دار حوار بين شابين داخل مظاهرة كانت تطالب بالعدالة الاجتماعية حول صورة رفعها أحدهما وكتب أسفلها «كنت زعيما» اختلف الاثنان حول أشياء كثيرة منها عصر ذلك الرجل وظروف قراراته السياسية، لكنهما اتفقا في النهاية علي أن مصر فقدته حقا ومن يومها تبحث عن «ملهم» أنه جمال عبدالناصر والذي مرت ذكري ميلاده الأحد الماضي، بعد الثورات العربية التي أطلقنا عليها وصف الربيع. كانت تجربة جمال «حبيب الملايين» كما وصفه نشيد الوداع محط اهتمام قادة وزعماء العالم فكما اعترف المناضل فيدل كاسترو «انتصار مصر السياسي علي العدوان الثلاثي ودحره عام 1956 شكل لنا نحن في أمريكا اللاتينية وكوبا تحديدا رمزا ونموذجا لانتصار ثورتنا الكوبية بعد ثلاثة أعوام من عدوان السويس». في كل الحالات عبدالناصر عشق مصر بطريقته الخاصة وحب الملايين حتي الآن يؤكد صدق هذا العشق، وهو ما جعل أعداءه يحترمونه رغم كل شيء، وجعل المختلفين معه يبكونه من داخل السجون، جعل صلاح عيسي كما قال لي إحدي المرات في حوار صحفي يرسل برقية تعزية من داخل السجن ويبكيه بعد وفاته فلا يصدق المسئولون مشاعره وحبه لعبدالناصر فيقررون حبسه انفراديا. عبدالناصر مواليد الإسكندرية قبيل اندلاع ثورة 1919 تلك الثورة التي هزت مصر وقتها ضد الاحتلال البريطاني وحركت وجدان المصريين. والده حسين خليل سلطان انتقل من قرية بني مر بمحافظة أسيوط ليعمل وكيلا لمكتب بريد باكوس بالإسكندرية وفي منزل والده رقم (12) شارع د. قنواني بحي فلمنج ولد في 15 يناير 1918م وهو المنزل الذي تحول لمتحف يضم ممتلكات عبدالناصر بداية حياته ويفتخر بوجوده حتي الآن «الإسكندرانية» يعتبر الكثيرون عبدالناصر رمزا للثورة وأن اختلفت مسميات حركة 23 يوليو ثورة أو حركة، ويعتبره الشباب الذي لم يع حياته أو عصره رمزا أيضا للكرامة فهو الذي أمم قناة السويس، احتضن منظمة التحرير الفلسطينية وهو.. وهو.. وترك لهم مواقف كثيرة جديرة بالاحترام ودونها التاريخ في ذاكرته الجبارة وترك الحكم للأجيال التي رفعت صورته ولم تتجاوز السابعة عشرة. احتفل هذا الشباب بميلاد عبدالناصر علي طريقته الخاصة البعض ذهب إلي ضريحه وترك ورودا وأمنيات له بالرحمة وبأن يأتي من يعشق مصر مثله والآخرون احتفلوا علي موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» بوضع صورته «بروفايل» بينما فضل بعض الشباب تحميل فيديوهات لخطبه والتي جاءت مناسبة لوقتنا وللأحداث فمنها ما كان يتحدث خلالها عن علاقته بالإخوان المسلمين وطلب مرشدهم وقتها من عبدالناصر بأن يفرض ارتداء الحجاب علي البنات بينما عبدالناصر يرد عليه «ابنتك في كلية الطب ولا ترتدي الحجاب فكيف تطلب مني فرضه علي 10 ملايين شخص؟» ومنها خطب يتحدث خلالها عن الفقراء والفقر. رحم الله جمال عبدالناصر الذي قال يوما ما «إن شعبنا يعرف قيمة الحياة لأنه يحاول بناءها علي أرضه، إن الحق بغير القوة ضائع، والسلام بغير مقدرة الدفاع عنه استسلام، إن الرجعية تتصادم مع مصالح جموع الشعب بحكم احتكارها لثروته، إن النصر حركة، والحركة عمل، والعمل فكر، والفكر إيمان» وهكذا كل شيء يبدأ بالإنسان والجماهير هي القوة الحقيقية والسلطة بغير الجماهير مجرد تسلط.