علي بعد أيام لا تتجاوز أصابع اليد، يعقد في مكتبة الاسكندرية مؤتمر لمناقشة الحالة التكنولوجية في العالم العربي، ولأنه مؤتمر تطبيقي أطلق عليه لقب "سومبوزيم" وعلي حدود معلوماتي فتلك الكلمة تطلق علي الإبداعات الفنية من نحت أو ما شابهه من مجالات، وأظن أن الكلمة تستخدم في مصر لأول مرة في مجال تطبيقات التكنولوجيا.. ولأن المهندسة هدي الميقاتي المسئولة العلمية عن أصدقاء المكتبة من العلميين، فأنا واثق أن هذا المؤتمر التطبيقي سيكون جادا للغاية، ولن يسمح للتدليس أن يكون ضيفا زائرا لهذا المؤتمر. أقول ذلك، لأني أعرف هدي الميقاتي، وأعرف أسلوب اسماعيل سراج الدين في إدارة مكتبة الاسكندرية، وهو أسلوب لا يرفض أبدا حقائق الواقع مهما بلغت من السوء، ويستطيع من حقائق هذا الواقع أن يستكشف الأمل القادم لا محالة، فالتشاؤم بالنسبة لاسماعيل سراج الدين هو رفاهية لا يقدر علي ممارستها من تصدي لرفعة العمل العلمي في هذه البلاد. وحين أتحدث عن اسماعيل سراج الدين بهذا الحماس فهذا بسبب أملي الشخصي أن يتعلم منه الكثيرمن كبار المسئولين كيفية إدارة أي موقع من القلب والإحساس واتباع المنهج العلمي في اَن واحد، فهو رجل لا يدخل المكتبة بحراسة أو بجيش من التابعين، ولكنه يعرف بالتأكيد كل فرد في المكتبة، ويضع معايير موضوعية للتعامل من الشباب وهم يمثلون أكثر من 95% من العاملين بالمكتبة، وهذا رقم غير مبالغ فيه، بل إن الترقيات تتم علي أساس الإبداع الفعلي في العمل، وليس علي القرابة أو الوساطة أو غير ذلك من أساليب الفهلوة أو القفز فوق الأكتاف، أقول ذلك وليس لي أدني مصلحة بالمكتبة، واسماعيل سراج الدين لا يحتاج إلي شهادتي كي أكتب عنه مثل هذا الكلام، ولكني أحتاج إلي الأمل الفعلي في مستقبل هذا البلد، بحيث يصنع هذا المستقبل أشخاص لهم كرامة ويتبعون الشفافية، ولا يقبلون الضغوط بأي شكل من الأشكال. وأقول ذلك وكان أحد أحلامي أن أكون ضمن المشاركين في هذا المعرض لسبب بسيط للغاية، هو أن المسافة بين العقول التي تتحدث عن تطبيقات العلوم في بلادنا، تملك من الألفاظ الفخمة الكثير، وتملك من النماذج التطبيقية القليل. ولكني لن أحضر هذا المعرض لأني ببساطة سأكون في ميتشجان بالولايات المتحدة في رفقة معرض اَثار البحث عن الخلود، وهو المعرض الذي تساهم تكلفة مشاهدته من الأمريكيين وغيرهم من البلاد في نفقات بناء المتاحف المصرية التي يجري بناؤها الاَن علي قدم وساق، لتصون الاَثار من الإهمال القديم الذي عانت منه منذ أن تعرفنا أن التماثيل الفرعونية ليست "مساخيط" يتم بيعها للأجانب، ولكنها تراث إنساني يحتاج إلي صيانة وحسن عرض. أقول ذلك وأنا أحلم أن يكون عندنا "معارض افتراضية" أي نماذج لما نراه في الواقع من اَثار علي شاشات الكمبيوتر، أو علي الأقل أن نتعرف علي كيفية صناعتها، فهذا العمل يمكن أن يدخل في نسيج التعليم في بلدنا المحروسة. أخي اسماعيل سراج الدين شكرا علي إنجازك. وأختي هدي الميقاتي أعتذر لك عن عدم الحضور لأني أتواجد الاَن مع عقليات القدماء من المصريين الذين مارسوا الحياة بأسلوب علمي يرقي إلي مستوي العبادة.