محجوب عمر كان محجوب عمر - رؤوف نظمي- طرازا غير عادي من مناضلي اليسار، فهو لا يتخلي مطلقا عن استقلاليته في الرأي والموقف حتي لو تعارض موقفه مع مواقف رواد ومؤسسي الحركة الماركسية في مصر من التيار الذي كان ينتمي إليه، من أمثال الدكتور فؤاد مرسي والدكتور اسماعيل صبري عبد الله وسعد زهران. وقد واجه محجوب عمر، متاعب كثيرة واتهامات متعددة تحملها في صبر عجيب رغم أن البعض حاربوه وقاطعوه وحاولوا تشويه صورته، وتحطيمه. شخصية .. و«أسطورة» المناضل «ارنستوشي جيفارا» اجتذبت محجوب عمر، الذي لم يعرف لحظة هدوء وسكنية في حياته الحافلة وقد وجد في الثورة الفلسطينية.. القضية التي يمكن أن تكون المحرك للتغيير في العالم العربي كله. هكذا تطوع محجوب عمر في صفوف الفلسطينيين. توجه إلي قواعدهم في الأردن. ولكن بدلا من أن يقتصر دوره علي علاج المصابين باعتباره طبيبا، فقد حمل السلاح للقتال وأصبح وثيق الصلة بشباب المخيمات الفلسطينية الذين يتطلعون إلي التحرير الكامل للتراب الوطني، ولعب - بالنسبة لهم- دور المفكر والموجه . وفي نفس الوقت، برز نشاط محجوب عمر في مركز الدراسات الفلسطينية في بيروت، التي انتقل إليها مع المنظمات الفلسطينية مع عقب مذبحة ايلول الأسود في الأردن. وظل حتي النهاية يعتبر أن حركة فتح هي القائد الحقيقي للثورة، وأن ياسر عرفات هو مفجر هذه الثورة. كنا نسير معا في أحد شوارع بيروت، عندما استأذن مني للدخول في إحدي الصيدليات، واتجه بصري إلي داخل الصيدلية.. فوجدته يجلس القرفصاء ويحقن نفسه للتخفيف من آلام مبرحة يعاني منها في «الكلي» ولم يكن قد حدثني قط عن تلك الآلام رغم أننا كنان نقطن في مبني واحد في بيروت. لم يتردد محجوب عمر لحظة واحدة في تعريض نفسه لخطر الموت من أجل القضايا التي يؤمن بها، وظل صامدا حتي الرمق الأخير، كما كان منذ اليوم الأول الذي انحاز فيه إلي النضال الشعبي من أجل نفس الأهداف التي أعلنتها ثورة 25 يناير، والتي ظل يحلم بها طوال حياته.