د. منير زهران حرص واضعو ميثاق الأممالمتحدة علي النص في ديباجته علي نبذ الحرب واستخدام القوة في العلاقات الدولية والمحافظة علي السلم والأمن الدوليين، ووضع حد للدمار وازهاق الأرواح، وإنقاذ البشرية من ويلات الحروب، ولم يفت واضعو الميثاق التأكيد علي مقاصد ومبادئ المنظمة التي تسترشد بها في نشاطها لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي لجميع الشعوب. والحقيقة أن نظام الأمن الجماعي الذي أتي به الميثاق حمل بذور عدم التوازن الذي يشكو منه المجتمع الدولي الآن، ويرجع السبب إلي التمييز بين الدول الأعضاء من خلال تشكيل واتخاذ القرار في مجلس الأمن الذي يضم خمس دول دائمة العضوية تتمتع بحق النقيض، ودولاً عضويتها مؤقتة يتم انتخابها من الجمعية العامة لمدة سنتين، هذا الوضع التمييزي استثناء مما نصت عليه المادتان الأولي والثانية للميثاق من مبادئ تؤكد المساواة في الحقوق بين الشعوب وتمتعها بحق تقرير المصير من ناحية، والمساواة في السيادة بين جميع الدول الأعضاء من ناحية أخري. وبالرغم من العديد من محاولات إصلاح الأممالمتحدة فلم يتم تصحيح الخلل رغم التعديلات التي دخلت علي الميثاق منذ اعتماده عام ،1945 فقد تم تعديل المواد 23 و27 و61 و109 خاصة توسيع عضوية مجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومؤتمر مراجعة الميثاق، بدون المساس بالوضع التمييزي للدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، ولم تغير القمة العالمية للجمعية العامة في سبتمبر 2005 هذا الوضع، وقررت فقط إلغاء الباب الثالث عشر من الميثاق (المواد 86 إلي 91) الخاص بمجلس الوصاية بعد استنفاد الغرض منه. وقد أسفر نظام الأمن الجماعي للأمم المتحدة عن ممارسات لمجلس الأمن انتهكت أحكام الميثاق والقانون الدولي وما صاحبها من ازدواجية في المعايير. وقد عانت القضية الفلسطينية أكثر ما عانت من تلك الممارسات التي أهدرت حقوق الإنسان الأساسية التي نص عليها الإعلان العالمي بما في ذلك الحق في تقرير المصير والحق في الحياة وحق العودة للاجئين، بل إن العديد من القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة بأزمة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية ظلت حبراً علي ورق، ولم تجد طريقها للتنفيذ علي أرض الواقع لنفس السبب، ألا وهو تحيز بعض الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن خاصة الولاياتالمتحدة لإسرائيل، وإساءة استخدامها لحق النقض في مجلس الأمن. ثم جاء الغزو الأنجلو أمريكي للعراق بشن حرب استباقية دون ترخيص من مجلس الأمن، وفشل المجلس في منع ذلك الغزو في مارس ،2003 وقد تذرع المعتدون علي العراق بحيازة نظام الرئيس صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل، وهي ذريعة زائفة، حيث فشلت فرق التفتيش الدولية في العثور عليها، كما لم تجد قوات الاحتلال الأجنبي أي أثر لها، فلجأت بعد فشلها إلي إبراز ذريعة أخري للغزو بإدعاء مواجهة الإرهاب الذي كان نظام صدام حسين بريئاً منه، فلم يعرف العراق مثل هذه الظاهرة إلا بعد احتلال أراضيه من جانب القوات الأمريكية والبريطانية وحلفائها. وبمناسبة تقديم السكرتير العام كوفي عنان تقريراً للجمعية العامة في الدورة العادية الثامنة والخمسين في سبتمبر 2003 حول تنفيذ إعلان قمة الألفية (التي عقدت عام 0200) جاء التساؤل عن مشروعية الحرب الاستباقية، واستعرض السكرتير العام في تقريره الوسائل والأساليب الكفيلة بالتصدي للتهديدات والتحديات العالمية في القرن الحادي والعشرين، واقترح توسيع عضوية مجلس الأمن حتي يكون أكثر تمثيلاً، وهو اقتراح دارت حول خلافات ولم يكتب له النجاح. وسوف نعرض فيما يلي لتلك التحديات ومقترحات الإصلاح مع توضيح بعض المفارقات. أولاً: التحديات التي تواجه الأممالمتحدة: إلي جانب ما قامت المنظمة الدولية بانجازه منذ نشأتها مثل إصدار العديد من الإعلانات الدولية وأولها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 وغيره من مواثيق حقوق الإنسان، والاتفاقيات الدولية مثل الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي وقانون البحار ومعاهدات الحد من التسلح ونزع السلاح وتصفية الاستعمار وتنسيق المساعدات الإنسانية، فقد واجهت المنظمة العديد من التحديات ومنها تهديدات السلام والأمن الدوليين علي المستوي الإقليمي والتعامل مع الفقر وتحديات التنمية. فبالإضافة إلي أزمة الشرق الأوسط خاصة القضية الفلسطينية حيث عجزت المنظمة عن إصدار العديد من القرارات من مجلس الأمن بسبب الضيق الأمريكي، فان ما صدر من قرارات عن المجلس أو الجمعية العامة لتسوية الأزمة لم تجد طريقها للتنفيذ مثل القرار 181 الخاص بتقسيم فلسطين والقرار 194 الخاص بعودة اللاجئين وقراري مجلس الأمن 242 و،338 مع ملاحظة أن معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل جرت ترتيباتها خارج إطار الأممالمتحدة. وبالتوازي مع ذلك، فان تحدياً آخر يواجه الأممالمتحدة إزاء اتساع الفجوة فيما بين الدول الغنية والدول الفقيرة، حتي وصلت إلي تفاقم مع