حددت تكليفات الرئيس مبارك للحكومة الجديدة، والتي جاءت في خطاب التكليف بالتشكيل الوزاري للدكتور أحمد نظيف في 27/12/2005 ملامح وأهداف السياسة الاقتصادية لمصر في المرحلة القادمة. كما حددت هذه التكليفات أيضا الوسائل التي يتم اتباعها لتحقيق هذه الأهداف، وكذلك البعد القطاعي والبعد الجغرافي للتوجهات الاقتصادية وتبلورت أهداف السياسة الاقتصادية في المرحلة المقبلة في هدفين أساسيين هما اتاحة المزيد من فرص العمل ومحاصرة البطالة ورفع مستوي معيشة المواطن المصري من جهة أخري والترجمة الاقتصادية لهذين الهدفين هي خفض معدل البطالة وزيادة معدل النمو الاقتصادي بما يزيد علي معدل نمو السكان أما الوسائل التي تم تحديدها لبلوغ هذين لهدفين فهي تتفق مع المنطق الاقتصادي وهذه الوسائل هي وفقا للترتيب المنطقي لها: زيادة معدل نمو الاستثمار، جذب مزيد من الاستثمارات، تعزيز القدرة التنافسية للصادرات المصرية في الاسواق العالمية، تنمية قطاع السياحة باعتبارها صادرات للخدمات، زيادة دور القطاع الخاص في عملية التنمية الاقتصادية وتشجيعه عن طريق تهيئة المناخ الملائم له للقيام بهذا الدور، تنمية رأس المال البشري عن طريق تطوير قطاعي التعليم والصحة مع التركيز علي التدريب لرفع كفاءة الأداء، والارتقاء بالبحث العلمي وتوسيع قاعدته ويقصد بذلك اقتصاديا زيادة الإنتاجية عن طريق التدريب والتقدم التكنولوجي أما البعد القطاعي في تكليفات الحكومة الجديدة فهو تطوير قطاعات الصناعة والزراعة والمرافق والنقل والمواصلات ويأتي بعد ذلك البعد الجغرافي في خطاب التكليف ليشمل تحديث القري والريف ومدنه في الصعيد والدلتا. وتعتبر هذه التكليفات في جانبها الاقتصادي رسالة واضحة إلي البنوك الأعضاء في الجهاز المصرفي بقيادة البنك المركزي المصري وهي الرسالة التي يجب وضعها في الاعتبار من جانب هذه البنوك عند صياغة توجهاتها الاستراتيجية ورسم سياساتها الاستثمارية والائتمانية وذلك من أجل المشاركة الفعالة في دفع عجلة النشاط الاقتصادي نحو الأهداف التي تم تحديدها في تكليفات الحكومة الجديدة. ويقصد بذلك في رأينا أن تركز بنوك مصر في نشاطها المصرفي علي صياغة برامج تمويلية للصناعات الصغيرة وهي الصناعات التي تمتص قدرا كبيرا من قوة العمل والتوسع في فتح فروع في الأقاليم لتغطية البعد الجغرافي ويقصد هنا البنوك الخاصة، مع التركيز علي أقاليم الصعيد، وإنشاء شركات للتسويق الداخلي والخارجي لمنتجات الوحدات الإنتاجية الصغيرة، وزيادة الأهمية النسبية لتمويل قطاع الصناعة وخاصة الصناعات التصديرية والصناعات كثيفة العمالة باعطاء هذه المجالات مزايا تمويلية في تكلفة الائتمان وفترات السداد كما يجب أن تتضمن السياسات المصرفية للبنوك المصرية اعطاء مساحة أكبر لتمويل النشاط السياحي باعتباره نشاطا تصديريا ونشاطا كثيف العمل أيضا وذلك سواء بتأسيس شركات للاستثمار في مجال السياحة أو اعطاء مزايا تفضيلية لتمويل المنشآت السياحية. كما يمكن لبنوك مصر أن تلعب دورا مؤثرا في نشاط التعليم عن طريق التوسع في القروض الشخصية لسداد المصروفات الدراسية هذا بجانب التوسع في نشاط قروض الاستهلاك الذي بدأته البنوك المصرية منذ سنوات قليلة وذلك من أجل تدعيم الانفاق علي الناتج الكلي وزيادة معدل النمو الاقتصادي علي النحو المنشود. وكما يمكن للجهاز المصرفي أن يساهم في زيادة التوظف وايجاد فرص جديدة للعمل وخفض معدل البطالة، فإن زيادة التوظف وخفض معدلات البطالة سوف يكون له أثر ايجابي أيضا علي نشاط الجهاز المصرفي حيث تؤدي زيادة التوظف إلي زيادة الدخول وبالتالي زيادة الودائع لدي الجهاز المصرفي، ومن ثم زيادة قدرته علي الاقراض ومنح الائتمان كما أن زيادة التوظف يمكن أن ينشأ عنها زيادة في الطلب علي القروض الشخصية، وبالتالي زيادة القروض الممنوحة من الجهاز المصرفي وزيادة أرباحه وبالاضافة إلي ذلك فإن زيادة التوظف وزيادة الدخول قد يترتب عليها تحسن في جودة الأصول لدي الجهاز المصرفي حيث يتحسن موقف سداد القروض والمديونيات ومن المتوقع أيضا أن يترتب علي زيادة التوظف وزيادة الدخول وانخفاض معدل البطالة زيادة الطلب الكلي علي السلع والخدمات وبالتالي زيادة نشاط مؤسسات الأعمال وزيادة فرص التوسع في أعمالها وبالتالي زيادة الطلب علي القروض والائتمان من الجهاز المصرفي. بهذه التوجهات يمكن لبنوك مصر بقيادة البنك المركزي المصري أن تكون قد استوعبت رسالة الرئيس مبارك وأن تشارك بفاعلية مع الحكومة الجديدة في عزف لحن النهضة الشاملة لمصر.