الأسبوع الماضي كان القطاع المصرفي المصري علي موعد مهم مع عدة أحداث وتطورات ففي نفس اليوم الذي كانت فيه بعض الصحف تنقل عن د. محمود محيي الدين وزير الاستثمار قوله بأن هناك حظراً علي تملك الأجانب البنوك المصرية، كان مجلس إدارة البنك المركزي المصري مجتمعاً برئاسة المحافظ د. فاروق العقدة للنظر في عرضين من بنكين أجنبيين لشراء البنك المصري التجاري البالغ رأسماله 150 مليون جنيه. وفي الوقت الذي كان فيه الجميع يسعون لتفسير التصريحات المنقولة عن الوزير، كان البنك المركزي يوافقه علي عرض بنك بيريوس اليوناني PIRAEUS BANK لشراء 100% من أسهم البنك المصري التجاري وبحد أدني 76% من رأس المال. التفسيرات اختلفت حول التصريحات المنقولة عن الوزير، فالبعض أكد أنها مقصورة علي بنوك القطاع العام التجارية التي سيتم خصخصة بعضها، في حين أكد آخرون أن هناك اتجاهاً داخل الحكومة لحظر بيع البنوك للأجانب سواء كانت مشتركة أو عامة، خاصة بعد صدور تحذيرات عدة من عدد من القيادات المصرفية والاقتصادية، بل والسياسية بسيطرة الأجانب علي هذا القطاع الاقتصادي الحيوي، ومطالبتهم بقصر عملية البيع علي المصريين، وجاء علي رأس هؤلاء الخبير الاقتصادي المعروف د. حسن عباس زكي وزير الاقتصاد الأسبق ورئيس بنك الشركة المصرفية العربية الدولية وغيره. وفي الوقت الذي كانت التفسيرات حول تصريحات محيي الدين تتسع رقعتها، كان هناك بيان يعد داخل وزارة الاستثمار يحوي نفياً لصدور تصريحات من الوزير في هذا الشأن، بل ويؤكد علي أن قواعد تملك حصص في رءوس أموال البنوك ينظمها قانون البنوك الذي لا يفرق بين جنسية وأخري أو بين المصريين والأجانب في عملية تملك البنوك، بل وذهب إلي أبعد من ذلك حينما أكد أن القانون المصري يسمح بالتملك دون التقيد بأي حد أقصي ينص عليه قانون آخر. وعلي الرغم من أن كلام الوزير أغلق الباب أمام توقعات البعض بامكانية إقدام الدولة علي وضع قيود علي الأجانب في تملك البنوك، إلا أنه لم يغلق الباب أمام المطالبات المتزايدة من قبل خبراء ومختصين بضرورة وضع سقف لملكية الأجانب داخل القطاع المصرفي، خاصة مع وجود إقبال شديد من قبل المستثمرين العرب والأجانب علي الاستحواذ علي بنوك مصرية أو علي الأقل شراء حصص مؤثرة فيها. ويبني هؤلاء تخوفاتهم علي تزايد تواجد الأجانب داخل القطاع المصرفي خاصة في الفترة المقبلة إذ بات الأجانب يستحوذون علي حصة مؤثرة في هذا القطاع، وفي حالة بيع البنوك العامة فان هذه الحصة مرشحة للزيادة وبقوة. ما المانع ورغم هذه التخوفات إلا أن البعض يقلل منها لعدة أسباب أبرزها: 1 إن بنوك القطاع العام سواء التجارية "الأهلي ومصر والقاهرةوالإسكندرية" أو المتخصصة "العقاري المصري العربي والتنمية الصناعية المصرية" لاتزال تسيطر علي نحو 55% من حجم السوق المصرفي، في حين تتوزع النسبة الباقية ما بين بنوك خاصة وبنوك أجنبية. 2 انه علي المدي القصير والمتوسط فان الدولة ستحتفظ بالبنوك العامة وبالتالي فلا خوف من زيادة تواجد الأجانب داخل القطاع المصرفي. 3 انه في حالة استحواذ الأجانب علي حصة مؤثرة في السوق فانه من الصعب عليهم القيام بممارسات احتكارية كما يحدث في سوق الأسمنت وغيره في بعض الأحيان، خاصة مع وجود بنوك مصرية خاصة قوية وقادرة علي منافسة البنوك الأجانب، ويأتي في مقدمة هذه البنوك البنك التجاري الدولي CIB (مصر). تخوف لكن في المقابل فإن البعض الآخر يبدي تخوفاً شديداً من التواجد الأجنبي المكثف داخل القطاع المصرفي، خاصة إذا ما أقدمت الحكومة علي خطوة بيع البنوك العامة عقب الانتهاء من بيع مساهماتها في البنوك المشتركة. ويذهب هؤلاء إلي القول بإمكانية سيطرة الأجانب علي جميع الوحدات المصرفية العاملة في مصر، ويطرحون سيناريو "مزعجاً" للبعض في هذا الشأن من أبرز معالمه: * استحواذ الأجانب علي بنك الإسكندرية الجاري إعداده للبيع، ثم استحواذهم في وقت لاحق علي باقي البنوك العامة الأخري وفي مقدمتها القاهرة والعقاري والتنمية الصناعية. وبالتالي فإن مصر تكرر في هذه الحالة تجارب دول أخري قامت ببيع البنوك العامة بالكامل. * قيام الأجانب بشراء بنوك كبري لها وزنها في السوق المصري، وعلي سبيل المثال: 1- بنك مصر الدولي وقد ظهرت بوادر قوية في هذا الشأن حيث تقدمت 4 بنوك عالمية وعربية كبري بسحب كراسة الشروط الخاصة بشراء حصة المال العام في البنك والبالغة نحو 29% ومن المقرر ان تتقدم البنوك الأربعة بعرض شراء حصة المال العام في بنك مصر الدولي خلال أسابيع وذلك بعد الانتهاء من عملية التقييم.