بالغ المصريون في فرحتهم بحصول الفريق القومي علي كأس الدورة الافريقية للمرة الخامسة والفرح أحيانا يكون الوجه الآخر للحزن الشديد.. وقد جمعت الدورة الافريقية هذه المرة حالتين من الحزن الشديد في حياة المصريين كانت الاولي بسبب ما حدث في الدانمارك من اعتداء صارخ علي رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام والرسوم البذيئة التي اهتزت بسببها قلوب المسلمين في صحوة من الغضب والاستنكار.. كانت الحالة الثانية هي غرق اكثر من الف شخص في البحر الاحمر في احدي سفن الموت وهي السلام 98.. ولاشك ان هذا الحزن الشديد في المناسبتين اضفي ظلالا كثيفة علي مباريات كأس الامم الافريقية وما حدث فيها.. ولهذا كان فرح المصريين يوم الجمعة الماضي عاصفا وسط مشاعر من اليأس والاحباط.. كانت المظاهرات التي اجتاحت الشوارع وعشرات الآلاف الذين ذهبوا لمشاهدة المباراة النهائية والوقت الضائع وضربات الترجيح.. كل ذلك انعكس علي الحالة النفسية للمصريين الذين خرجوا من بيوتهم حتي منتصف الليل.. ولاشك ان الفوز بهذه الكأس يرجع الي الجماهير التي وقفت خلف الفريق القومي وساندته بشدة.. كان حرص المواطنين ومن نوعيات جديدة تماما علي الملاعب ظاهرة فريدة.. من اسباب هذا الفوز ايضا المدرب حسن شحاتة وصبره الطويل علي اللاعبين وعلي الجماهير واستطاع ان يسقط اسطورة المدربين الاجانب وملايين الدولارات التي حصلوا عليها بلا عائد.. من اسباب هذا الفوز ايضا روح الفريق التي لعب بها الشباب المصري.. والغريب ان هناك احساسا جديدا بالانتماء ظهر بين الاجيال الجديدة وهم يرفعون اعلام مصر ويهتفون لها.. كان شبابنا قد نسي هذه المشاعر القديمة في صخب الاغاني والكليبات والمسلسلات وحالة التردي العام التي نعيشها الان.. ولم يكن الفريق المصري اقوي الفرق المشاركة من حيث الاداء والقدرات والتميز ولكن الشحن المعنوي والجماهير ومساندتها وحضورها جعل منه اقوي الفرق واكثرها تميزا.. لقد لعب الفريق بالانتماء والروح وهذه هي اقوي الجوانب التي ساعدت علي وصوله الي هذه النتيجة.. استطاع فريقنا القومي ان يرسم بسمة علي وجوه المصريين وان كانت خلفها ظلال اخري كثيفة عكست احزانا عميقة حملتها الاحداث في الايام الاخيرة ما بين كوبنهاجن والبحر الاحمر وضحايا عبارة الموت.