يوضح الدكتور أسامة عبد الخالق "الخبير الاقتصادي بمنظمة العمل العربية" أنه استمراراً لسياسة الدولة في التراجع عن أداء دورها الاجتماعي وإلقاء العبء كاملا علي القطاع الخاص أخذا بالرأسمالية في صورتها الاقتصادية المتقدمة فإن القرار الأخير المتعلق بإسناد عملية استيراد القمح للقطاع الخاص هو خطوة في سلسلة هذه الخطوات والتي يمكن ان يطلق عليها خصخصة استيراد السلع الأساسية وهذا الأمر غاية في الخطورة إذا ترك للقطاع الخاص بمفرده دون ان تستحوذ الحكومة علي حصة من عمليات الاستيراد تكفي لتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين ذلك ان معظم احتياجات مصر من القمح تأتي عن طريق الاستيراد من الخارج ولهذا فإن هناك بديلين أو سيناريوهين للأحداث الأول: ان تترك الدولة للقطاع الخاص أداء هذه المهمة كاملة وهذا الأمر إذا تم بدون تنسيق أو الزام وتوزيع الحصص بصورة تضمن المصلحة القومية لمصر فإن هذا يعني ان رجال الأعمال سيتحكمون في سلعة رئيسية تستخدم في أداء وتصنيع الاحتياجات الاساسية للشعب المصري وهو ما سيترتب عليه في ظل احتكار القطاع الخاص لتوفير هذه السلعة السعي لتحقيق أكبر ارباح ممكنة ومن ثم المضاربة علي مصلحة المواطن المصري ورفع اسعار تلك السلعة وما يتبعها من سلع مرتبطة مما يترتب عليه الاضرار بالمصلحة القومية للبلاد، وقد مرت مصر بهذه التجربة في عديد من السلع ومنها حديد التسليح دون حاجة للخوض في هذا المجال. السيناريو الثاني: هو مشاركة الدولة مع القطاع الخاص في توفير احتياجات البلاد من هذه السلع حيث يتم ضمان حد أدني من مخزون القمح الرئيسي والاستراتيجي الذي لا يقل في أهميته عن اسلحة الدفاع والأمن القومي. وفي كل الأحوال فإننا لا نرحب باتخاذ هذه الخطوة إذ لا مجال ولا مبرر حاليا لاتخاذها نظراً لسيطرة الحكومة علي مقدرات هذه السلعة ولا حاجة للمخاطرة بها.. إذ انه لا مجال للمضاربة علي تجويع الشعب المصري ولا حاجة لطرح أي من البديلين السابقين إلا إذا كانت هناك أمور خفية وراء الكواليس. ويؤكد عبد الخالق انه وبصفته مواطناً مصرياً يتعجب اشد التعجب من تلك القرارات السيادية المتضاربة وكأن المواطن المصري سيحصل علي علاوة عن شهر يوليو الحالي تجعلها مطمعاً للحكومة والقطاع الخاص في آن واحد. فالحكومة حاليا لا تخرج عن دور التاجر أو رجل الأعمال الذي يرغب في الاضرار بالمواطن المصري ومنها ما رأيناه خلال الفترة السابقة من اقرار زيادة في عديد من السلع والخدمات الحكومية الأساسية ومنها علي سبيل المثال: مترو الانفاق حيث رفع تسعيرة الخدمة في توقيت مزامن لمنح العلاوة ولهذا فنحن نري ان تلك السلوكيات تضع الدولة والتاجر المتربح من رفع اسعار السلع والخدمات بدون مبرر في خانة واحدة وهو أمر تستاء له النفس كثيراً. حساب كامل د. يمن الحماقي رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس تدعو إلي ضرورة عمل حساب كامل لجميع الابعاد قبل الاقدام علي تنفيذ مثل هذا القرار ففي البداية يجب الوقوف عند أفضل العروض التي يتقدم بها القطاع الخاص مع دراسة إيجابيات وسلبيات كل عرض مع ضرورة تشديد الرقابة حتي لا يحدث أي تلاعب في المواصفات علي حساب السعر أو الجودة. وتشير إلي ان هذا القرار من الممكن ان تنتج عنه سلبيات كثيرة إذا لم يتم تشديد الرقابة مثل زيادة حجم الدعم الذي ستتحمله الدولة في حالة ترك استيراد القمح للقطاع الخاص ففي هذه الحالة سوف ترتفع التكلفة ولهذا يجب ان يكون للدولة حساباتها الدقيقة لمعرفة إيجابيات وسلبيات هذه الخطوة هذا إلي جانب الاحتكار الذي قد يلجأ إليه بعض المستوردين للسيطرة علي السوق من أجل رفع الاسعار حتي ولو كان هذا علي حساب المستهلك فالمستورد كل ما يأمل فيه هو تحقيق أعلي سعر في أقل وقت ممن دون النظر إلي أي حسابات أخري. وتشير إلي ان إيجابيات مثل هذا القرار تشجيع القطاع الخاص والذي قد ينتج عنه إيجاد المنافسة في القطاع الخاص والذي يؤدي إلي خفض الاسعار وهذه النتيجة تأتي في صالح المستهلك ولكن يشترط مع هذا مراعاة الجودة المطلوبة في نوعية القمح وطريقة التخزين والطحن والخبز فيجب ان يتم كل هذا بالجودة المطلوبة والمزايا المناسبة. إعادة الأمور لوضعها الطبيعي ويؤكد الدكتور محسن الخضيري "الخبير الاقتصادي" انه آن الأوان لأن يتم تطبيع جميع الأوضاع الاقتصادية وإعادة الأمور إلي وضعها الطبيعي ومسارها الطبيعي المعتاد في جميع دول العالم. مشيراً إلي ان هذا القرار جاء في وقته تماماً لإلغاء احتكار الدولة لهذا النشاط الحيوي المهم وليعطي الفرصة للقطاع الخاص والافراد والشركات المساهمة لأن تقوم بدورها في هذا المجال الحيوي خاصة وان هناك إنتاجاً محلياً للقمح متزايداً وذا جودة مرتفعة وشروط واسعاراً أفضل من السوق العالمي. وبالتالي فإن هناك اتجاهاً تكاملياً ما بين زراعة القمح وطحنه وإعداده وتجهيزه وما بين عمليات الاستيراد التي يت