معلوم ان النقود بمعناها الضيق تتكون من مجموع النقود المصدرة عن طريق السلطات النقدية بالدولة (البنك المركزي - وزارة الخزانة) ونقود الودائع هي النقود التي يخلقها النظام المصرفي (البنوك مجتمعة) نتيجة الودائع التي تتوافر لديه. بمعني أن النظام المصرفي يستطيع ايجاد كمية من النقود تفوق اوضاع كمية النقود (الودائع) التي أودعها العملاء لدي البنوك وذلك يستند إلي الأسس والقروض التالية: 1- ان البنوك التجارية الحديثة نشأت وتطورت من نظام الصيارفة في العصور الوسطي وقد كان الصيارفة يحتفظون بأموال العملاء في خزائن أمينة مقابل عمولة تجنبا لتآكل العملات حيث كانت معدنية (ذهب وفضة من جانب) وتجنبا لمشاكل السرقة. ولما استقر النظام وزادت الثقة في الصيارفة لم يعد صاحب المال ليسحب نقوده إلا عند الحاجة ووجد الصيارفة أن جزءاً من هذه الأموال (الودائع) يبقي دون سحب من جانب العملاء لفترات طويلة تسمح لهم باستغلالها دون مخاطر فقدموها قروضا للغير مقابل فائدة وكانوا حريصين علي استردادها حسب مدد معينة وبضمانات مؤكدة طلبا للسلامة في حالة زيادة سحب العملاء عما تعودوا عليه. واستندت البنوك التجارية الحديثة علي هذه الفكرة في إقراض الغير علي اساس فترات او آجال مختلفة بأسعار فائدة متباينة وبضمانات مؤكدة مما ساعد هذه البنوك علي تكوين اصول هائلة من أموال المودعين. ومعلوم ان الودائع التي يودعها العملاء لدي البنك بشكل عام علي نوعين ودائع لاجل وتحمل فائدة يتحدد سعرها حسب المدة والمبلغ وتقوم البنوك باقراض هذه الودائع بآجال مختلفة وبأسعار فائدة مختلفة أعلي من أسعار الفائدة التي يحصل عليها المودعون من هذه الفروق مقابل مصاريف البنك والتي يتحملها العميل ويتكون مكسب البنك من هذه الودائع. اما الودائع الأخري فهي مبالغ بالحساب الجاري والاصل فيما انها خدمة يقوم بها البنك ويتقاضي مقابلها اتعابا يتحملها العميل صاحب الحساب الجاري وان كان في ظل التطور الحديث اصبحت الحسابات الجارية معفاة من التكلفة بالاضافة إلي ان بعض البنوك في بعض الدول تعطي عائدا لزيادة الايداع ترقبا للفوائد المتوقعة من وراء الزيادة في الحساب الجاري. ويرجع ذلك إلي أن اصحاب الحساب الجاري لا يسحبون ارصدتهم مرة واحدة وعلي المستوي العام فان جزءا ما من مجموع ارصدة الحسابات الجارية يبقي طول العام دون سحب او استخدام ومعني هذا ان البنوك يمكنها الاستفادة من المبالغ الراسخنة لديها بإقراضها للغير بحذر شديد بحيث يمكن توزيع هذه القروض علي محفظة استثمارية. واذا ما تصورنا ان افراد المجتمع يتعاملون مع العديد من البنوك، فاذا حصل أحدهم علي قرض من بنك ما وقام بعضهم بإيداع هذا القرض في حسابه ببنك آخر فانه بذلك يزيد قدرة البنك الآخر علي منح الائتمان حيث سيقوم البنك الأخير باحتجاز نسبة السيولة (الاحتياطي) ويقرض الباقي لعميل آخر، وإذا ما قام العميل الآخر بإيداع هذا المبلغ ببنك ثالث لاستطاع البنك الثالث حجز الاحتياطي والباقي يمكن اقراضه. اي أن القطاع المصرفي يستطيع ان يوجد نقود ودائع اضعاف حجم الودائع الاصلية ويعتمد ذلك علي نسبة الاحتياطي ولادراك هذه العملية يمكن افتراض مثال: اودع شخص 1000 جم في احد البنوك وان نسبة الاحتياطي 20% فان البنك قادر علي اقراض 80% من الوديعة وقام المقترض بايداعه هذا المبلغ في بنك ثان احتجز 20% منها واقرض 80% لعميل آخر والذي قام بدوره بإيداعها ببنك ثالث.. واذا استمرت حلقات الايداع حتي بلغت الوديعة الاخيرة صفراً لوجدنا ان حجم الودائع سيصل إلي نحو 5000 جم أي خمسة اضعاف الوديعة الأصلية. ويترتب علي ذلك ان انخفاض نسبة الاحتياطي تساعد علي امكانية البنوك في ايجاد نقود الودائع والعكس صحيح كما تقل هذه الامكانية في حالة رفع نسبة الاحتياطي او في حالة عدم اكتمال حلقات الايداع والاقراض.