الكم الكبير من قضايا الفساد تم اكتشافها منها مؤخرا يعكس في الظاهر النشاط غير العادي لاجهزة الرقابة ولكن في المقابل بأن ادوياد حالات الفساد ووجود قضايا فساد سكوت عنها وسقوط رموز وشخصيات وقيادات لها وزنها في المجتمع يؤكد ان هناك ثغرات في عمل الاجهزة الرقابية ولاسيما ان هناك فسادا مقننا صغيرا كالرشوة والعمولات قد لايدخل في إطار القضايا الاعلامية التي يتم اكتشافها والاعلان عنها. وطبقا للتقارير الدولية ورصد الاجهزة الرقابية المحلية فان حالات الفساد تتزايد وهناك اعتداءات مستمرة علي المال العام كما ان حالات الرشوة والعمولات في تزايد مستمر مما يؤكد ان عمل الاجهزة الرقابية يحتاج الي دفعة كي تلاحق المستجدات وتكافح الفساد. والتساؤل هنا: هل يمكن للاجهزة الرقابية ان تنجح في القضاء شبة الكامل علي الفساد ام ان تعددها قد يعيق عملها وايضا هل الامر يتطلب تقوية تلك الاجهزة وتوحيدها في جهاز واحد كي تستطيع ان تؤدي عملها دون معوقات في البداية يوضح الدكتور محمد عبد البديع عسران نائب رئيس مجلس الدولة وأستاذ الاقتصاد المنتدب بجامعة عين شمس. ان تعدد الجهات الرقابية ضرورة خاصة بعد ازدياد حالات الفساد ويضيف انه رغم اهمية الجهات القائمة علي مكافحة الفساد فإنها تحتاج الي تحديد دقيق لاختصاص كل جهة علي حدة. ويرصد د. عسران وجود تداخل بين العديد من الجهات الرقابية ويقول ان الرقابة الادارية تراقب الجهات الادارية فيما يخص الانفاق والايرادات وهو ما يقوم به ايضا الجهاز المركزي للمحاسبات كما يتداخل عمل المدعي العام الاشتراكي والجهاز المركزي للمحاسبات حيث يراقب كل منهما الاختلاسات. المراجعة ضرورية وتوضح الدكتورة يمن الحماقي عضو امانة السياسات بالحزب الوطني واستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس رغم تعدد الجهات الرقابية في مصر الا انها لم تنجح المحاكمات وهذا يساعد علي افلات المفسدين من العدالة. وتختلف د.يمن مع الآراء السابقة وتري ان كل جهاز رقابي له دور مختلف عن غيره من الاجهزة الرقابية الاخري. وتؤكد د.يمن ان المشكلة هي عدم فاعلية الرقابة موضحة وجود دور محدد يقوم به الجهاز المركزي للمحاسبات ورغم الجهود التي يقوم بها في تقديم التقارير عن الخلل في هياكل تمويل بعض الشركات او إهدارها للمال العام فإن هذه التقارير لاتؤدي الي اي تغير او مساءلة. وتضيف د.يمن ان حديث الرئيس مبارك عن تعزيز الدور المؤسسين للمجالس النيابية يعد اشارة لضرورة تفعيل دور مجلسي الشعب والشوري في الرقابة. وتعتبر د.يمن ان جهاز المدعي العام الاشتراكي وسيلة لتجميد الاموال ولايمكن مساءلة المدعي الاشتراكي عن كيفية استثماره او إدارته للاموال التي يتحفظ عليها. وتذكر انها شخصيا اضيرت من هذا الجهاز عندما حجزت وحدة سكنيية في الثمانينات ودفعت خمسة الاف جنيه كمقدم وبالصادقة تم التحفظ علي اموال مالك العقار لدي المدعي العام الاشتراكي ولم يستطع هي وباقي حاجزي الوحدات السكنية في هذا العقار الحصول علي اموالهم الا بصعوبة شديدة وخلال فترة زمنية طويلة. وتؤكد د.يمن الحماقي ان مراجعة عمل هذه الاجهزة والغاء ما لايناسب العصر يعد ضرورة لان مصر تحتاج لتغييرات مستمرة ومتعددة لتحديثها. ويري المهندس محمد الاشقر رئيس جمعية مكافحة الجباية والفساد ان الجهات الرقابية المتعددة في مصر لم تنجح علي كثرتها في مواجهة الفساد الذي يحتاج لموقف شعبي لمكافحة من خلال اللجان الشعبية وجمعيات المجتمع المدني. ويقترح الاشقر ان تنشأ لجنة قانونية بكل حي ومدينة ومركز لتتولي مواجهة الفساد وخاصة الجباية التي تتم خلال مرافق الدولة حيث اصبح لكل رئيس مؤسسة الحق في فرض رسوم علي خلاف القانون لأن فرض الرسوم لايتم الا لموافقة بمجلس الشعب. نفس الاختصاصات ويوضح الدكتور محمد السيد سعيد رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والسياسية بالاهرام ان تعدد الجهات الرقابية يعكس الازدواجية التي تعاني منها البيئة الادارية المصرية عموما حيث بدأ جهاز الدولة يتشعب اكثر من اللازم ونجد العديد من الاجهزة التي تقوم بنفس الاختصاصات. ويضيف د.محمد السيد السعيد ان هذه الاجهزة الرقابية رغم كثرتها لم تستطع مكافحة الفساد لانه اصبح جزءا من منهجية عمل الجهاز الاداري واصبح الاتهام بالفساد لايمثل اكثر من وسيلة لتصفية الحسابات والنزاع علي المناصب. ويؤكد السعيد علي ضرورة زيادة كفاءة الاجهزة الرقابية وتقليص عددها وتحديد دور كل منها بدقة وهذا يستلزم اولا تعريف سياسي واجتماعي لما يسمي فسادا مشيرا الي غياب الوضوح حول قبول او تجريم بعض الممارسات في مجال الاعمال مثل العمولات الاكراميات وما هو المسموح منها وما الذي يعتبر فسادا؟ ويؤكد كذلك علي ضرورة استقلال الأجهزة الرقابية عن الحكومة والارتقاء بالأداء البرلماني ليقوم مجلس الشعب بدوره الرقابي.