تزداد اليوم وطأة الحصار الذي يطوق حكومة حماس والهدف هو اسقاطها والدعوة بعد ذلك إلي اجراء انتخابات مبكرة إذا ما فشل الحوار الوطني المرتقب في الوصول إلي ارضية مشتركة بين الرئاسة وحكومة إسماعيل هنية. الحصار جماعي تشارك فيه كل الاطراف سواء في الداخل او الخارج، ففي الداخل هناك سلطة الرئاسة التي تتبني برنامجا مخالفا لما تتنباه حكومة حماس وبالتالي فإن التنازع حول الصلاحيات يعمق الفجوة بينهما ويهمش إلي حد كبير الدور الذي تضطلع به حماس. وفي الداخل ايضا هناك حصار تجويعي خانق تقوم به اسرائيل التي شرع رئيس وزرائها الجديد غداة اداء حكومته اليمين الدستورية امام البرلمان في تقديم اوراق اعتماده للعالم من خلال غارة علي غزة قتلت ستة فلسطينيين وجرحت آخرين. لم يتحرك المجتمع الدولي وكأن دمهم مباح هدره. فشل الرباعية تواجه حكومة حماس حصارا من الخارج تقوده امريكا وتساندها فيه دول الاتحاد الاوروبي، ففضلا عن تجميد ارسال المعونات المالية للشعب الفلسطيني وممارسة امريكا للضغوط علي المصارف والبنوك لمنعها من تحويل اية اموال عربية توجه إلي الفلسطينين جاءت إستقالة جيمس وولفنسون ممثل الرباعية الدولية لعملية السلام كدليل علي فشل الرباعية وانجازها للمواقف الامريكية والاسرائيلية. بل إن استقالته في هذا الوقت بالذات والتي بررها بوجود حكومة حماس اثارت الشكوك لدي البعض من أن تكون ادارة بوش هي التي دفعته للاستقالة حتي تأتي بمسئول آخر تكون سياسته موالية اكثر لاسرائيل. هيمنة امريكية ولا شك أن امريكا هي التي تهيمن علي اللجنة الرباعية الامر الذي همش الاطراف الثلاثة الاخري الاعضاء في الرباعية إلي جانب امريكا، فوجدنا روسيا لاحول لها ولا قوة ورغم انها تبنت موقفا ايجابيا نسبيا ازاء حركة حماس عندما استقبلت قيادتها الا أنها لا تستطيع القيام بدور مؤثر. اما الاتحاد الاوروبي فيتبني المواقف الامريكية وينسج علي منوالها. وتأتي الاممالمتحدة التي ساعد وجودها في اللجنة الرباعية علي أن تكون محكومة بالتحرك الامريكي بشكل لا يتناسب مع دورها كمنظمة دولية كان من المفروض أن تنأي بنفسها منذ البداية عن أن تكون عضوا في هذه اللجنة التي تهيمن امريكا عليها بشكل كامل. أولمرت وزيارة واشنطن.. يستعد ايهود أولمرت للقيام بزيادة إلي واشنطن في الحادي والعشرين من الشهر الحالي، وهي اول زيارة اه كرئيس لوزراء اسرائيل. اما هدف الزيارة فهو الحصول علي دعم بوش ومباركته لخطته الاحادية التي تتضمن الانسحاب الجزئي من الضفة والاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الكبري. حيث تتضمن الخطة نقل سبعين ألف مستوطن من مستوطنات معزولة إلي مستوطنات رئيسية وهو ما اعتبرته حكومة حماس بمثابة اعلان حرب. لقد حرص "أولمرت" قبل اجراء اية اتصالات مع دول في المنطقة علي تنسيق المواقف مع الحليف الامريكي اولا سعيا للحصول علي دعم مماثل للدعم الذي حظي به شارون من خلال وعد بوش الذي منحه اياه في اللقاء الذي تم بينهما في 14 ابريل سنة 2004 والذي اعتبر بمثابة وعد بلفور جديد. وعد جديد "أولمرت" اليوم يتطلع إلي أن يحصل علي وعد جديد من بوش يعيد خلاله تثبيت البنود التي سبق له أن أكدها لشارون والتي اسقط معها مبدأ حق العودة للفلسطينيين واسقط كذلك حدود سنة 67 وحق العرب في القدس وأن يمنحه (كارت بلانش) لأن يمضي قدما في كل الممارسات العدوانية ضد الفلسطينيين وفي بناء جدار الفصل العنصري وضم المستوطنات الكبري. اليوم تعاد الكرة ويتوجه "اولمرت" إلي واشنطن طلبا للدعم والتأييد حتي يستطيع تمرير خطته الاحادية بالنسبة لترسيم الحدود النهائية لاسرائيل في موعد أقصاه 2010 عبر عملية انسحاب من اجزاء من الضفة وتفكيك بعض المستوطنات والحفاظ علي كتل استيطانية كبري مخالفا بذلك ما قضت به محكمة العدل الدولية من ان كل المستوطنات الاسرائيلية في الضفة وغزة غير مشروعة لانها اقيمت علي أرض احتلتها الدولة الصهيونية سنة 1967 وهو بذلك يصادر ويضم اراضي يسعي الفلسطينيون لاقامة دولتهم عليها كما انه يصادر نتائج أية محادثات من المقرر ان تجري حول الوضع النهائي ويعمد الي اضاعة القدسالشرقية التي من المفروض ان تكون عاصمة للدولة الفلسطينية بالاضافة الي السيطرة علي غور الأردن. هناك فرق مباحثات بوش- أولمرت ستتناول بالقطع موضوع ملف إيران النووي والخطر الذي تمثله علي اسرائيل وموضوع الموقف من حماس ولابد هنا من الإشارة إلي ان خطة أولمرت التي يحاول من خلالها إعادة تجربة شارون في غزة وبالنسبة للانسحاب الآحادي ونقل المستوطنين الي الكتل الاستيطانية الكبري تعد اصعب بكثير فيما إذا أخذنا في الاعتبار ان خطة الانسحاب من غزة التي تمت في سبتمبر من العام الماضي قد فككت خمسا وعشرين مستوطنة وتم اجلاء ثمانية آلاف مستوطن اما خطة أولمرت فان عدد المستوطنات التي سيتم تفكيكها اكثر بكثير خاصة ان عدد المستوطنين الذين سيتم اجلاؤهم من الضفة واعادة توطينهم في المستوطنات الكبري يصل الي سبعين الف مستوطن. لقد حرص بوش علي ان يبعث برسالة دعم استباقي لحليفه الجديد أولمرت وذلك خلال الكلمة التي ألقاها يوم الخميس الماضي أمام اللجنة اليهودية الأمريكية في الذكري المئوية لتأسيسها والتي أكد خلالها ان التزام أمريكا بأمن اسرائيل راسخ ومستمر ولا يتزعزع.