كل ما تريد معرفته عن بطاقة ائتمان التيتانيوم في بنك مصر    بعد اعتقاله، شقيق لاهور شيخ جنكي يهدد ب"تدمير السليمانية"    أسفر عن مصرع وإصابة أسرة بأكملها، أول صور لمنزل سوهاج المنهار ومدير الأمن ينتقل للموقع    بسمة بوسيل تكشف عن تعاونها مع رامز جلال وطرح دويتو غنائي جديد    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 22- 8- 2025 والقنوات الناقلة    أخبار فاتتك وأنت نائم| إيقاف الرحلات الجوية إلى إيران.. جرائم قتل غامضة تهز فرنسا    قمة ألاسكا.. سلام «ضبابي»| ترامب وبوتين «مصافحة أمام الكاميرات ومعركة خلف الأبواب»    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 22 أغسطس 2025    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري الجمعة 22-8-2025 بعد ارتفاعه في 7 بنوك    «زي النهارده«في 22 أغسطس 1945.. وفاة الشيخ مصطفى المراغي    «زي النهارده» في 22 أغسطس 1948.. استشهاد البطل أحمد عبدالعزيز    معجزة جديدة ل أطباء مصر.. طفلة جزائرية تقف على قدميها مجددًا بعد علاج 5 أشهر (فيديو)    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 22 أغسطس    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الجمعة 22 أغسطس 2025    كيف يتصدى مركز الطوارئ بالوكالة الذرية لأخطر التهديدات النووية والإشعاعية؟    درجة الحرارة تصل 42 .. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    إصابة 8 أشخاص.. الاستماع لأقوال المصابين في حادث طريق الكريمات    الجيزة: قطع المياه 6 ساعات اليوم الجمعة حتى غد السبت عن هذه المناطق    شراكة حضارية جديدة بين مصر والصين في مجال التراث الثقافي «المغمور بالمياه»    «مخضوض وواخد على خاطره».. رضا عبدالعال يقيم شيكو بانزا    لو بطلت قهوة.. 4 تغييرات تحدث لجسمك    الإيجار القديم.. محمود فوزي: تسوية أوضاع الفئات الأولى بالرعاية قبل تحرير العلاقة الإيجارية    انفجار مقاتلة أمريكية فى مطار ماليزيا    عاصي الحلاني ينتقد فكرة ظهور المعجبات على المسرح.. ماذا قال؟    علي الحجار ينسج حكايات الشجن.. وهاني حسن يرقص للحياة على أنغام السيمفوني في محكي القلعة    نجم الزمالك السابق يهاجم كولر بسبب عمر الساعي    مقتل شاب في الأقصر إثر مشاجرة بسبب المخدرات    انخفاض جديد في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة محليا وعالميا    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    محمد رمضان يستفز جمهوره في مصر ب فيديو جديد: «غيرانين وأنا عاذرهم»    وائل الفشني يكشف موقفا محرجا تعرض له: «أنبوبة بوتاجاز أنقذتني من بلطجي»    إذاعة القرآن الكريم| هاجر سعد الدين أول سيدة بمتحف الأصوات الخالدة    هل يمكن تحديد ساعة استجابة دعاء يوم الجمعة ؟ دار الإفتاء توضح    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    حرق الكنائس.. جريمة طائفية ودعوة للتدخل الأجنبي    بيان «المحامين» يكشف الحقيقة في اجتماعات المحامين العرب بتونس    نجوى فؤاد: أطالب بمعاش يكفي احتياجاتي وعلاجي    نجاح أول حالة غسيل كلوي طوارئ للأطفال بمستشفى دسوق العام    مصر والسعودية علاقات ممتدة وآمال معقودة    تصدر المصري والقطبين "يوم فوق ويوم تحت"، ترتيب الدوري المصري بعد الجولة الثالثة    آدم كايد يعرب عن سعادته بفوز الزمالك على مودرن سبورت    ياسر ريان يشيد بأداء المصري: هو المنافس الحقيقي للأهلي على لقب الدوري    المندوه يكشف آخر تطورات أزمة سحب أرض أكتوبر ويكشف حقيقة المول    التعادل الثالث.. سموحة وزد يتقاسمان النقاط بأمر تقنية الفيديو    ترامب: سأشارك في دوريات مع الجيش والشرطة بواشنطن    أونروا تحذر: عمليات الاحتلال في غزة تنذر ب"تسونامي إنساني" غير مسبوق    تعليم الجيزة تواصل أعمال الصيانة والتجديد استعدادا للعام الدراسي الجديد    قبل انطلاق النسخة الثالثة.. صفقات أندية دوري المحترفين موسم 2025-2026    تنفيذ حكم الإعدام في مغتصب سيدة الإسماعيلية داخل المقابر    تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل زوجين في «مجزرة سرابيوم» بالإسماعيلية    غرق طالب طب بروسيا خلال إجازته الصيفية في مطروح    إعلام فلسطيني: استشهاد طفل بقصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط غزة    مش هتشتريه تاني.. طريقة عمل السردين المخلل في البيت    مصرع شابين غرقا بنهر النيل فى دار السلام بسوهاج    اليوم.. فصل التيار الكهربائى عن عدد من مناطق وأحياء مدينة كفر الشيخ    خالد الجندي: الدفاع عن الوطن وحماية مصالحه من تعاليم الإسلام    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول أحداث الأسبوع الدامي السبت 28 أكتوبر - الخميس 2 نوفمبر 1972
نشر في الأهالي يوم 01 - 02 - 2012


الحركة الوطنية الطلابية المصرية تكسب جولة جديدة
1- مدخل
ظلت السلطة منذ انتفاضة يناير 1972 المجيدة تخطط لحصار الحركة الوطنية الديمقراطية التقدمية للطلاب في الجامعة وترسم لقمعها وحصارها والقضاء عليها بشتي الطرق والأساليب، حيث أصبحت - أي الحركة الوطنية الطلابية - من الخطورة والتأثير بمكان بات معه صبر السلطة عليها - في لحظات ضعفها واهتزازها الحالية - مغامرة لا تستطيع احتمالها ولا الصمود لنتائجها، ومن ثم فإن تصفية هذه الحركة - العملاقة، الوليدة - أصبح ضرورة مصيرية حاسمة وسريعة تقتضيها سلامة النظام واستمرار بقاؤه وديمومته.
ولقد جربت السلطة العديد من أساليبها «الكلاسيكية» في تقويض حركة الطلاب الوطنية، وبذلت قصاري جهدها لتشويه سمعة الحركة وقيادتها، وحاولت ضرب حصار محكم حول مطالبها المطروحة في «الوثيقة الطلابية»، وحاولت كبت صوتها بشتي الطرق.. ابتداء من محاولة الاستقطاب والشراء والاستيعاب الفاشلة لقياداتها، وانتهاء بسجن طلابها وعقاب قيادتها واستخدام كل إمكانيات أجهزة القمع العتيدة في تشتيت جهودهم وتجمعهم.
لكن في كل مرة، كانت حركة الطلاب تلتف حول طوق الحصار وتعاود النشاط في حماسة وجسارة تثيران الإعجاب.
ومع فشل السلطة المتتالي في القضاء علي الحركة الوليدة - ومع تنامي إمكانيات هذه الحركة وقوتها، ومع تصاعد موجة المد الديمقراطي داخل أسوار الجامعة - التي أصبحت المتنفس الوحيد للشعب المكبوت - كان من الطبيعي أن تلجأ السلطة إلي سلاحها الأخير.. وأن تخرج من جعبتها وسيلتها التي حاولت دائما التمويه عليها - بادعاء الثورية والتمسح بالجماهير وتزييف صورتها أمام جموع الشعب - وسيلة العنف الرجعي.. والإرهاب الدموي وذلك كان محور حركتها في الأسبوع الدامي الرهيب.
2- كلية الهندسة - جامعة القاهرة - إلمامة تاريخية
انتقلت قيادة الحركة الوطنية الطلابية المصرية العريقة من الكليات النظرية - الحقوق، الآداب - في الثلاثينيات والأربعينيات وبداية الخمسينيات إلي الكليات العملية خاصة كليات الهندسة - منذ أواخر الستينيات - وبالذات إلي كلية الهندسة جامعة القاهرة، الأسباب عديدة ليس هنا مجال البحث فيها غير أنه من المهم أن يكون واضحا أنه وابتداء من عام 1968 نمت في كلية الهندسة جامعة القاهرة وتبلورت مجموعة من الطلاب ذوي الفكر الثوري وتجمعت - بعد محاولات التجمع العديدة وغير الناجحة - في أنجح أشكالها بجماعة أنصار الثورة الفلسطينية، والتي تكونت من الشباب المصري بعد أحداث سبتمبر ومذبحة الملك العميل.. وتركت هدفها الأساسي في نصرة الثورة الفلسطينية والدفاع عنها والمساعدة المادية والأدبية لها والإعلام عن منجزاتها بين الطلاب.
ومن حول هذه القضية بلورت أفكار أعضائها واستوعبوا الفكر الثوري وتعمقوا في فهمه.. وانتقل هذا الاستيعاب والفهم بالتالي إلي جموع الطلاب في الكلية - وشهدت أعوام 70/71، 71/72 نشاطا جما من الجماعة تمثل في الندوات والدراسات والمعارض الفنية والرحلات ذات الصبغة الوطنية «إلي الجبهة»، والمؤتمرات وصحف الحائط والحوار.. إلخ.. إلخ مما أدي إلي تهيئة مناخ ديمقراطي متفتح في الكلية خلق وضعا أكثر تقدما وملاءمة لإحداث التفجير الثوري الذي بدأت شرارته من كلية الهندسة «ج. ق» صباح يوم الاثنين 17 يناير 72 ومن هذا التحليل السريع المختصر لواقع كلية الهندسة «ج. ق» يتضح بجلاء تركيز السلطة عليها وإصرارها علي القضاء علي تلك البذرة الثورية فيها قبل أن تنبت وتتفرع، مؤمنة «أي السلطة» أنه وبالقضاء علي تلك الأصوات الشريفة في كلية الهندسة، تصبح مهمة القضاء علي باقي الأصوات في الجامعة يسيرة ومتاحة.. ولقد أعدت لذلك حلفا - غير مقدس - جمع اتحاد طلاب الكلية «والمفروض أنه الممثل الشرعي للطلاب في حين أنه وصل إلي مراكزه بالتزوير، وكان موقفه قبل يناير 72 وبعده مخزيا وشائنا وهو أول من أطلق علي اللجنة الوطنية العليا للطلاب - أعظم إنجازات انتفاضة يناير الطلابية والحركة الوطنية عموما في الأعوام العشرين الأخيرة - لجنة الخيانة الوطنية - في برقيته التي أرسلها للسادات يشجب فيها حركة الطلاب «العميلة»!! ويبارك قمع السلطة لها بينما كان المئات من طلاب الجامعة يناضلون في سجون النظام ضد قوي القهر والقمع والإرهاب» وينضم إلي الاتحاد شلة محترفي الانتخابات والمستفيدين من إمكاناته علي حساب الطلاب.
بالإضافة إلي التجمعات الرجعية الدينية «ممثلة في الجماعة الدينية بالكلية وهي معقل الفكر الإخواني المتخلف وتحرك بأوامر من خارج الكلية والجامعة» ومعهم أعداء الحركة الوطنية التقدمية من مواقع العداء الطبقي «أبناء بقايا الطبقات البائدة «الإقطاع - الرأسماليين» وأبناء الطبقة الجديدة المستفيدين من استتباب الوضع الحالي».. ثم الطلاب المجندين بالمباحث داخل الكلية وأيضا التابعين لذلك الجهاز من موظفين وخلافه.. ومعهم بالطبع إدارة الكلية وبعض أعضاء هيئة التدريس المتعاونين مع السلطة والذين لعبوا دورهم المخزي في يناير 72 واستمروا فيه.
3- أسلوب جديد
أصبح معلوما وواضحا أن السلطة قد أيقنت ألا سبيل لخلاصها من هؤلاء «المشاغبين - المندسين - الملونين - المتطرفين - العملاء!» إلا باستخدام أسلوب الإرهاب الفكري والجسدي واللجوء للتصفية الجسدية لعناصر الحركة الوطنية - خاصة القيادية منها - ولقد صرح بذلك السيد «ممدوح سالم» وزير الداخلية والسيد «أسامة الباز» أحد المسئولين بالاتحاد الاشتراكي والمنوط به مهمة الإشراف علي عملية تدمير حركة الطلاب في الجامعة، كما أعد اتحاد طلاب الجمهورية «مجموعة المرتزقة المباحثية المسيطرة علي مقدرات الطلاب والناهبة له والمستخدمة من قبل السلطة استخداما كاملا لضرب حركة الطلاب» العديد من معسكرات الإعداد لكوادره الإرهابية وساهمت في ذلك منظمة الشباب الاشتراكي «التنظيم المتداعي - المشلول، والمنبثق عن «التنظيم الأم - الاتحاد الاشتراكي العربي!».
4- وبدأ العام الدراسي
بدأ العام الدراسي الجديد 72/1973، وذكريات يناير المجيدة لم تزل في نفوس جموع الطلاب، وعاودت العناصر النشيطة في كل كلية ممارسة مختلف النشاطات الديمقراطية والوطنية بمجرد بدء العام.. ولقد كان واضحا تماما أيضا أن كلية الهندسة «ج. ق» مازالت كالعهد بها تضج بالنشاط الجرئ والشجاع وتبلور عمل طلابها الوطني وظهر علي هيئة صحف حائط متعددة علقت في ساحة الكلية منذ الأيام الأولي للدراسة.. حيث تجمع الطلاب حول هذه الصحف يقرأونها في شغف ويتحاورون حول موادها في حلقات ظلت تتسع يوميا وفي إطار من حرية الرأي والفكر غير المتاحة في أي مكان آخر.
وعلي مدي الفترة من السبت 14 أكتوبر 72 «بدء الدراسة» حتي السبت 28 أكتوبر 72 «أول أيام الأسبوع الدامي» شهدت ساحة الكلية صحف الحائط التالية..
أولا صحف اليسار
(1) الثورة (2) 24 يناير
(3) ساعة الجامعة (4) الأرض
(5) مصر (6) القرع
(7) المعركة (8) كرابيج «سياط»
(9) الشباب الناصري (10) مقالات متفرقة
ثانيا: صحف اليمين
وبالإضافة إلي ذلك مثّل الفكر الديني الرجعي المتخلف صحيفتان فقط لا غير.
(1) رمضان (2) الجهاد
ذلك بينما التزمت عناصر اتحاد الطلاب والمباحث وتجمعات اليمين الطبقي الصمت المطبق، مما استشعر معه طلاب الحركة الوطنية الريبة والغدر، كما اتسمت سلوكيات هذا التحالف إبان تلك الفترة بلزوجة شديدة ونفاق واضح لطلاب الحركة الوطنية في محاولة ساذجة للتمويه علي ما كان يعد في الخفاء.
5- السبت 28 أكتوبر استقالة «صادق».. حصان طرواده!!
فوجئت جماهير طلاب كلية الهندسة بموقف عجيب مع الساعات الأولي من صباح السبت 28 أكتوبر.. صياح وهياج وتحركات صارخة مفتعلة من مجموعة الاتحاد وتحالفها.. علقوا علي الحوائط عرائض احتجاج علي السادات لتنازله عن كرامة مصر وخضوعه للاحتلال «الشيوعي»! وإقالته للفريق صادق واتهموه بأنه سلك مسلكا لا يليق بالرجال!! وثاروا علي إدارة الكلية التي منعتهم من إرسال برقية بهذا المحتوي إلي السادات وعلقوها علي جدران الكلية مكتوبة بخط كبير، وزعوا مئات القصائد المطبوعة «والمعدة سلفا» لأحد الشعراء الذين يلعبون دورا كبيرا في قيادة هذا التحالف «عصام الغزالي - من أسرة إخوانية - متعصب ضيق الأفق - يتحرك بصلافة وغرور قبيح مستفز».
إحدي هذه القصائد بعنوان رسالة إلي قبطان سفينة تغرق يصرخ في السادات أن يلقي بمرساة السفينة إلي أقرب شط «وليكن شط أمريكا - شط إسرائيل والحل الاستسلامي.. لا يهم» - وأخري بعنوان «يا رجلي» تتهم فيها الصديق «ذو الناب الأحمر» بأنه يخون صديقه ويضاجع «مصر» امرأته في سريره».. هياج.. وصراع.. وضجيج وأصوات نشاز متعددة متداخلة.. متوافقة أدت في النهاية إلي الهدف منها: إثارة مجموعة من الطلاب وإهاجتهم وقام العديد منهم خطباء «فصحاء»! مدافعين عن كرامة مصر وإرادة مصر التي غزاها الشيوعيون..
وتناقشت العناصر الوطنية في سرعة ومرونة الوضع واتفقت جميعا علي أن الحركة يجب أن تكون بأقصي قدر من القوة والسرعة في اتجاه المحاور الآتية..
(1) توضيح رأي طلاب الحركة الوطنية في مسألة الاستقلال الوطني، إننا نرفض رفضا قاطعا أي مساس بحرية مصر واستقلالها ونشجب أي تدخل أجنبي مهما كان - إذا كان قديما.
(2) القضية ليست استقالة صادق أو عودته وإنما هي أعمق بكثير من ذلك إذ أنها تمس جوهر قضية الديمقراطية المغدورة في مصر ومن هنا فحصر مناقشة الموضوع في ذلك الإطار الضيق، تجزأ مخل ومغرض.
(3) إننا نرفض أن تستغل حركة الطلاب الوطنية - التي خرجت من أجل مصر - في صراعات السلطة لتغليب كفة جناح علي كفة أخري.. كما أننا ندين الأيدي المحركة لمجموعة الاتحاد - المباحث - اليمين الرجعي المتخلف والتي تتضح بجلاء من طبيعة العلاقات القديمة بين اتحاد الطلاب بالكلية ورئيسه علي وجه الخصوص «مجدي البنا» - مع السلطة وخاصة «السيد مرعي».
حجم الحملة الرهيب وشكل طرحها للقضية المثارة والذي يفوق كثيرا إمكانات الاتحاد وأعضائه.
الاستغلال المغرض لموضوع استقالة صادق ومحاولة توجيه الشعور الوطني لدي الطلاب في اتجاه مصلحة هذا الجناح دون سواه، ولقد قيل صراحة «إن المفروض من الطلاب «علي لسان أحدهم» أن يمارسوا ضغطا علي السادات لإعادة صادق ورفض التدخل الأحمر..» (هكذا)!
(4) إن المأساة الوطنية التي نحياها والسير الحثيث باتجاه التصفية النهائية لقضية الوطن المحتل هو المحرك الأساسي لمثل هذه القلاقل.. وليس هناك من حل سوي الرفض الكامل لكل أساليب الاستجداء والإيمان بحرب التحرير الشعبية كمخرج أخير ووحيد من ورطتنا.
كما كان التحرك باتجاه إعادة التأكيد علي ما جاء في الوثيقة من بنود تحلل بالتفصيل وجهات نظر الطلاب الوطنيين في أزمة الديمقراطية والقضية الوطنية وسبل حلها.
ولقد كان واضحا أن الموقف الحرج يتطلب قدرا عظيما من الذكاء والوعي في معالجة دون الوقوع في أحد المحظورين..
1- الدفاع عن السلطة انطلاقا من تأييد موقفها من صادق متناقضين بالتالي مع أنفسنا في مواقفنا السابقة من النظام.
2- الاستمرار في الهجوم علي السادات والسلطة وبالتالي الهجوم علي الاتحاد السوفيتي وإدانته.. وهذا أيضا يتناقض مع موقفنا وإيماننا بأهمية العلاقة مع الاتحاد السوفيتي الصديق بالنسبة لمصر في هذه المرحلة.
وبنجاح كبير كانت محاور الحركة تمتد - عن طريق الحوار وصحف الحائط - لكي:
- تفضح مواقف النظام المترددة والمتهاونة وتعريه وتكشفه دون الوقوع في حبل الهجوم الشخصي وتوضح الأسباب التي أدت لهذا الوضع المهتز.
- تدافع عن صداقتنا بالاتحاد السوفيتي - انطلاقا من وجهة نظر المصلحة المصرية وحاجتنا له.. وتهاجم موقف وقف إطلاق النار والسعي لاستجداء حل استسلامي وترفض الالتجاء لأمريكا وأوروبا الغربية وتكشف مواقفهما.
- تفضح مواقف اليمين الانتهازية وتهاجمها.
- توضح أبعاد أزمة الديمقراطية في المجتمع المصري وكيفية حلها.
6- الأحد 29 أكتوبر: مؤتمر حاشد وهزيمة ساحقة لليمين
في الثانية عشرة امتلأ مدرج «الساوي» الشهير، الوضع بالغ التعقيد والتوتر.. أعضاء الاتحاد وشلة المباحث واليمين الديني والرجعي يتحلقون حول المنصة ويفرضون ألا يقترب أحد منا خطوة نحوها.. هم الذين حددوا موضوع المؤتمر الحاشد «شجب موقف السلطة وإدانة «خضوعها» للضغط الأحمر والضغط باتجاه عودة صادق وطرد السوفييت!!!» والوسيلة تصعيد الموقف لاعتصام أو تظاهر أو علي أسوأ الفروض بيان قوي يؤكد مطالبهم.. وفي إطار تام من الثقة المطلقة بنجاح الخطة المسبقة.. بدأوا في الهجوم علي السوفييت والاحتلال الروسي وعلي القوي الوطنية في الجامعة وعلي كل من ليس معهم.. وتوالي ممثلوهم يؤكدون ويلحون علي نفس المعاني غير ناسين في كل لحظة توجيه سيل من الشتائم لأنصار الثورة والحركة الوطنية للطلاب والوطنيين والشرفاء في كل مكان.
ولم ينس أحدهم أيضا من مدعي التدين أن يؤكد أن سبب هزيمتنا هو الشيوعيين والبنات اللاتي يلبسن ميني جيب وتحدث ممثلو الحركة الوطنية للطلاب.
شرحوا وجهات نظرهم وطرحوا آراءهم وحللوا الوضع الحالي وبينوا تفاصيله.. وحددوا مواقفهم.. أوضحوا الخيوط المتشابكة وأدانوا الأيدي الموجهة لهذا التحرك الرجعي وفضحوا مواقف الاتحاد ودوافع حركته المريبة.. وقدموا برنامجهم الوطني لتحقيق الانتصار في المعركة علي أساس من الديمقراطية والدور الشعبي الحقيقي في المعركة ومع مرور الوقت كان يتضح اقتناع الطلاب بوجهة نظر الحركة الوطنية للطلاب.. وميلهم إلي رفض دعاوي اليمين.. كانوا يستقبلون طلاب الحركة الوطنية ويودعونهم بعاصفة من التصفيق بينما يواجهون اليمين بعبارات الاستنكار والاستهزاء.
وعندما أحس اليمين بضياع الموقف منه.. واتضح إفلاسهم الفكري التام وكشف مواقعهم لجأوا إلي أسلوبهم المتميز.. الإرهاب.
بصقوا في وجوه الطلاب وأمطروهم بوابل من الشتائم البذيئة بل إن أحدهم «مباحثي» صعد علي المدرج الخشبي حاملا فردة من حذائه مهددا الطلاب «الذين خدعهم الشيوعيون»!!، هجموا علي قيادات الحركة الوطنية في شراسة وهياج وأصابوا أحدهم «أحمد بهاء الدين» بضربة من كرسي من «عصام الغزالي» نقل علي إثرها إلي مستشفي قصر العيني مشتبها بإصابته بارتجاج في المخ.
ومع هذا لم يتحقق هدفهم في خلق المعركة المرتقبة والتي تمنح قوات القمع الضوء الأخضر لدخول الكلية وتصفية الحركة فيها.. ورغم سقوط المصابين من الحركة الوطنية أصر أعضاؤها علي عدم خوض المعركة التي يحلم بها اليمين، وأصروا علي انتخاب لجنة الصياغة النهائية للبيان الختامي للمؤتمر.. وجري الانتخاب في إطار ديمقراطي تام حيث عرض المرشحون علي المؤتمر ليختاروا الممثلين عنهم في اللجنة.
وكانت المفاجأة الكبري لقوي اليمين.. والصدمة المهولة انتخب المؤتمر أربعة أفراد من الحركة الوطنية للطلاب في مقابل واحد ممثلا عن اليمين وآخر عن الناصريين شديدي القرب للحركة الوطنية.
ممثلو الحركة الوطنية في لجنة الصياغة.. حلمي المصري وعبدالعزيز شفيق وكمال خليل ومحمد أسامة.
ممثل اليمين في لجنة الصياغة عدلي.
ممثل الناصريين «اليسار الناصري» أحمد فتيح.
وهنا بخيبة أمل مريرة اضطرت فلول اليمين للانسحاب في محاولة لتجميع الصفوف ومعاودة شن الهجوم مرة أخري.
7- الاثنين 30 أكتوبر.. الإرهاب يتصاعد
تدفقت جموع غريبة الطراز علي الكلية من خارجها منذ الصباح الباكر.. كتلا من الغباء والعضلات مسلحة بالمطاوي والسكاكين والسياط وكل ما يمكن استخدامه في عملية الإرهاب الانتقامية من هزيمة الأمس علي أيدي طلاب الحركة الوطنية.. مزقوا مجلات الحائط وصرخوا مهددين «الشيوعيين»! وعبروا عن الهدف الصريح من مؤامرتهم:
واجه الطلاب الوطنيون الموقف بشجاعة وفهم عميقين.. اتجهوا لجماهير الطلاب كي يشرحوا لهم ما حدث.. حدثوهم عن الديمقراطية التي تغتال في الجامعة وكلية الهندسة وعن موقف السلطات ودوافع حركة اليمين وكانت خطتهم الأساسية في غاية البساطة:
هم تحميهم السلطة.. ونحن تحمينا الجماهير.
هم يلجأون للإرهاب.. ونحن نلجأ للعمل السياسي.
تمالك أعصابك - جرهم للنقاش - أفضحهم أمام جماهير الطلاب.. إعزلهم.. استغل أسلحتك بذكاء لكي تنتصر.
وفعلا تم تحقيق هذه الخطوات بدأب وجسارة.. كانوا يمزقون صحف الحائط فنشير عليهم أمام الطلاب ونعريهم أمامهم.. ثم نضع بديلا لها.
كانوا يستفزوننا للقتال.. فنستدرجهم إلي نقاش موضوعي هادئ وسط الجموع.. وحين يعجزون عن طرح قضاياهم «غير الموجودة أصلا» يسبون ويلعنون فتنقلب الجماهير عليهم مهاجمة إياهم كانوا يتجمعون حول أحدنا وينهالون عليه ضربا.. فيتمالك نفسه وينهض «مبتسما»!! لكي يشرح للجماهير دوافع التجاء اليمين بعد إفلاسه الفكري للإرهاب فتندفع الجماهير.. تتحرك.. وتحدد موقفها مع الحركة الوطنية وضد إرهاب اليمين.. باختصار واجه طلاب الحركة الوطنية جهاز الإرهاب العاتي مواجهة أسطورية انتهت بهزيمة ساحقة لخطط السلطة وأهدافها.
وفي باقي كليات الجامعة.. استنفرت القوي الوطنية للدفاع عن حركة الطلاب في ساحة النضال الكبري بالهندسة.. وامتلأت صحف الحائط في آداب واقتصاد وبيطري وطب وغيرها بعشرات النداءات للدفاع عن زملاء النضال بكلية الهندسة وبفضح الأسلوب الإرهابي من قبل السلطة والتصدي له.
8- الأربعاء 1 نوفمبر - روح يناير المجيد تبعث من جديد
الجامعة تستيقظ.. ضراوة المعركة في كلية الهندسة تبعث روح التحدي في النفوس.. تتكاتف الجموع الوطنية لدرء الخطر المحيط بحركتها ومساندة زملائهم بكلية الهندسة في قتالهم الضاري ضد محاولات الإرهاب والتصفية.. حركة نشطة للطلاب الوطنيين وعشرات المقالات تفضح موقف السلطة واتجاهها الجديد وتشجب تستر إدارة الجامعة وصمتها الرهيب علي إرهاب اليمين.. وتدعو الطلاب للدفاع عن حركتهم.. روح يناير المجيدة تشع من العيون وتضج بها النفوس.. والتضامن العميق ينتصر من جديد.
9- الخميس 2 نوفمبر: خفاقة يا راية يناير المجيدة
قوي اليمين بكلية الهندسة تلفظ أنفاسها.
القوي الوطنية تبتهج لانتصارها العظيم.. الحوار يمتد ليهز الجامعة كلها.
تنسحب شراذم اليمين الخاسرة مفجوءة ومصدومة من النتيجة المذهلة غير المتوقعة.
مؤتمر بكلية آداب لفضح المؤامرة وتأييد نضال طلاب الهندسة تتحدث فيه ممثلة عن كلية الهندسة «الأخت فاتن» بطرحتها البيضاء حول رأسها.. تكشف همجية اليمين الذي اتهمها بالشيوعية «وهي تستحث الفتاة المتدينة والعميقة الإيمان» لمجرد رفضها الانسياق لدعاواه الكاذبة وتستحث الطلاب للوعي بأبعاد المعركة الضارية التي يخوضونها يتوالي المتحدثون بحماس ويقين.
نخرج من الجامعة منهكين من انعدام الراحة والنوم والغذاء طوال أسبوع كامل.. ولأول مرة في الطريق إلي منازلنا.
ساعة الجامعة تدق دقات متوالية.
ومن بعيد تبدو أبنيتها الجليلة.. وعلي الأرض شعار مكتوب ب «البوية» لم يزل في مكانه منذ يناير المجيد..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.