الإنفاق ليس فضيلة والإمساك ليس جريمة د. محمد الباز نعم "ما وجُد المال إلا لكي يتم إنفاقه" نقولها مع القائلين بها وربما نكون أشد إيماناً بها كقاعدة عامة.. غير أن هذا يعني أن تلك "وظيفة" للمال أن يتم إنفاقه وليست فضيلة أخلاقية أو اجتماعية أو حتي اقتصادية فالوظيفة أي وظيفة لها محددات وواجبات.. فإذا كان المال قد وجد لكي يتم إنفاقه كوظيفة له فإن ذلك يعني بالضرورة أن يتم الإنفاق في مصادره وبشروطه وضوابطه.. "ولا تجعل يدك مغلولة إلي عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً" ونقطة البداية في التعامل مع المخاطر أو الخطر أيا كان نوعه أو مسماه.. خطراً مالياً أم خطر أعمال أم خطراً كلياً.. خطر تشغيل أم خطراً تجاريا أم خطراً سياسيا إلي غير ذلك من التقسيمات والتفريعات نقول نقطة البداية في التعامل مع تلك المخاطر هي تحرير الذهن والعقل من مقولات ليست بالضرورة صحيحة وليست بالضرورة مفيدة.. ونعني بذلك تنقية العقل من بعض ما قد يعتمل أو يتردد من ثوابت هي ليست ثوابت أو حقائق هي ليست حقائق.. مرتبطة بالنشاط أي مرتبطة بالمال في مفهومه الشامل سواء كان في شكل موارد نقدية أو عينية أو بشرية أو معنوية. والقاعدة الأولي في تحرير الذهن هنا هي أن لا ننظر إلي الإنفاق رغم أهميته وضرورته علي أنه فضيلة وألا ننظر للامساك أي الامتناع عن الإنفاق علي أنه جريمة.. فليس الإنفاق فضيلة بالضرورة وليس الامتناع عن الإنفاق جريمة بالضرورة والأمر هنا مرجعه إلي خمسة أسس رئيسية هي: أولاً: لماذا الإنفاق أو عدم الإنفاق؟ فالإنفاق أو عدمه فعل أو امتناع عن فعل وهو صحيح أو غير صحيح في ضوء مبرراته وأسبابه.. ومن هنا فإن السؤال أو الأساس الأول هو لماذا ننفق أو لماذا لا ننفق؟ أي المبررات أولاً. ثانيا: كم يجب أن ننفق؟ فقد يكون الإنفاق لازمًا ومبررًا وضروريًا ومفيدًا ولكنه قد ينطوي علي إسراف غير لازم وغير مبرر وغير ضروري وغير مفيد.. ومن هنا علينا أن نحدد القدر الواجب أو الحجم اللازم لهذا الإنفاق. ثالثا: متي ننفق؟ أي التوقيت اللازم أن يتم فيه الإنفاق فقد يكون الإنفاق في توقيت معين مبرراً ومفيداً ولازما وقد لا يكون كذلك في توقيت آخر. رابعا: كيف يتم الإنفاق؟ أو ما يمكن أن نطلق عليه شروط الدفع Terms Of Pay ment هل مرة واحدة نقدا أو بشيكات أو علي عدة أقساط شهرية أو سنوية أو أقل من ذلك أو أكثر وهل هناك "فترة سماح" قبل السداد وهكذا.. خامسا: كيف ومتي ينتظر أن يتحقق العائد من الإنفاق؟ وهذا الركن الخامس بالغ الأهمية ذلك أن الإنفاق له عائد يرتجي ويمكن توقعه ويلزم أن نتبين متي يتحقق والصورة أو الصور الممكن أن يتحقق وفقًا لها. وهكذا ينساب الإنفاق في إطار تلك الضوابط الخمسة لماذا؟ وبأي قدر؟ ومتي؟ وكيف؟ ثم عن عائده متي وكيف يتحقق؟ وللحديث بقية بمشيئة الله..