مع بداية العام الجديد 2006 تتعالي الأصوات والتكهنات حول الواقع الاقتصادي والسياسي.. الخ، إلا أن الواقع يقول إن الأيام والشهور القادمة ستبدو مختلفة في المناخ الاقتصادي عن الأعوام المنصرمة، خاصة مع الاتجاهات الجديدة نحو التحرر واعادة الهيكلة وتمرد الدول النامية والفقيرة أمام العالم الغني والذي لا يلتفت كثيرا للعالم الثالث أو الرابع! وفي قراءة سريعة لآراء وتوقعات المحللين الاقتصاديين نجدهم يشيرون لتغير المناخ الاقتصادي في العام الجديد وهذا هو كينيث روجوف الكاتب والمحلل الاقتصادي في جامعة هارفارد الأمريكية وكبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي سابقا يشير إلي أن العام الجديد 2006 سيشهد بزوغ نجم الاقتصاد الصيني أكبر وأكبر في الاقتصاد العالمي مع تغيير سياساتها نحو السيطرة علي العولمة ونجاح بنكها المركزي في محاربة التضخم وخفض معدلاته ولا يختلف الأمر كثيرا في بقية الدول الآسيوية المتقدمة مثل كوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة والهند ومعظم دول جنوب شرق آسيا والتي تنافس الولاياتالمتحدة والصين في نيل نصيب من كعكة التجارة العالمية ورفع إنتاجها القومي في نفس الوقت مهما كلفها هذا التنافس ففي الصين وحدها يموت نحو 20 عامل سنويا في مناجم الفحم ومع ذلك يطل الإنتاج عند أعلي مستوياته ويري روجوف أن ظاهرة تحدي التضخم وخفضه ظاهرة لن تتوقف لدرجة أن الكونغو والبرازيل وهما من الدول التي تعاني من معدلات تضخم خيالية نجحتا في التعامل مع التضخم وخفضت قدر المستطاع بل اكتسبتا خبرة في التعامل مع هذه الظاهرة. الاقتصاد العالمي يتجه لمواجهة مشكلاته المالية والتحرر هذا ما يراه أيضا جراهام اليسون أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد والمستشار المالي في احدي المؤسسات المالية بنيويورك والذي يشير إلي أن الولاياتالمتحدة تجد منافسة كبري لها في المجالات التجارية والاقتصادية خاصة من أوروبا وهذا أمر تقليدي لكن الأمر غير التقليدي والحرب التجارية والمنافسة مع أباطرة آسيا من الدول الناجحة اقتصاديا خاصة الصين وتتضح آثار هذه المنافسة (الحرب) علي سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي سيسعي لخفض الفائدة وقد اتجه لذلك بالفعل بعد هجمات وأحداث الحادي عشر من سبتمبر لكن الأزمات في قطاع النقل والطيران أثرت علي الخطط التي ترمي لخفض الفائدة وجذب الاستثمار. ومع نهاية العام 2005 تجاوز الاقتصاد العالمي أزماته المتمثلة في ارتفاع أسعار البترول لمستويات لم يصلها من قبل وكذلك تجاوز المحن والكوارث من الأعاصير والزلازل، اضافة إلي انتهاء معظم أزمات شركات الطيران الخاسرة. ومع كل هذا التفاؤل تبقي بعض المشكلات الاقتصادية العالقة مثل عجز الموازنة الأمريكية وتزايد العجز في الميزان التجاري بالرغم من تعافي الاقتصاد كما تبقي مشكلات البطالة لكن بحدود ومعدلات أقل من الأعوام السابقة. وتبقي أيضا عدة مشكلات من المديونية في أمريكيا اللاتينية. وتحتاج آسيا في رأي بعض المحللين - لمزيد من المرونة في أسعار صرف عملاتها بالرغم من المخاطرة العالية في هذا التحرر. أما مشكلة التجارة الدولية فهي مستمرة ولكن مع تمرد الدول الفقيرة والتي ترفض سياسة الدعم الزراعي وكان هذا واضحا في جولة (هونج كونج) لمنظمة التجارة العالمية. وفي النهاية هناك تفاؤل كبير لكن التوقعات ليست في نهاية المطاف وقد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.