أدركت أوروبا أهمية التحرك السريع لدعم علاقاتها السياسية بالدول الآسيوية بشكل عام وبصفة خاصة جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ لاسيما في ظل النمو القوي لاقتصاديات المنطقة وتحرك دولها لإقامة منطقة للتجارة الحرة علي غرار نموذج الاتحاد الأووبي وقد تجسد الاهتمام الأوروبي بالمجال الآ"يوي في سلسلة اللقاءات رفيعة المستوي بين المسئولين الأوروبيين والآسيويين خاصة الصينيين والتي غالبا ما يشارك فيها كبار رجال الأعمال من القارة الأوروبية. وفي مؤشر علي تنامي اهتمام القوي الدولية بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ وقعت الولاياتالمتحدة الشهر الماضي اتفاقا إطاريا للتجارة والاستثمار مع رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان" التي تضم عشر دول. وتزامن هذا مع دعوة يابانية لإقامة منطقة تجارة حرة في جنوب شرق آسيا تضم 16 دولة بينها اليابان والصين وكوريا الجنوبية. واتجهت كبري الشركات الأوروبية بالفعل بصورة كثيفة خلال السنوات القليلة الماضية إلي آسيا بحثا عن فرص نمو غير محدود. وتبدي هذه الشركات رغبة قوية في ألا تفوتها فرص الاستفادة من النمو السريع للاقتصاديات الآسيوية. وتسعي الدول الأوروبية في الوقت نفسه إلي صياغة إطار أكثر عمقا للعلاقات الاقتصادية والسياسية مع آسيا. وربما تزداد العلاقات السياسية الأوروبية الآسيوية عمقا في حال انضمام قوات آسيوية للقوات الأوروبية لحفظ السلام في لبنان تنفيذا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1071 ويقول هيربرت دايتر أحد كبار الباحثين في المعهد الألماني للشئون الأمنية والدولية ومقره برلين إن ماليزيا وإيطاليا تقفان جنبا إلي جنب فيما يتعلق بارسال قوات إلي لبنان وهو ما سيفتح الباب أما المزيد من التعاون بينهما في مجالات أخري مشيرا إلي ان الحلقة الضعيفة في العلاقات بين آسيا وأوروبا هي تلك التي تخص العلاقات الأمنية. وتظل القوة الصينية المتصاعدة سياسيا واقتصاديا الهاجس الأهم لدول القارتين. فالجميع مشغول باحتمال ظهور الصين قوة عالمية عظمي والدور المنتظر لها آنذاك علي الصعيدين الإقليمي والدولي. ومن المنتظر ان تستضيف العاصمة الفنلندية هلسنكي يومي 10 و 11 سبتمبر الجاري قمة أوروبية آسيوية تشارك فيها 38 دولة من الجانبين وذلك في إطار الاحتفال بالذكري العاشرة لانطلاق القمة الآسيوية الأوروبية السنوية. والحقيقة أن الملف الاقتصادي غالبا ما يتصدر جدول اعمال أي لقاء أوروبي آسيوي علي حساب الملفات الأخري بما في ذلك الملف السياسي. وقد ساعد النمو السريع للاقتصاديات الآسيوية خلال السنوات القليلة الماضية الشركات الأوروبية في تجاوز مرحلة الركود التي مرت بها اقتصاديات عدة في القارة في الآونة الأخيرة. ويقول دايتر إن العلاقات الاقتصادية بين أوروبا وآسيا تواصل تقدمها بوتيرة أسرع من العلاقات السياسية. وتوقع المراقبون استمرار نمو العلاقات الاقتصادية والسياسية بين القارتين ونجاح اقتصاديات منطقة اليورو في تجاوز مرحلة الركود واحتمال تحقيق معدل نمو اثنين في المائة خلال العام الحالي. وعلي الرغم من ان الصورة العامة توضح كيف التهمت الصين نصيب الأسد من الاستثمارات والأموال الأوروبية في آسيا فإن التطورات الراهنة تقول إن الدول الآسيوية الأخري لا تبدو مستسلمة لهذا الواقع وتسعي إلي الحصول علي نصيبها من كعكة الاستثمار والتجارة الأوروبية. فماليزيا علي سبيل المثال كشفت الشهر الماضي عن خطة طموح للعلاقات الاقتصادية مع دول شرق ووسط أوروبا المنضمة حديثا إلي الاتحاد الأوروبي.