جامعة القاهرة تكرم وزير العدل ورؤساء الهيئات القضائية    التنمية المحلية: نعمل على توسيع قاعدة المنتجين وتدريبهم على التسويق الإلكتروني    سفير روسيا الاتحادية بمصر: محطة الضبعة النووية ستكون رمزًا جديدًا للعلاقات بين البلدين    الاتحاد يهزم الأهلي ويتوج بكأس مصر لكرة السلة    تشيلسي إلى نهائي دوري المؤتمر الأوروبي بعد تجاوز محطة يورجوردين بسهولة    تصل إلى 40 درجة.. ننشر حالة طقس الجمعة    سميحة أيوب: «حالتي الصحية كويسة والناس بتطلع شائعات وحشة»    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    اكتشاف إنزيم هام من فطر الاسبرجليس لتقليل كمية الكوليستيرول فى الدم    الخطاب الأول للبابا لاون الرابع عشر.. نداء إلى السلام والوحدة    تشيلسى ضد يورجوردين.. البلوز يتفوق بهدف فى الشوط الأول.. فيديو    ترامب يأمل في حل المشكلة النووية الإيرانية دون قصف ويريد للإيرانيين النجاح الكبير    الخارجية الألمانية تنشر بيانا باللغة الروسية في الذكرى السنوية لنهاية الحرب العالمية الثانية    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    "أوتشا": عنف المستوطنين بالضفة الغربية فى تزايد    مستشار وزيرة التخطيط: 44% من القوى العاملة بحلول 2030 ستكون من الجيل التكنولوجيا الحديثة    محافظ سوهاج يتفقد مركز الكوثر الطبى ويوجه بخطة عاجلة لتشغيله    كرة يد - قبل مواجهة الأهلي.. الزمالك يتعاقد مع 3 لاعبين    السبت المقبل.. 23 ألف طالب يؤدون امتحانات الفصل الدراسي الثاني بجامعة أسوان    ضربها بحزام وصورها عارية.. علاقة عاطفية تنتهي في جنايات كفر الشيخ    معدات ثقيلة لرفع سقف موقف قوص المنهار فوق 40 سيارة (صور)    رائحة كريهة تكشف عن جثة خمسيني متعفنة بالحوامدية    انطلاق قوافل المراجعة النهائية المجانية لطلاب الشهادة الإعدادية بالأقصر (صور)    «كان يخاف ربه».. هالة صدقي تحسم جدل أزمة طلاق بوسي شلبي من الراحل محمود عبد العزيز    ما تأثير الحالة الفلكية على مواليد برج الحمل في الأسبوع الثاني من مايو 2025؟    أكشن بتقنيات عالية.. الإعلان التشويقي لفيلم المشروع X ل كريم عبد العزيز    فعاليات تثقيفية متنوعة ضمن دوري المكتبات بثقافة الغربية    مسابقة قرائية بمكتبة مصر العامة    محافظ سوهاج يبحث تطبيق الهوية البصرية على الكوبري الجديد بالكورنيش الغربي    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    هيبة: مصر أنفقت 550 مليار دولار على تحسين البنية التحتية خلال 10 سنوات| خاص    واشنطن : التعاون النووي مع الرياض لا يرتبط بالتطبيع مع إسرائيل    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    الدخان الأبيض يعلن بدء رحلة بابا الفاتيكان الجديد.. الأجراس تدق والاحتفالات تملأ الشوارع    في عيد الوالدين، قافلة الثقافة الكورية تزور مكتبة مصر العامة ببورسعيد    محافظ الجيزة: تحسين كفاءة النظافة بمحيط المدارس استعدادا للامتحانات    الرياضية تكشف موعد انضمام ماركوس ليوناردو لتدريبات الهلال    أبرز غيابات الزمالك أمام سيراميكا كليوباترا في لقاء الغد    خبراء يحذرون: الزمن هو الخطر الحقيقي في النزاع النووي الهندي الباكستاني    طلاب جامعة الدلتا التكنولوجية يشاركون في معرض HVAC-R.. صور    وزارة الشباب والرياضة ... شكراً    رابط نتيجة الاختبارات الإلكترونية للمتقدمين لوظائف معلم مساعد مادة رياضيات    محافظة الجيزة ترفع 150 طن مخلفات في حملات نظافة مكبرة    وزير الاتصالات: إتاحة 180 خدمة حكومية عبر منصة مصر الرقمية    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    الإعدام لمتهمين بقتل شاب بغرض سرقته فى قنا    تعديل لائحة النقابة العامة للعاملين بالزراعة والري والصيد واستصلاح الأراضي    انخفاض عمليات البحث على "جوجل" عبر متصفح سفارى لأول مرة لهذا السبب    زوجة الأب المتوحشة تنهى حياة طفلة زوجها بالشرقية    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    خالد بيبو: كولر ظلم لاعبين في الأهلي وكان يحلم بالمونديال    تركيا: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات الإنسانية وتحاول تهجير الفلسطينيين وتثبيت وجودها في غزة بشكل دائم عبر توسيع هجماتها    أشرف عبدالباقي: يجب تقديم بدائل درامية لجذب الجمهور دون التنازل عن القيم أو الرسالة (صور)    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يدفع الفاتورة.. ولماذا تتكرر دائما؟
"تصحيح المسار".. أسطوانة مصرية "مشروخة"!
نشر في العالم اليوم يوم 23 - 05 - 2005

عبارة أصبحت من الفولكور الاقتصادي المصري وصارت مثل اسطوانة تتردد كثيرا بين قانون غاب وآخر جاء.. سياسة واجراءات تم التراجع عنها واخري حلت مكانها.. ثم نجدها تظهر علي السطح مجددا عند اللجوء الي اجراءات جديدة تماما او العودة الي الاوضاع القديمة مجددا.
النماذج كثيرة.. ابرزها برنامج تحديث الصناعة.. تشكيلات الهيئات والاجهزة.. السياسات الاقتصادية المتبعة في بعض القطاعات مثل الضرائب.. الجمارك.. التصدير.
المؤكد ان الحكومة الحالية لها سياسات واضحة من اجل تصحيح المسار، ولكن علي الرغم من ذلك تظل المخاوف قائمة من مرحلة ما بعد "تصحيح تصحيح تصحيح المسار" ليبقي السؤال: لماذا اصبحت هذه الكلمة فولوكلورا" مصريا.. ومن يدفع ثمنها.. وكيف يمكن ان نعيد لهذه الكلمة قيمتها في جميع الاوساط خاصة الاقتصادية.
السفير جمال البيومي قال ان الكلام عن تصحيح المسار في السياسات الاقتصادية قد يكون احيانا "الشماعة" واستدل علي ذلك بنموذج برنامج "تحديث الصناعة الاوروبي" قائلا: لكي نحسن السياسات الصناعية في مصر علينا اولا ان ننظر الي ثلاثة محاور:
المحور الاول: هو محور تشجيع التصدير فمن غير المعقول مثلا ان ابيع سلعة داخل البلاد مثل السيارات مثلا بحوالي 600 الف جنيه وهي تباع في الخارج بما يوازي 20 الف جنيه لانني لا اشجع المصنع ان يستثمر بالداخل.
المحور الثاني: هو ضرورة مراعاة العناقيد الصناعية بمعني انه لا ينبغي علي ان افرض جمارك او ضرائب علي وجه الاطلاق علي المواد الخام التي تستخدم في الصناعة لان ذلك يشكل عبئا كبيرا علي المصنع ويؤدي الي زيادة سعر السلعة.
المحور الثالث: هو ضرورة ابقاء العمالة اللازمة فقط بمعني اننا نجد مصنعا يمكن ان يشغله 2800 عامل مثلا يوجد فيه 12 الف عامل.
وإذا لم نعالج هذه المحاور بشكل فعال فلن نستطيع ان نحدث الصناعة وكان لنا مع برنامج تحديث الصناعة تجربة مرة مع الاسف فهذا البرنامج قد منح مصر 416 مليون يورو لتحديث الصناعة المصرية بحيث يصرف منها 103 ملايين يورو للحكومة المصرية و78 مليون يورو للمتقدمين وكانت هذه المنحة خاصة بالتدريب وتعديل السياسات الخاطئة في الصناعة المصرية وكان من المفروض ان ننتهي من ذلك البرنامج في 16 نوفمبر 2003 ولكن مع الأسف لم نستطع صرف هذه النقود علي تحديث الصناعة في هذا الوقت وكان من بين شروط هذه المنحة ان لم تنفق النقود في الوقت المحدد لهذا فإننا نكون بذلك قد خسرنا البرنامج ككل وهنا تظهر سياسة تصحيح المسار الخاطئ ليترتب عليها مسار أشد خطورة حيث سعت الحكومة إلي عمل اتفاقية سريعة تمد بموجبها البرنامج إلي عام 2006 واتفقت مع المانحين علي أن تحصل علي 75 مليون يورو اضافية بشرط أن تخفض الرسوم الجمركية والضرائب.
ويوضح بيومي أن ذلك يوضح لنا قيمة ما خسرناه بعدما صححنا المسار أخيراً، وبالمقارنة بالنموذج البرتغالي علي سبيل المثال فقد حصلت البرتغال علي برنامج مشابه لهذا البرنامج الذي كان مقدما إلي مصر واستطاعت البرتغال ان تتحول في عشرين عاما فقط من دولة كل صادرتها تقريبا زراعية إلي دولة كل صاداتها صناعية.
ظاهرة ضرورية
أما الدكتور خلاف عبد الجابر وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشوري فيري أن تغيير السياسات وتصحيح المسارات الخاطئة ضرورة يجب ان تتم من آن لآخر ويقول: مما لاشك فيه انه كانت توجد تشوهات في بعض السياسات الاقتصادية وكانت مصدر شكوي من المستثمرين انفسهم مثل بعض قوانين الضرائب التي كانت تحول دون توسيع القاعدة الاستثمارية في مصر ولقد ظللنا عاكفين علي تطبيق هذه القوانين لفترة طويلة من الزمن لكن كان لابد أن تتغير هذه القوانين وتخفض الضرائب والجمارك علي كثير من السلع وهذا لا يعني أننا كنا نتخبط من قبل.
كما أن هناك عاملا آخر يدفعنا إلي تصحيح مساراتنا علي جميع الأصعدة وتغييرها من آن لآخر وهو أننا لا نعيش وحدنا علي هذا الكوكب فنحن نتأثر بالتغيرات السياسية والاقتصادية في العالم كله والثورة المعلوماتية والتكنولوجية، والتي أدت إلي تصحيحنا الكثير من الخطط والبرامج المتبعة في الاقتصاد المصري.
البيروقراطية
ومن جانبه يلفت الدكتور عادل جزارين رئيس اتحاد الصناعات الأسبق إلي أن التغييرات المستمرة في السياسات الاقتصادية أدت إلي هروب كم كبير جدا من الاستثمارات الأجنبية والمحلية خارج مصر لأن الاستثمار دائما يبحث عن أرض ثابتة وسياسات مستقرة ويري أن ذلك التذبذب في السياسات وفي تغيير القوانين أدي إلي عدم استقرار الاستثمار ودفع القطاع الخاص فاتورة شماعة تحديث المسار مرارا وتكرارا علي مدي عدة سنوات.
وفيما لا يري الدكتور جزارين ضررا من إعادة تصحيح المسار، إلا أنه يوضح أننا عادة ما نتأخر في ذلك ولا نعرف أننا كنا علي خطأ بعد فوات الأوان وذلك يعود إلي سببين السبب الأول هو البيروقراطية الحكومية والقوانين المعقدة التي تحول دون التطور السريع واللحاق بالركب العالمي والسبب الثاني هو التردد في اتخاذ القرار فهذا الوزير يضع خطة عمل ثم يأتي الوزير الذي يليه كي يلغيها ويضع خطة أخري لأنه لا توجد استراتيجية عامة موحدة يتبعها الجميع تشكل منظومة متكاملة.
الضرائب أكبر نموذج
ويحذر الدكتور عبد المنعم راضي استاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس من تصحيح المسار بالتسرع في سن قوانين الضرائب الآن لأن ذلك غير محمود العاقبة ويقول: علينا أن نسمع كل الأطراف قبل اعتماد قوانين جديدة للضرائب ومناقشة هذا الموضوع علي جميع المستويات لأن لهذا الموضوع مشكلات تاريخية فمرة كنا نرفع الضرائب ومرة كنا نخفض الضرائب ومرة نعيد الضرائب لمن دفعها ظلما ومرة نمتنع عن إعادتها ومرة نسن ضرائب جديدة ومرة نلغي هذه الضرائب ويقول: لو قمنا بالفعل بوضع قوانين ضرائب جديدة ثم الغيناها بعد سنة أو سنتين لأنها سوف تتسبب في عجز الموازنة العامة سوف نكون قدمنا أكبر نموذج علي فشل سياسة تصحيح المسار، ويوضح أن ذلك التصحيح في كل مرة سواء في قوانين الضرائب أو الرسوم الجمركية أو في مسألة تحسين الصناعة قد يرجع إلي عدة أسباب أولها: يعود إلي انخفاض عملتنا مقابل الدولار وثانيها: عدم الاستقرار السياسي في المنطقة العربية ككل والذي يتبعه عدم الاستقرار الاقتصادي والذي يؤدي إلي عدم وضوح الرؤية هو ما يؤدي قطعا الي التخبط وثالثها: فشل القطاع الخاص في أنه ينتظر البيع والخصخصة في أية لحظة ورابطها فشل القطاع الخاص في مسايرة الركب العالمي في تحديث الصناعة علي سبيل المثال لأن أدواته قديمة وغير محدثة وعليه أعباء ضريبية وجمركية كثيرة.
ويؤكد د. راضي أن تصحيح المسار والتحديث في كل شيء لابد وأن ينبع من الذات أولا.
حساب السلبيات والإيجابيات
أما الدكتور رضا العدل أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس فيؤكد بداية أنه لا توجد سياسة اقتصادية ناجحة 100% ويقول: عادة ما تحمل كل سياسة اقتصادية منافع ومضار فإذا لم يتم حساب السلبيات من البداية سنكتشف بعد ذلك أنه يجب اتخاذ سياسات تعويضية أو وقائية لتفاديها.
ويري انه مع العجلة في اتخاذ القرار لتصحيح ما نجم عن اية سياسة يتم احيانا وضع سياسة بديلة خاطئة او اتخاذ قرارات غير مدروسة الأمر الذي قد يترتب عليه توالي عمليات تصحيح مسار آخر وآخر هكذا وقد يعود ذلك إلي عدم التنسيق بين مجمل السياسات الاقتصادية وبعضها وبين مكونات كل قرار اقتصادي علي حدة.
نماذج
وبدوره يوضح الدكتور سعد حافظ أساذ الاقتصاد بمعهد التخطيط القومي أنه لا توجد لدينا استراتيجية كي نغيرها أو نعدلها بمعني أنه لا توجد لدينا رؤية بعيدة تمكننا من التحرك وهذه الرؤية البعيدة هي التي تحدد سلوكنا في كل مرحلة لكنها - للأسف- ليست موجودة في العقلية المصرية بل ليست موجودة في العقلية العربية بوجه عام فنحن ننتظر حتي تقع الفأس في الرأس لنقوم باتخاذ قرار عاجل لعمل ضماد أو مسكن للكارثة ولكننا لا نعالج السبب الاساسي فنحن نعاني من عجز الموازنة ونكرر كل عام ما سوف نفعله لعلاج هذه المشكلة في العام الماضي ولكننا لا نفعل شيئا حتي عندما أقدمنا علي سياسات التثبيت والتكيف عالجنا عجز ميزان التجارة والموازنة العامة علاجات للظواهر وليست للأسباب وكانت النتيجة انخفاض معدلات النمو والركود في السوق ناهيك عن سوء توزيع الدخل وعندما قمنا بوضع سياسة لتصحيح المسار قمنا باتخاذ قرارات بعضها قد أدي إلي زيادة الركود والانكماش، وبعضها أدي إلي التضخمية ولجأنا إلي السياسات التي كنا عليها قبل سياسات التكيف.
ويلفت إلي وجود نموذج آخر لذلك هو اتفاقية الشراكة مع أوروبا فبعض الوزارات تخوفت منها وبعضها تحمس لها، وكان من المفروض أن تحسب هذه الاتفاقية حسابا علميا، ولقد درست أوروبا كل شيء عن الشراكة معنا في معهد بحوث الكتاب الأزرق سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية قبل أن تقدم علي هذه الخطوة ولقد كان أمامنا سنتان لدراسة هذه الاتفاقية قبل التوقيع عليها ولكن لم يحسب حساب المصانع المصرية التي يمكن أن تغلق أبوابها من جراء هذه الاتفاقية وسوف يحدث ذلك بالتأكيد ثم نعود كي نبحث عن حل جديد لذلك سوف نصحح بالتأكيد المسار ثانيا وثالثا ورابعا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.