عندما اخفقت شركة "ديل" في تحقيق حجم المبيعات المستهدف في الربع الثالث من العام الحالي حاول كيفين روللينز الرئيس التنفيذي للشركة التهوين من الامر ولم يظهر المستثمرون اي نوع من القلق.. ولكن اعلان ديل انها لن تحقق المبيعات المستهدفة في الربع الحالي ايضا اثار زوبعة من عدم الرضا.. صحيح ان الشركة لاتزال تسيطر علي سوق مبيعات معدات واجهزة الكمبيوتر التي تحتاجها الشركات ولكن مبيعاتها من اجهزة الكمبيوتر الشخصي للافراد لا تنمو بنفس القوة السابقة وانما هي علي العكس تتراجع. وتقول مجلة "بيزنس ويك" ان الشركات المنافسة مثل هيوليت - باكارد وجيتواي تقدم تخفيضات كبيرة في اسعار اجهزة الكمبيوتر الشخصي المبيعة للافراد ولذلك فان اجهزتها تنتشر في آلاف المتاجر في حين لاتزال ديل تعتمد علي عمليات البيع المباشر ولذلك فان ديل لم تعد قادرة في مجال المبيعات للافراد علي المنافسة لا من حيث السعر ولا من حيث اتساع شبكة التوزيع. والحقيقة ان الشركات المنتجة لاجهزة ومكونات الكمبيوتر الشخصي اما ان تركز علي سوق الشركات او علي سوق الافراد.. وقد اعتادت ديل التركيز علي سوق الشركات ولم تتعود علي دخول اية اسواق الا اذا كانت ارباحها مضمونة كما انها تسارع الي سحب اي منتج من السوق اذا لم يكن قادرا علي تحقيق الحد المعقول من الارباح.. ولذلك مثلا نجد ديل مترددة في دخول السوق الصيني الكبير من اجل البيع للافراد خصوصا وانها تعتقد ان الصينيين يحتاجون الي اجهزة ذات اسعار منخفضة لا تستطيع ان توفرها لهم بالاسعار التي تلائمهم دون ان تخسر. ولابد من الاشارة الي ان هذا السلوك العملي هو السبب في نجاحات ديل السابقة فبيع جهاز كمبيوتر لفرد ليس مربحا مثل توقيع عقد مع شركة تشتري بمقتضاه آلاف الاجهزة.. في حين ان الانتاج للافراد مكلف تماما مثله في ذلك مثل الانتاج للشركات لان كليهما يريد احدث التقنيات واذكي التصميمات. ولكن ما يحتاج الي وقفة حقيقية هو ان النمو في مبيعات ديل للافراد لم يعد كما كان.. ففي عام 2003 كان معدل نمو هذه المبيعات 18% انخفض الي 13% فقط عام 2004 ولا يتوقع ان يزيد علي 10% في عام 2005 ليصبح اجمالي مبيعات ديل للافراد هذا العام 8.4 مليار دولار وذلك حسب تقديرات (FTN) ميد ويست سيكيورتيز.. اكثر من ذلك فان سعر سهم ديل قد هبط من 40 دولارا في اغسطس الي 29 دولارا فقط في الوقت الراهن!! وتقول مجلة "بيزنس ويك" ان هذا كله وضع ديل وقيادتها في ورطة فالشركة حققت معدل نمو اجمالي 19% في عام 2004 ولكي تواصل النمو بنفس المعدل عليها ان تتوسع في سوق المبيعات للافراد ولكن زيادة الطلب في سوق الافراد لن تتجاوز 8.4% في العام القادم ثم 10% في عام 2007 حسب تقديرات وكالة الابحاث (IDC) ريسيرشر.. وفي نفس الوقت فان زيادة الطلب في سوق الشركات لن تتجاوز 5.9% في العام القادم ترقي الي 7.8% عام 2007.. وهكذا فان مبيعات ديل في السوقين "الافراد والشركات" التي ستبلغ 55 مليار دولار هذا العام لن تجد من الزيادة في الطلب في السوقين ما يدفعها الي الامام. والسؤال هو: كيف تتفادي ديل هذا المصير؟ والجواب ببساطة ان ديل تواجه خيارات صعبة فهي لا تستطيع خفض الاسعار دون تآكل هوامش الربح لانها سبق ان استنفذت كل طرق خفض التكاليف وبالفعل فقد تآكلت هوامش ارباح عملياتها من 5.9% عام 2003 لتصبح 5.2% فقط في العام الماضي.. وهذا علي عكس الحال في هيوليت - باكارد وجيتواي اللتين تملكان فرصا اكبر لخفض الاسعار مع زيادة هامش الربح عن طريق خفض اكبر في التكاليف.. وهكذا لم يعد امام ديل سوي احد خيارين حسب تقديرات تشالز سمولدرز المحلل في جارتنر.. اولهما خفض اسعار مبيعاتها للافراد مع ضبط التكاليف تبعا لذلك مهما كان الثمن وثانيهما هو التركيز علي سوق الشركات وحده مع التضحية بنصيبها من السوق ومعدل نمو الارباح ولاشك ان وعي وول ستريت ومشتثمريها بهذه الخيارات الصعبة هو الذي ادي الي انخفاض سعر سهم ديل في الاسابيع الاخيرة.