حوار مع النفس! تغذي المخدرات والفقر ومشاعر الإحباط من الحكومة الافغانية التمرد الذي يقوده الآن مسلحو طالبان الذين يبدو أن قوتهم تتنامي مع وصول المزيد من القوات الأجنبية في محاولة تحسين الأوضاع الأمنية وتعد أعمال العنف التي شهدها الأسبوع الماضي واحدة من أسوأ الموجات منذ أن أطاحت القوات التي تقودها الولاياتالمتحدة بطالبان من السلطة عام 2001 ففي كل يوم نسمع عن قتل المزيد من قوات التحالف أو المدنيين في تفجيرات ومعارك بالرصاص في جنوبأفغانستان ومن بين الضحايا جنود تابعون لفرنسا وكندا بالإضافة الي جنود من الولاياتالمتحدة وجاء تصاعد أعمال العنف فيما يرفع حلف شمال الأطلسي عدد أفراد قوته لحفظ السلام من تسعة آلاف إلي 16 ألفا استعدادا لتولي المسئوليات في الجنوب من القوات التي تقودها الولاياتالمتحدة وتتولي قوات الحلف من جنود بريطانيا وكندا وهولندا مهمة التوسع في أجزاء من البلاد لم تطأها القوات الأجنبية والحكومية علي الإطلاق أو ربما دخلتها بأعداد قليلة نظرا لسيطرة المسلحين وعصابات المخدرات وهيمنتها عليها ويقول مارك ليتي المتحدث باسم حلف الاطلسي: إن دخول الحلف في مناطق جديدة لا يثير الدهشة إزاء رغبة المعارضين في منعه أو تحديه وهم يعلمون بأنه توسع ضروري ويوجد حاليا في أفغانستان 23 ألف جندي أمريكي وقريبا سيرتفع اجمالي عدد القوات الاجنبية الي 40 ألفا وهو أكبر رقم منذ عام 2001 وذلك للتصدي للمسلحين وحلفائهم من عصابات تجارة المخدرات. وفي الوقت الذي تسعي فيه القوات الأجنبية وحكومة الرئيس حامد قرظاي لبسط سلطتها علي الريف تعمل طالبان ايضا علي توسيع نطاق نفوذها ووصل المسلحون الآن إلي مناطق لم يدخلوها منذ أواخر عام 2001 وصارت مناطق أكبر في الشرق والجنوب محظورة علي رجال وقوات الحكومة وعمال الإغاثة ويقول السكان المحليون: إن طالبان توغلت علي سبيل المثال الي قري علي بعد عشرة كيلو مترات فقط من جزنة عاصمة الإقليم الذي يحمل نفس الاسم ويقع جنوب غربي العاصمة كابول وترك رجال الشرطة وعاملون آخرون في الحكومة منازلهم بحثا عن الأمان في مدينة جزنة هربا من تهديدات طالبان وفي الريف تستغل طالبان مشاعر الإحباط التي تنتاب السكان تجاه الحكومة واستياءهم من وجود قوات أجنبية. وقال محلل غربي لدي المواطنين شكاوي تتعلق بالحكم والشفافية والفساد هناك إحباط لم يجد المواطنون مبررا له وقال عن أحداث العنف: اعتقد انها ستقع بغض النظر عما يجري من عمليات انتشار وقال الكاتب والمحلل السياسي الأفغاني وحيد مزداح الذي كان مسئولا حكوميا إبان حكم طالبان أن عددا كبيرا من الافغان الفقراء المحافظين يتقبلون دعوة المتمردين لتوحيد الصفوف للجهاد وقال مزداح: تحتاج كل حرب لقضية أكبر من السلاح، فلدي طالبان قضية وهي الإسلام. وأضاف ان الافراج في الآونة الأخيرة عن افغاني ارتد عن الإسلام واعتنق المسيحية أثار تساؤلات عن شرعية الحكومة من منظور إسلامي إذ اعتقد كثيرون انه كان ينبغي معاقبته لارتداده عن الإسلام. وفي الوقت نفسه يشيع الاستياء من الأساليب العنيفة للقوات الاجنبية في ملاحقتها مسلحين بينما لم ير كثير من الأفغان أي تحسن في معيشتهم بعد نحو خمسة أعوام من الإطاحة بطالبان وقال مزداح بعد الاطاحة بطالبان راود الناس الأمل في أن تتحسن الأوضاع اقتصاديا وان يعاد بناء أفغانستان لكن يبدو أن الآمال لم تتحقق. كما أن جهود الحكومة التي يدعمها الغرب للقضاء علي زراعة الأفيون خدمت مصالح طالبان. وقال بدلا من القبض علي المسئولين المتورطين في عمليات التهريب لجأت الحكومة لمعاقبة المزارعين الفقراء مما اثار حالة من الغضب. ويستطرد مزداح إذا جمعت كل هذه العوامل ستحصل علي صورة تبرر نجاح طالبان في زيادة هجماتهم وتجنيد المزيد من المقاتلين. يقول المراقبون ان الميزة المهمة الأخري التي تتمتع بها طالبان هي وجود ملاذات آمنة علي الجانب الباكستاني من الحدود الذي لا يطاله حكم القانون ومن حيث يتدفق السلاح والمقاتلون. ويقول قائد عسكري بارز في حلف الأطلسي في أوروبا: إن أفغانستان علي أعتاب أن تصبح دولة مخدرات حيث تمثل عصابات تجارة المخدرات خطرا اكبر من طالبان. هذا وكانت قوات حلف الأطلسي تتمني أن توفر للحكومة الحالية ووكالات المعونة الحد الأدني من الأمن الضروري حتي تبدأ في تحسين مستوي المعيشة. وعموما فإن قوات التحالف في أفغانستان تعتمد في استراتيجيتها للانسحاب علي بناء قوات أفغانية قادرة علي اداء هذه المهام ولكن كل ذلك يحتاج إلي سنوات طويلة!