لكل شيء تكلفة فعلا كان أم قولا وليس هذا من باب الفلسفة ولكنه من باب العلم والواقع والتكلفة COST يمكن النظر إليها من زاويتين.. الزاوية الأولي العائد الذي يتحقق منها والزاوية الثانية التوقيت الزمني الذي يتحقق فيه هذا العائد. فمن حيث العائد فإن التكلفة نفقة أو تضحية يترتب عليها عائد كما أنه يمكن توقعها ويمكن تقديرها ومن هنا فإن أي تضحية أو نفقة لا يترتب عليها عائد تخرج من نطاق التكلفة.. تلك قاعدة مهمة. واذا ما كان هذا العائد سوف يتحقق علي مدار سنوات مستقبلية فإن التكلفة هنا لابد ان تكون التصقت بأصل مادي أو معنوي يمكنه ان يحقق هذا العائد علي مدار حياته الانتاجية أو عمره الاقتصادي.. وهذا ما نطلق عليه التكلفة الاستثمارية Investment Cost أو التكلفة الرأسمالية Capital Cost. أما اذا كان العائد المتحقق من النفقة يمكن ان يتحقق في الأجل القصير فالنفقة هنا تعطي عائدها خلال ذات الفترة (السنة مثلا) فإن تلك التكلفة يطلق عليها تكلفة جارية Carent Cost أو تكاليف تشغيل فهي تكاليف مرتبطة بفترة محددة وتعطي عائدها خلال تلك الفترة.. فالعامل والصانع يعمل طوال الشهر لكي يحصل علي راتب أو أجر في نهاية هذا الشهر وهذا الأجر يكون قد تحقق مقابله انتاج او عمل معين تم أداؤه والخامات أو المستلزمات ا لتي استخدمناها كمدخلات في الحصول علي مخرجات معينة تكون تكلفة تلك الخامات قد التصقت بهذه المخرجات أو المنتجات عند استخدامها أي أن تكلفة الخامات المستخدمة قد تحقق مقابلها منتج سلعي أو خدمي معين في نفس الفترة وهذا المنتج له قيمة وهكذا.. علي انه يجب ملاحظة أننا هنا لا نتحدث عن خدمات تم شراؤها ولم تستخدم بعد فتلك الخامات التي لم تستخدم مازالت جزءا من أصل هو المخزون ولكن ما يعتبر نفقة جارية منها هو ما تم استخدامه فقط. ونتوقف هنا عند التكاليف الاستثمارية للمشروع في اطار دراسة الجدوي المالية والتي أشرنا بالأمس إلي أنها تتألف من ثلاثة عناصر هي الأصول الثابتة والتكاليف الرأسمالية لمرحلة ما قبل التشغيل وتكاليف رأس المال العامل. ويحدث القياس أحيانا في حدود بعض المفاهيم والمعاني هنا لعل من أهمها ما يلي: - عدم التفرقة بين اجمالي التكاليف الاستثمارية للمشروع واجمالي التكاليف الرأسمالية.. ذلك أن الأولي هي جميع التكاليف التي يتحملها المشروع منذ أن يكون فكرة حتي بداية تشغيله تجاريا ومن ثم فإنه يتضمن التكاليف الرأسمالية للأصول الثابتة بالاضافة إلي النفقات الرأسمالية لفترة ما قبل التشغيل وتكلفة رأس المال العامل أي ان الفارق بينهما يتمثل في رأس المال العامل. - عدم التفرقة بين التكلفة الاستثمارية ومجموع قيمة الأصول.. ذلك ان قيمة الاصول لا تشمل فقط الأصول الثابتة ولكن ايضا الاصول المتداولة او الجارية وكذلك نفقات ما قبل التشغيل مما يجعل قيمة مجموع الأصول تزيد علي قيمة التكلفة الاستثمارية لانها تضم فقط الأصول الثابتة ونفقات ما قبل التشغيل ورأس المال العامل الذي يمثل الفرق بين الأصول والخصوم المتداولة. - عدم دقة تحديد تكلفة رأس المال العامل ضمن نطاق التكاليف الاستثمارية مما يترتب عليه نقص في السيولة اللازمة لادارة عمليات التشغيل في حالة تقدير رأس المال العامل بأقل مما يجب أو يلزم. والمخرج من ذلك كله تحديد مفاهيم المتغيرات المستخدمة في اطار دراسة الجدوي أو أية دراسات مالية واقتصادية. وللحديث بقية بمشيئة الله