من واقع الأرقام والبيانات الصادرة عن وزارة الموارد المائية والري بلغت جملة الاستثمارات التي أنفقتها الحكومة علي مشروع توشكي 4 مليارات و800 مليون جنيه وهذه الاستثمارات تم توجيهها لإقامة أعمال البنية الاساسية التي شملت ترعة الشيخ زايد الرئيسية بما عليها من أعمال صناعية وقناطر ومآخذ اضافة إلي محطة طلمبات مبارك ومحطة الكهرباء.. وبانتهاء جميع هذه المراحل التي استغرقت نحو 8 سنوات تم خلالها تكثيف الجهود علي جميع المستويات بما فيها الاقتصادية والاعلامية والبشرية - تكون الحكومة قد قطعت شوطا كبيرا علي طريق تنمية واستصلاح هذا المشروع الذي سيضيف لمصر رقعة خضراء جديدة تقدر بحوالي 540 ألف فدان. ورغم هذه الاستثمارات الضخمة التي تم انفاقها علي المشروع فإن الواقع يكشف وجود تباطؤ شديد في استغلال والاستفادة من هذه الاستثمارات، حيث كشفت الزيارة الميدانية التي قامت بها "العالم اليوم" لتوشكي عن عدد من الحقائق المؤلمة التي تحتاج إلي حلول فورية لضمان استمرار هذا المشروع القومي بحيث يظل أملا وحلما يتحول إلي حقيقة بإيجاد واد جديد لمصر، فجميع الشواهد تؤكد تجمد الاستثمار في المشروع وعدم وجود أي نوايا حقيقية من جانب الحكومة لطرح أراض جديدة أمام المستثمرين وشباب الخريجين لاستغلال أعمال البنية الاساسية الموجودة.. فالمياه متوافرة والتربة - وفقا للدراسات - من أجود ما تكون والظروف الجوية ملائمة لزراعة أكثر من محصول خاصة المحاصيل التصديرية. باختصار: المشروع يحتاج إلي سياسة جديدة مرنة يمكن من خلالها الاتفاق علي آلية محددة لتحقيق أفضل السبل لاستغلال ما أنفقناه من استثمارات، أيضا تحديد الجهة المسئولة عن إدارة المشروع ومتابعتها منعا للتضارب الحادث حليا بين كل من وزارات الزراعة، والري، والكهرباء، فنحن بحاجة إلي من يضع صيغة توفيقية بين جميع هذه الجهات ويمد يده ليمسح دموع توشكي. في البداية ينبغي أن نشير إلي أن الحكومة اتبعت سياسات تشجيعية وأعلنت عن تقديم حزمة من التسهيلات للمستثمرين مع بداية العمل في توشكي.. وبالفعل أوفت بما أعلنت عنه حيث قامت بإنشاء قناة الشيخ زايد الرئيسية بطول 50.8 كيلو متر والفرع الأخري.. وتم اسناد وتخصيص الفرع رقم 1 لشركة المملكة للتنمية الزراعية التي يملكها الأمير الوليد بن طلال بإجمالي 120 ألف فدان.. وتم تخصيص الفرع رقم 2 لشركة جنوبالوادي للتنمية الزراعية بإجمالي مساحة تبلغ 120 ألف فدان والفرع رقم 3 ممول من صندوق أبو ظبي بتكلفة إجمالية 100 مليون دولار وزمام الفرع يبلغ 500 ألف فدان. ورغم إعلان الدكتور محمود أبو زيد وزير الموارد المائية والري أن معدلات التنفيذ تسير بشكل يفوق الخطط والبرامج الموضوعة إلا أن الواقع يكشف غير ذلك حيث لا تزيد جملة المساحات المنزرعة والتي دخلت بالفعل مرحلة الإنتاج الفعلي سوي 4000 فدان موزعة ما بين 2000 فدان لشركة المملكة للتنمية الزراعية علي الفرع رقم 1 و2000 فدان أخري علي الفرع رقم 2 للشركة القابضة للتجارة. بداية متأخرة سألت المهندس محمد البنداري المهندس المقيم بمشروع توشكي عن أسباب تدني الاستثمارات وعدم وجود زراعات بالقدر الكافي وبما يتناسب مع الامكانات والموارد الموجودة فقال: كان يجب علي المستثمرين ان يبدأوا في الزراعة منذ 3 سنوات، ولكن القطاع الخاص له حساباته وهناك استكشاف أولي للأراضي التي يتم تخصيصها للمستثمرين ثم تبدأ بعد ذلك الدراسات فعلي سبيل المثال شركة المملكة للتنمية الزراعية اختارت المساحة المخصصة لها والبالغة 120 الف فدان من بين نحو 300 الف فدان. * ولكن الا تري أن المساحات المنزرعة لا ترقي إلي مستوي ما أنفقته الدولة من استثمارات؟ ** الحكومة انفقت حوالي 4 مليارات و800 مليون جنيه علي أعمال البنية الاساسية بما فيها انشاء محطة مبارك العملاقة وقناة الشيخ زايد وفروعها ومحطات الرفع والكهرباء وأود أن أوضح شيئاً مهماً جدا هو ان المشروع وبمجرد العمل فيه تم استصلاح أراض وزراعتها بالاعتماد علي المياه الجوفية قبل وصول مياه النيل ومن هنا فإجمالي المساحات التي تتم زراعتها حاليا بالاعتماد علي المياه الجوفية ومياه النيل تبلغ 12 ألف فدان منها 4000 فدان تعتمد في ريها علي مياه ترعة الشيخ زايد والباقي يعتمد في زراعته علي المياه الجوفية. دور المستثمرين المهندس عبد الفتاح حسان مدير عام البحوث والدراسات بتوشكي قدم لنا تقريراً حول حجم الانجازات التي تمت في المشروع والتي تمثلت في الانتهاء من انشاء جميع مراحل المشروع الاساسية واصبحنا مستعدين حاليا لزراعة 120 الف فدان بعد دخول المياه لترعة الشيخ زايد علي الفرعين رقم 1 و2 فنحن كوزارة ري وكحكومة قدمنا ما هو مطلوب منا ويتبقي دور المستثمرين. والشركة القابضة تزرع حاليا 2000 فدان وتواصل أعمال البنية الاساسية الداخلية في 30 ألف فدان اخري.