"حقيقة ولا خيال".. ان الاستثمارات الأجنبية التي وصلت إلي الشركاء المتوسطيين ومنهم مصر وصلت بالكاد إلي نفس مستوي الاستثمارات التي وصلت إلي بولندا بمفردها والذي بلغ في المتوسط 8 مليارات يورو خلال السنوات القليلة الماضية واهتمت هذه الاستثمارات في الأساس بقطاعات الطاقة والاتصالات وتراخيص الصلاحية للسوق والسلامة العامة ومصانع الأسمنت والقليل من الفنادق وشركات اللبن والمشروبات وظل نصيب الاستثمارات "البكر" هامشياً.. هذا ما أكدته أحدث دراسة عن الشراكة الأوروبية المتوسطية بعد مرور 10 سنوات علي اتفاق برشلونة والتي أعدها كل من الدكتور سمير رضوان رئيس منتدي البحوث الاقتصادية للدول العربية وجان لوي ريفيرز رئيس معهد البحر المتوسط. وأكدت الدراسة أنه رغم تطور التكامل الجنوبي الجنوبي قليلاً واتفاقيات أغادير التي وقعتها المغرب والأردن وتونس ومصر عام 2004 وكان يجب تنفيذها في الأول من يناير 2005 ولأنه لم تتم المصادقة علي هذه الاتفاقيات فقد تأجل تنفيذها ومن الصعب التنبؤ بالتأثير الدقيق الذي قد تحدثه هذه الاتفاقيات في ضوء السلبيات الموجودة علي القائمة بدعوي التشابه في هياكل الإنتاج للدول المعنية.. مشيرة إلي أنه لا يوجد شريك متوسطي باستثناء سوريا قام بتطوير تجارته مع جيرانه إلي نسبة تزيد علي 10% من الصادرات. وحددت الدراسة 4 تفسيرات لهذا المستوي المنخفض من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في دول البحر المتوسط الأول يرجع إلي الحجم الصغير للسوق المحلي وغياب التكامل الجنوبي الجنوبي الحقيقي والتفسير الثاني يقوم علي حقيقة أنه أثناء الفترة نفسها قدمت أوروبا الشرقية رؤي مستقبلية واعدة علي المدي البعيد واحتمالات التحاقهم بالركب يقدم للمستثمرين ضماناً بأنه لن يكون هناك تراجع في عملية الاصلاحات التنظيمية والمؤسساتية.. والتفسير الثالث هو أن الصناعات التي تواجه صعوبات تمت خصخصتها وإعادة هيكلتها بتشجيع ومساعدة من أوروبا وهي عملية لم تحدث بالحجم الكافي في دول الشركاء المتوسطيين.. أما التفسير الرابع هو أن هذه البلدان تتحرك نحو تكامل أعمق ويتعدي حدود تطوير بعض التعريفات الجمركية وينسحب إلي إصلاح أطرها القانونية وتطبيقاتها بشكل تدريجي لتصبح متناسبة مع المعايير الدولية مع التمتع بأموال موجهة نحو البنية الهيكلية وهو ما لم يكن ممكنا لدول الشركاء المتوسطيين لوضع رؤية طويلة المدي وأن تجسد الفكرة المركزية لإعلان برشلونة وهي وجود "منطقة تقتسم الرخاء" ولها استراتيجية متماسكة تطبق بيسر. موقف الاستثمارات الأجنبية أضافت الدراسة أنه في عام 2001 زادت الاستثمارات الأجنبية المباشرة الموجهة للشركاء المتوسطيين عن 12 مليار دولار أمريكي ثم هبطت إلي 2.6 مليار دولار عام 2002 ثم ارتفعت مرة أخري إلي 9 مليارات دولار في عام 2003 ولكن هذا النمو كان يرجع في الأساس إلي زيادة الاستثمارات الموجهة إلي إسرائيل وفي نفس العام عاد نصيب الشركاء المتوسطيين في التوزيع العالمي للاستثمارات الأجنبية المباشرة إلي مستوي عام 1990 ولكن بالنسبة للأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي كان الوضع مختلفاً وهو ما أظهر بوضوح أن ثقة المستثمرين توجهت بالأساس نحو دول أوروبا الشرقية وقد بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة للشركاء المتوسطيين "باستثناء إسرائيل" فقد بلغت ربع التدفقات الموجهة للأعضاء الجدد. وأوضحت الدراسة أنه طبقاً لتصنيف الأونكتاد 2004 والذي يتوسع ليشمل كل مؤشر أداء يربط نصيب تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لبلد ما بنصيبه في اجمالي الناتج المحلي العالمي فان ترتيب الشركاء المتوسطيين جاء متأخراً أو أضعف بكثير من وضع الاعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي مشيراً إلي أن مصر احتلت نهاية القائمة بعد سوريا وتركيا. وأضافت أنه بالنسبة لشركاء متوسطيين بعينهم فان عملية الخصخصة التي جرت في العقد الماضي مع الاستثمارات في مجال البنية الأساسية جذبت رءوس أموال أجنبية كبيرة ولكن غير منتظمة. واعتبرت الدراسة ان إسرائيل أكبر كقلق لتدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالنسبة للشركاء المتوسطيين حيث استحوذت علي 42% من اجمالي التدفقات في عام 2003 بينما بلغت نسبة مصر 3% وتركيا 6% موضحة أن الحضور الأوروبي غير متساو علي جميع الشركاء المتوسطيين حيث قدم الاتحاد الأوروبي عام 2002 أكثر من 80% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتركيا و73% للمغرب و65% لتونس وحوالي 30% لمصر. وأشارت إلي أن رءوس الأموال العربية هي مورد رئيسي لدول شرق المتوسط حيث نجد في مصر أن نسبة 47% من رءوس الأموال أتت من دول عربية خلال عام 2004 خاصة من المملكة العربية السعودية والكويت.