مشروع«دولة الخلافة»! لا يصح أن يبقي عضو واحد يؤمن بالدولة المدنية الديمقراطية الحديثة فيما سمي بالجمعية التأسيسية لإعداد الدستور. ولا يصح أن يقبل أي عضو يؤمن بالتعددية الحقيقية وحرية المعتقد والرأي والتعبير وبمبدأ المواطنة والتوازن بين السلطات وحرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني.. الاستمرار في جمعية فضح من تولوا تشكيلها أنفسهم بأنفسهم بإصرارهم علي أن يحتكروا وضع الدستور وينفردوا بصياغة كل مادة من مواده.. حتي يحققوا ما سبق أن وعد به المرشد العام لجماعة الإخوان عندما أعلن.. أنهم يسيرون علي طريق إقامة الخلافة! ويبدو أنه كان من الضروري افتعال أزمة مع المجلس العسكري والحكومة لإبعاد أنظار القوي السياسية عن معركة الدستور. نحن- إذن- بصدد دستور إخواني لا علاقة له بالمجتمع المصري وتراثه الحضاري والتاريخي وحركته الوطنية الديمقراطية منذ نهايات القرن التاسع عشر. وإنما نحن بإزاء دستور يضمن الحيلولة دون تداول السلطة ويكفل سد الطريق أمام القوي الحية المناصرة لمشروع الدولة المدنية. وقد ظهرت بوضوح «بشائر» العهد الإخواني بالمشروع الذي تقدم به النائب صبحي صالح، عضو مكتب الارشاد و«نجم» لجنة التعديلات الدستورية، لتقييد حرية التظاهر والاجتماع، والذي ينص علي منع أي مظاهرة لا يقوم منظموها بإخطار الشرطة قبل موعدها بثلاثة أيام علي الأقل، وكذلك اخطارها بالهدف منها وخط سيرها مع الاحتفاظ للشرطة بالحق في منع المظاهرة أو الاجتماع إذا رأت أن ذلك قد يؤدي إلي «اضطراب» في النظام أو الأمن العام.. وأيضا مع الاحتفاظ بحق الشرطة في تفريق أي مظاهرة أو اجتماع إذا قرر جهاز الأمن أن ثمة مساسا بالأمن أو إعاقة للمرور في الطرق والميادين العامة وعقوبة المخالفين بالحبس ستة شهور وغرامة خمسة الاف جنيه! أليست هذه هي نفس طريقة تفكير النظام السابق والدولة البوليسية؟ أليست هذه هي وسيلة تأمين «الهدوء» للنظام القادم؟ ثم.. ألم تفضح الأغلبية نفسها عندما حاولت مواصلة نهج النظام السابق عن طريق وضع اليد علي الصحف الكبري والسيطرة عليها من خلال ما يسمي بمجلس الشوري واغتصاب سلطة تعيين رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارات.. كجزء من خطة السيطرة علي وسائل الإعلام؟ هذه مجرد أمثلة محدودة لما ينتظرنا في عهد المرشد «الخليفة» الذي يريد أن يضمن «السمع والطاعة»! وعلي القارئ أن يتصور جمعية تأسيسية لوضع الدستور تخلو من شخصيات مثل : الدكتور كمال ابو المجد والدكتور ثروت بدوي والدكتور ابراهيم درويش والدكتور محمد نور فرحات والدكتور يحيي الجمل والدكتور جابر نصار والدكتور حسام عيسي والدكتور محمد البرادعي والمستشارة تهاني الجبالي والمستشارة نهي الزيني والدكتور محمد غنيم والدكتور محمود كبيش، وغيرهم من اساتذة القانون الدستوري ذوي الشهرة علي المستوي العالمي. بينما يوجد في اللجنة اللواء ممدوح شاهين والدكتور عاطف البنا، عضوي لجنة التعديلات الدستورية التي تسببت في كل المتاهات التي نعاني منها حتي الآن..وكذلك المتحدث باسم السلفيين ، وغيرهم ممن لا علاقة لهم.. بقضية الدستور.. وكان بعضهم من أشد معارضي ثورة 25 يناير!! الاستمرار في عضوية الجمعية.. تعبير عن الاستخفاف بالرأي العام وطموحاته المشروعة ونسف لأي محاولة للوفاق الوطني.