سيطر الوضع السياسي المتأزم في لبنان وجلسات الحوار الوطني المنعقدة حاليا علي اعمال المؤتمر المصرفي العربي لعام 2006 الذي انطلق امس وسط مشاركة نحو 500 شخصية مصرفية واقتصادية رفيعة المستوي من بينهم وزراء مالية واقتصاد وتجارة وخارجية عرب ومحافظو بنوك مركزية ومؤسسات نقد ورؤساء بنوك كبري وينظمه لمدة يومين اتحاد المصارف العربية. وفي الوقت الذي غاب فيه د.فؤاد السنيورة رئيس الوزراء اللبناني لأول مرة عن المشاركة في مؤتمر المصرفيين العرب السنوي لمشاركته في جلسات الحوار الوطني التي بدأت اعمالها امس الاول، فان المشاركين في المؤتمر حذروا من انعكاس التوترات السياسية في لبنان علي خطة جذب الاستثمارات العربية والاجنبية للمشاركة في اعادة اعمار لبنان التي تزيد تكلفتها علي 9 مليارات دولار بالاضافة الي 13 مليار دولار اخري من جملة الخسائر التي تعرض لها الاقتصاد اللبناني من جراء العدوان الاسرائيلي الاخير علي لبنان. كما حذروا من ان استمرار "التلبد" السياسي القائم "وصقيع" الحوار السياسي الذي يشارك فيه الفرقاء السياسيون الان يمكن ان يدفع كبار المستثمرين العرب الي العدول عن قرارهم المشاركة في اعادة ما دمرته الحرب الاخيرة والمشاركة في اقامة مشروعات كبري لاصلاح البنية التحتية من طرق وكبار وجسور وكهرباء. وكان د.فرانسوا باسيل رئيس جمعية مصارف لبنان قد ألقي كلمة في المؤتمر بعث فيها برسالة طمأنة للمصرفيين العرب فيما اكد علي انه لم يعد مسموحا لأحد في لبنان تجاوز الخطوط الحمراء.. وقال ان اول هذه الخطوط قيام الدولة الواحدة التي تحتكر حمل السلاح وتفرض سلطة القانون في ظل نظام قضائي مستقل ونظام ديمقراطي يمارس فيه كل من الحكم والمعارضة دوره الطبيعي المعهود ويتم فيه تداول السلطة سلميا علي قاعدة المساءلة والمحاسبة. ودعا رئيس جمعية مصارف لبنان رجال السياسة في لبنان الي توحيد كلمتهم لمصلحة لبنان ولمصلحة الاجيال القادمة التي باتت تشعر بالغربة في الوطن.. وتساءل: أيعقل ان يكون الاشقاء والاصدقاء اكثر حرصا علي لبنان من قياداته السياسية؟ أيعقل ان يكون رجال المال والاعمال جاهزين علي الدوام لتوظيف اموالهم وخبراتهم في بناء واعادة بناء مؤسسات ناجحة مولدة لفرص العمل ومحفزة للنمو الاقتصادي، فيما يظل بعض السياسيين متأهبين لزعزعة استقرار لبنان؟ ومن جانبها طالبت د.ميرفت التلاوي وكيل الامين العام للامم المتحدة ورئيس لجنة الاسكوا بأهمية دفع التعويضات عن الخسائر الناجمة عن الحرب الاسرائيلية الاخيرة علي لبنان وتحمل المجتمع الدولي مسئوليته في تغطية تكلفة اعادة الاعمار وشددت علي اهمية الملاحقة القانونية لكل من ينتهك الاتفاقات الدولية ويستخدم الاسلحة المحرمة دوليا، واعلنت في كلمتها عن قرب اطلاق "الاسكوا" صندوقاً لمساعدة المؤسسات الانتاجية الصغيرة في لبنان التي تضررت من الحرب. وطالبت باطلاق مبادرات عربية فاعلة للمشاركة في عملية اعادة اعمار لبنان. اما د.جوزيف طربية رئيس اتحاد المصارف العربية فقد دعا المستثمرين العرب سواء مؤسسات وبنوكاً او افراداً الي الاستثمار في لبنان، مشددا علي ان هذا الاستثمار اثبت علي الدوام انه استثمار مربح ويخدم المصالح الاقتصادية للوطن العربي كله، وقال طربية ان القطاع المصرفي العربي مدعو اليوم الي المشاركة في اعادة الاعمار مشيرا الي ان هذا القطاع يدير اليوم اموالا تزيد علي التريليون "الف مليار" دولار. وحذر رئيس اتحاد المصارف العربية من استمرار الوضع السياسي المتأزم في لبنان مشددا علي ان هذا الوضع يفرض ضغوطا هائلة علي البيئة الاقتصادية والاجتماعية والامنية كما يلقي بظلال من الشك علي المناخ الاستثماري ومشاريع اعادة الاعمار وكذا علي نجاح مؤتمر الدول المانحة المرتقب عقده في باريس مطلع العام القادم. وخلال لقائه بالمصرفيين العرب أكد رياض سلامة حاكم مصرف لبنان المركزي ان المصرف يتوقع الاستقرار في اسعار العملة اللبنانية، وانه يملك ما يكفي من امكانيات لتحقيق ذلك وانه لن يكون هناك اي تغير في هذه السياسة، وقال ان استقرار سعر العملة هو هدف تعمل من اجله الحكومية اللبنانية.. كما ان الاستقرار في الاسعار هو من اهداف البنك المركزي الرئيسية. وتوقع سلامة كذلك الاستقرار في اسعار الفائدة المعمول بها حاليا موضحا ان السيولة النقدية متوافرة في اسواقنا واننا نشهد فوائض في اكتتابات السندات بالعملة اللبنانية. ولفت رياض سلامة انظار المشاركين في المؤتمر السنوي لاتحاد المصارف العربية الي قوة البنوك اللبنانية فيما اشار الي ارتفاع ودائع هذه البنوك الي 60.4 مليار دولار نهاية سبتمبر الماضي بزيادة 6.7% علي العام السابق كما ارتفعت احتياطيات لبنان من 11 مليار دولار في سبتمبر 2005 الي ما يزيد علي 13 مليار دولار في سبتمبر الماضي وهو ما اعتبره تغلبا من القطاع علي الاثار السلبية للحرب الاخيرة. وكان د.جهاد أزعور وزير المالية اللبناني قد افتتح اعمال المؤتمر المصرفي العربي نيابة عن د.فؤاد السنيورة وكان اللافت في كلمته القول بان لبنان بعيش مرحلة سياسية واقتصادية دقيقة فاقمت من حدتها الحرب الاخيرة التي شنتها اسرائيل عليه، الا انه عاد وشدد علي انه رغم كل هذه التحديات والخسائر التي لحقت بالقطاعين المالي والاقتصادي فاننا ملتزمون بمتابعة عملية النهوض بالبلاد واعادة البناء واصلاح الوضع الاقتصادي والاجتماعي.