تستعد دولة قطر لإصدار صحيفة عربية دولية يكون مركزها العاصمة القطرية الدوحة وذلك علي خلاف الصحيفتين الدوليتين العربيتين الحياة و"الشرق الأوسط" السعوديتين ومركزهما لندن. وبانضمام قطر التي سبق لها تجربة إعلامية مثيرة متمثلة في قناة الجزيرة الفضائية إلي الدول التي تصدر صحفا عربية دولية فإن التواجد الصحفي المصري مازال معدوما علي الساحة العربية الدولية ولا توجد صحيفة مصرية واحدة استطاعت أن تحقق هذا التواجه بشكل مؤثر أو فعال. فالصحف المصرية بعضها يصدر طبعات عربية وأووبية ولكنها تبقي صحفا مصرية محلية يتم طبعها وتوزيعها في عددمن العواصم دون أن تتسم هذه الصحف بالشكل لعربي والدولي في الأخبار والمضمون والأفكار والأهداف. وتتوسع هذه الصحف في نشر عدة صفحات داخلية للأخبار والتحقيقات في عن العالم العربي ولكنها في معظمها تكون أخبارا منقولة عن الصحف العربية المحلية أو أخبارا رسمية توزع عبر وكالات الأنباء وليس فيها خبر جديد أو مختلف. وحتي عندما تقوم الصحف المصرية بإنشاء مكاتب خارجية أو التعاقد مع بعض المراسلين فإن هذه المكاتب تبقي محدودة التأثير صحفيا لضعف الامكانيات المادية ولعدم توافر الخبرات الصحفية الجيدة التي يمكن أن تقدم المادة الصحفية المطلوبة في شكل انفرادات وأخبار مختلفة. وهو أمر يؤسف له ويعني شيئا واحدا وهو أن التأثير الصحفي والاعلامي المصري يأخذ منحني سريعا في التراجع وضعف التأثير. ومن المثير للدهشة أيضا أن الصحافة المحلية أصبحت عاجزة كذلك عن إبراز وتحليل الأخبار والموضوعات المصرية بشكل جيد وأصبحنا في كثير من الأحيان نلجأ إلي الصحف العربية الدولية للتعرف علي أخبار مصر واتجاهات الحياة السياسية فيها حيث يتم ابرازها وعرضها بطريقة أفضل وبفهم أعمق من خلال المكاتب الصحفية العربية الموجودة في القاهرة والتي يعمل بها صحفيون مصريون تفاعلوا بشكل جيد مع دورهم المطلوب في صحافة تخاطب الرأي العام العربي من المحيط إلي الخليج وتخرج عن النمط التقليدي في كتابة الأخبار وعرضها وتحليلها. ولا أعتقد أن هناك جهودا تبذل من أجل اصدار صحيفة مصرية عربية دولية لأن اهتمام المؤسسات الصحفية القوية في مصر ينصب علي الداخل فقط كما أن اصدار صحيفة دولية يحتاج إلي دعم مادي قوي ومستمر من الدولة لتمكينها من البقاء وهو ما يحدث للصحافة العربية الدولية الصادرة عن السعودية من لندن أو الصحفية الجديدة التي ستصدر عن قطر. وفي الوقت الراهن فإنه لا يوجد ما يشير إلي امكانية تمويل الدولة لاصدار مثل هذه الصحيفة اذ إن الجدال الدائر الآن في الساحة البرلمانية هو كيفية استرداد ديون الصحف المصرية للدولة والتي تصل إلي عدة مليارات من الجنيهات وليس كيفية دعم هذه الصحف لتؤدي دورا عبر الحدود! ولا يمكن الاعتماد في اصدار الصحيفة الدولية المطلوبة علي القطاع الخاص ورجال الأعمال اذ إن حجم مصالحهم وتعاملاتهم عربيا وخليجيا لا يدفعهم إلي الحماس في التفكير في تمويل صحيفة تحتاج إلي حجم ضخم من الانفاق والمساندة ولن تستطيع تحقيق عائد يوازي ما سينفق عليها..! ولكن هذه العوامل لا تعني التوقف عن ضرورة البحث في كيفية اصدار صحيفة عربية دولية تنطلق من القاهرة إذ إن هناك مقدمات أخري ايجابية تدفع في اتجاه البحث في تفعيل هذا المشروع الضروري والحيوي والمساند للدور المصري عربيا ودوليا. فالقاهرة تزخر بالكفاءات والقدرات الصحفية التي تستطيع اصدار هذه الصحيفة وعشرات غيرها بسهولة وتمكن، والسياسية التحريرية البعيدة عن الإطار الرسمي التي يمكن أن تنتهجها هذه الصحيفة من الممكن أن تجذب شركات اعلانية عربية عملاقة إلي التعاقد مع هذه الصحيفة وتوفير التدفق المالي اللازم لاستمرارية صدورها وتحقيق أرباح لها أيضا. ولا يمكن إغفال ان معظم ما ينشر في الصحافة العربية الدولية والمحلية أيضا هو أخبار وموضوعات عن مصر سواء كانت سياسية أو فنية أو اجتماعية أو اقتصادية وهو ما يعني أن لدينا رصيداً وافراً من الأخبار والمعلومات التي يمكن ان تسوق نفسها والتي تضمن الجاذبية والانتشار للصحيفة المطلوبة إذا ما تم التعامل مع هذه المواد الصحفية المصرية بالحرفية المطلوبة وبالموضوعية في العرض والتقديم والتحليل. إننا لنأسف مما نسمع في العواصم العربية من أن الشارع العربي كان ينتظر وصول الصحف المصرية بفارغ الصبر وكان يقبل علي قراءة هذه الصحف حتي بعد وصولها متأخرة عن موعد اصدارها بيوم أو اثنين أو ثلاثة لأنه كان يعتمد عليها كمصدر لأخباره ومعلوماته وثقافته، أما الآن فهذه الصحف المصرية لا توزع إلا عبر الجاليات المصرية بالدول العربية وعلي نطاق ضيق أيضا..! إن الدعوة إلي اصدار صحيفة مصرية عربية دولية قوية ليست ترفاً وليست مهنية بحتة، ولكنها ضرورة استراتيجية ومصلحة وطنية من أجل العودة إلي الساحة العربية بعد غياب طويل..! Seyedlbably@hotmail. com