سببان رئيسيان ساهما من وجهة نظري في فوز مصر بكأس الأمم الافريقية هما الجهاز الفني والجمهور.. وحتي أكون أكثر تحديدا أقول إن المعلم حسن شحاتة المدير الفني للفريق المصري وهشام عباس آخر المطربين الشباب المحترمين كانا وراء الفوز. حسن شحاتة أثبت من خلال اختيار اللاعبين وفي فترة الاعداد وادارة المباريات ان مصر مليئة بالكفاءات والكنوز التي تحتاج إلي من يكتشفها ويعطيها الفرصة كي تثبت جدارتها وتصعد للقمة، وهناك مئات الألوف التي علي شاكلة حسن شحاتة موجودة في بلدنا ولكن ينقصها "النفاق" والكثير من "العلاقات العامة" وخفة الدم وثقل الجيب والاغداق بالمال حتي تأخذ حقها. فالمعلم شحاتة رغم شهرته الكروية في السبعينيات إلا أنه كان قليل الحظ، فلم يحصل علي هدايا من أمراء عرب كبعض رفاقه وزملائه، ولم يعرض نفسه كي يدرب في فرق خليجية أو حتي مصرية، بل ولم يتم اختياره أبداً في الجهاز الفني لكرة القدم بعد إعتزاله كمدرب حتي ولو علي سبيل المجاملة كغيره.. ولم يصل إلي مرتبة المدير الفني التي كانت في الغالب محجوزة للأجانب أمثال كرول وجيلي وتارديللي.. بل لم يدرب شحاتة حتي فريق الزمالك ولم يحظ بشرف المدير الفني في فريقه الذي ساهم في بطولاته وأفني فيه عمره الكروي. فعلي سبيل الترضية وبعد "عمر طويل" أخذ حسن شحاتة فرصته وعين مديرا فنياً لفريق الناشئين.. فحصل علي بطولة أفريقيا للشباب.. بل وصعد من منصب المدير الفني لفريق المقاولون - درجة ثانية - والذي اقتنص كأس مصر من الأهلي.. إلي منصب المدير الفني لمنتخب مصر.. وكان إختياره في الأساس "كسد خانة" بعد الخروج المهين لمصر من تصفيات كأس العالم علي يد تارديللي الايطالي الذي كان يدرب الفريق "بالمحمول من روما"، ونهب آلاف الدولارات من اتحاد الكرة وأقيل.. وكان اختيار شحاتة من أجل توفير النفقات.. وفي نفس الوقت لأنه قادر علي عمل نواة لفريق قومي قوي من بين اللاعبين الفائزين ببطولة أفريقيا للناشئين. والغريب أن بعض مسئولي اتحاد الكرة الفاشلين من معتادي الحصول علي سمسرة من المدربين الأجانب صرحوا في بعض الصحف أن مهمة شحاتة مؤقتة حتي يتم التعاقد مع مدير فني أجنبي كبير له شهرة عالمية.. و..! ورضي المعلم شحاتة بهذا الوضع لأنه وطني ولاعب دولي قديم ويعشق فانلة المنتخب ولا يهمه حصد المال، وأيقن أن الفرصة قد أتته ولابد أن يعطي "المعلم" الدرس للذين تسببوا في تراجع الكرة المصرية والمنتفعين من ورائها. فإختار جهازاً من لاعبين دوليين قدموا الكثير لمصر فكان الجهاز وطنيا بالكامل، وليس أجنبيا لا يفهم طبيعة اللاعب المصري وتكوينه النفسي والبدني، وبالتالي أعاد حسن شحاتة وجهازه الاعتبار لحسام حسن.. وأعاد اكتشاف إبراهيم سعيد ولم يهمه شهرة ميدو فكسر غروره.. وبالتالي فاز المعلم بالكأس وفي نفس الوقت أعطي للاعبين دروساً أخلاقية. أما هشام عباس - مطرب النيل - فقد أثبت ان الفن وسيلة جيدة للتغيير فأغنيته حول البطولة وتصويرها الذي ضم شباب وبنات من كل الأعمار والذين ارتدوا ملابس وكوفيات وقبعات بلون علم مصر بل ورسم العلم علي خدود البنات وحسب وصف زميلي وجاري هشام مبارك في مقالة بجريدة الأخبار كل ذلك كان بروفة لما حدث اثناء البطولة.. وكان الجمهور في المدرجات وخارجها نسخة كربونية لكليب هشام عباس و"استايل" عباس قدوة الشباب وإرتدت بعض النساء المحجبات غطاء الرأس بلون العلم بل ان اغنيته البسيطة ذات الكلمات الجميلة واللحن المميز حفظها الكبار والصغار، فقد رقص عليها ورددها بناتي الصغار ياسمين وحبيبة وسلمي.. وكانت كالنشيد الوطني الذي رددته الجماهير في الشوارع عقب كل مباراة لمصر شكرا للمعلم حسن شحاتة وشكراً للمطرب الأصيل هشام عباس فقد اثبتا ان الرياضة والفن من أسرع وسائل الاصلاح والتغيير.