ثم جاءت تنشد دعم محور الاعتدال والذي يضم الدول الثماني (مصر والادرن + دول الخليج الست) اما منطوق الرسالة فهو نوع الدعم الذي يتعين علي كل دولة تقديمه لامريكا للخروج من تبعة المأزق الذي تواجهه في العراق اليوم. *الدعم المطلوب.. ولاشك ان الوضع صعب ومعقد للغاية ورغم ان ادارة بوش هي التي اوصلت الامور الي دائرة الكارثة فإنها ومن خلال اتهامها للآخرين مثل ايران وسوريا تحاول ان تبرئ نفسها وتحمل غيرها مسئولية الخروج من النفق المظلم عندما تطالب دول محور الاعتدال بتقديم الدعم المطلوب لانقاذ الموقف. ولابد ان رايس اكدت ان الكونجرس يهدد بوش بوقف التمويل او عرقلته بالنسبة للحرب علي العراق وبالتالي يتعين علي السعودية ودول الخليج الاخري استغلال عائدات البترول المرتفعة لتخفيف العبء المالي المفروض علي كاهل واشنطن وهذا هو ماطالب به النائب لانتوس علنا اما رايس فلقد زادت علي هذا بقولها ان التصرف الامثل من جانب الرياض يتمثل في اعفاء العراق من ديونه! *تمويل الحملة الامريكية اي ان دول الخليج ستكون مطالبة بتمويل الحملة العسكرية الجديدة لامريكا في المنطقة والتي قد تشمل ايران - لتقلل ما امكن من حجم الخسائر المالية التي منيت بها ادارة بوش في مغامرتها الفاشلة وستساوم امريكا دول الخليج بفزاعة ايران علي اساس انها تنصب نفسها "بودي جارد" لحماية نظم الحكم في الخليج ضد الخطر الايراني الذي سيطيح بدولهم اذا ما فشلت معركة امريكا في العراق اما مصر فتطالبها بارسال قوات لدعم حكومة المالكي وتوفير الامن في العراق.. المعروف ان مصر تتمسك بمبدأ اكده الرئيس مبارك اكثر من مرة والقاضي بعدم ارسال اي جندي للمشاركة في حرب خارج حدود مصر. *ادوات لامريكا.. ادارة بوش تتعامل مع دول المنطقة بوصفهم مجرد ادوات لها ينفذون ما تأمربه ولايحق لهم رفض ما تمليه عليهم. واذا كان لهم ان يتحدثوا او يبدوا رأيا فليكن شريطة الا تتحول الآراء والكلمات الي التفعيل علي ارض الواقع فأمريكا وحدها هي التي تملك ناصية الرؤي التي يمكن تفعيلها. *مقامرة سياسية.. لقد وصفت الاستراتيجية التي طرحها بوش بأنها مقامرة سياسية فزيادة القوات في العراق كانت مشروطة بتنفيذ حكومة المالكي لتعهداتها وهذا امر غير مضمون كما ان تأكيد بوش علي ان التهديد الرئيسي يأتي من سوريا وايران يعني ان امريكا تبرئ نفسها من المسئولية وتلقي بها علي الدولتين و بالتالي تؤكد ضمنا الشائعات التي ترجح بأن ادارة بوش تتطلع الي توسيع نطاق الصراع ليشمل شن هجوم عسكري ضد اي منهما وعليه فلقد رفض بوش ان تكون سوريا وايران جزءا من الحل وجعلهما اساس المشكله ونسي انه هو وادارته السبب في كل المشاكل والكوارث التي حاطت بالمنطقة. استعمار جديد وهكذا اعادت امريكا من جديد حقبة الاستعمار من خلال تبنيها سياسة عسكرية احادية احيت امريكا الاستعمار من جديد باعتمادها استخدام القوة المفرطة والهجمات الاستباقية التي اسمتها وقائية رغم ان العدو الذي تتوهمه غير موجود جاءت الي المنطقة وحولتها الي ساحة فوضي واضطراب وعنف ورغم ذلك بوقاحة واجتراء لامثيل لهما تطالب بدعم ممتد من محور الاعتدال العربي.. ومعني ذلك انها ستمضي قدما في مغامراتها الفاشلة والتي قد تقود المنطقة الي حرب اقليمية لاتبقي ولاتذر. *خارج نطاق الخدمة... اما القضية الفلسطينية فكانت وتظل خارج نطاق الخدمة فهي معطلة عن عمد وموضوعة علي الرف فقط ويتم التلويح بها ولكن بلا أية مواقف حقيقية وبلا أية مبادرات تتضمن آلية للتفعيل فقط يتم الحديث عنها احيانا دون طرح حلول حقيقية ولهذا حملتها رايس في جولتها هذه المرة لذر الرماد في العيون ليس الا فالجولة في الاساس تركزت علي الهم الذي يشغل بوش الآن وهو الوضع في العراق وضرورة معالجته من خلال كبح جماح ايران ومن والاها.....!