الكثير من الناس لم يعرفوا بمؤتمر الحزب الوطني الرابع الا بمناسبة توقف المرور، حيث تم اغلاق مطلع كوبري اكتوبر في منطقة غمرة واستمر الاغلاق لمدة ساعة تقريبا في احد الايام الثلاثة للمؤتمر.. حيث تم وضع سيارة شرطة نصف نقل بعرض الطريق في مطلع الكوبري واخذ سائقو السيارات يضغطون علي آلات التنبيه "الكلاكسات" عندما طال الانتظار وتعطل كل شيء.. وسرت معلومة بين المنتظرين علي طول طريق رمسيس بان توقف المرور سببه مؤتمر الحزب الوطني وان هناك شخصيات مسئولة في الدولة (...) بصدد التوجه الي مقر انعقاد المؤتمر. واعتقد ان من افشي هذا "السر العظيم" لابد انه شيطان يكنّ كراهية غير مسبوقة للحزب الوطني ورجاله، حيث بمجرد ان قال السائقون واصحاب السيارات هذه المعلومات وتناقلوها حتي بدأت سيول من "الدعوات" علي الحزب والكلمات الخارجة تنهمر من افواه المواطنين تقطر شرا.. ولم اكن اصدق قط قبل ذلك من يذكر ان العلاقة بين المواطن وحزبه الحاكم وصلت الي هذه المرحلة، وهذه الدرجة من الكراهية والنقمة. وانتابت الناس المتوقفين المنتظرين لفتح الطريق حالة هيستيرية وصلت الي الجنون لدرجة ان ضابط الشرطة الذي كان واقفا لتأمين الطريق استل من جيبه سيجارة واخذ ينفخها بكل عصبية، فقد ضاق ذرعا بآلات التنبيه التي لا تتوقف وتكاد تصمّ الآذان، كما انه لا يدري ما يفعله امام استمرار اغلاق الطريق. اسوأ ما في هذا الموقف ان الناس الذين ارتفعت الحرارة في ادمغتهم بدأوا يتعاركون مع بعضهم البعض ونزلوا من السيارات وامتدت الايدي والارجل وبدأ تبادل العنف.. ولم يوقف هذه الفوضي والهمجية الا صوت سيارة اسعاف وصل صوت انذارها من بُعد، فاخذ البعض من سائقي السيارات يحاولون توسعة الطريق ومساعدتها علي المرور.. حتي وصلت الي مطلع الكوبري بعناء لا حدود له.. لكن ما العمل والكوبري مغلق، ما من حل أمام "الأسعاف" الا المرور من تحت الكوبري اي من شارع رمسيس وليس مهما ان تتابع طريقها الاصلي الي مستشفي دار الفؤاد فإمكانها والحال علي ما هو عليه ان توصل المريض الي مستشفي الجلاء للولادة فهي الاقرب، وليس مهما ان يكون المريض محتاجا الي رعاية مركزة في القلب ويدخل بدلها غرفة عمليات الولادة القيصرية! اليس ذلك افضل من الموت داخل سيارة الاسعاف انتظارا لفتح الطريق بعد ان ينتهي السادة المسئولون من حواراتهم ومناقشاتهم لاوراق "الغلابة" وماذا يفعلون معهم ليصل الدعم اليهم ولتحسين الخدمات الصحية والتعليم.. والحقيقة انه من واقع ووحي تلك "الوقفة" الجبرية علي مطلع كوبري اكتوبر اعتقد ان حل كثير من تلك المشاكل عملية ابسط مما يعتقد اعضاء الحزب الوطني واقل كلفة من تلك الملايين الاربعة التي انفقت علي جلسات المؤتمر.. فقط باغلاق ثلاث او اربع طرق رئيسية في القاهرة وفي المحافظات كثيرة العدد.. الناس سيموتون وحدهم بالامراض.. أو "بالنقطة" وحرقة الدم! وكل عام أنتم بخير، فبشائر أزمة المرور في رمضان وصلت مبكرا وقبل موعدها.. جاءت مع مؤتمر الوطني.