استمرار هيمنة فلول «بدر» وأنصار «موسي» «الأمور تسير في وزارة التعليم كما كانت في العهد البائد، وربما تنحدر للأسوأ أحيانا»، هذا هو الحال في «وزارة» ينتظر منها جموع المواطنين تحقيق تعليم أفضل لأبنائهم وإصلاحات جذرية لمنظومة التعليم تقضي علي ظاهرة الدروس الخصوصية بعد ثورة يناير وتنقذ المدارس من حالة التردي والانحدار التي وصلت إليها طوال العقود الماضية، كل هذا لم يتحقق، بل شهد أول عام دراسي بعد الثورة مزيدا من التدهور والانحدار وصل إلي حد الفوضي في إدارة وأداء المؤسسة التعليمية بكل عناصرها. الأمر ليس غريبا.. فقد تولي مسئولية وزارة التعليم بعد الثورة وزراء ينتمون قلبا وقالبا للنظام السابق بعد إقالة د. أحمد زكي بدر وزير البطش والاستبداد في حكومة السجين أحمد نظيف، جاء د. هاني هلال وزير التعليم العالي ليشرف علي وزارة التعليم في حكومة الفريق أحمد شفيق التي حاول بها الرئيس المسجون حاليا إنقاذ نظام حكمه قبل التنحي، أدار هاني هلال وزارة التعليم «بالريموت كنترول» من مكتبه بوزارة التعليم العالي بتثبيت الأوضاع وعدم المساس «بإنجازات» سلفه أحمد زكي بدر، بل وتوقيع قرارات مد الخدمة لبعض القيادات دون النظر بجدية لإدخال إصلاحات وتغييرات تستجيب لمتطلبات الثورة. النظام مستمر عندما تولي د. عصام شرف رئاسة الحكومة سار علي النهج السائد بإعادة إنتاج نظام مبارك باستدعاء د. أحمد جمال الدين موسي الذي سبق وشغل موقع وزير التعليم في الحكومة الأولي لأحمد نظيف ليتولي حقيبة التعليم، لم يخيب أحمد جمال الدين موسي أمل عصام شرف وقام باستدعاء القيادات السابقة القريبة منه والتي سارت علي نفس النهج والطريقة دون تغيير أو إصلاح لقصور في الرؤية وفقر في الإبداع، بل انتهز الوزير السابق الفرصة باختراع أسباب واهية للسفر للخارج عدة مرات والحرص علي صرف «بدل السفر» المقرر أكثر من الاهتمام بتطوير التعليم ومناهجه، أو حتي تحقيق الانضباط في العملية التعليمية بعد أن أصبحت غالبية المدارس الحكومية خاوية من التلاميذ خاصة في المرحلة الثانوية، إلي أن استعان د. كمال الجنزوري في الحكومة الجديدة «بجمال العربي» من قلب الجهاز الإداري العتيق ليتولي موقع وزير التعليم لتسير الوزارة بنفس الخطوات التقليدية دون تغيير يذكر. مدارس سوزان مبارك!! ما يحدث في وزارة التعليم طوال الشهور التي أعقبت الثورة يؤكد صدق وصحة ما يطالب به الثوار من ضرورة تشكيل حكومة ثورية يتولي المواقع الوزارية بها «شخصيات» لا تنتمي للنظام السابق وغير ملتصقة بالهياكل الإدارية التي ترعرع بها الفساد، شخصيات تنتمي لجيل الثورة تعمل لتحقيق متطلبات واستحقاقات الثورة، تتمتع برؤية تربوية وتعليمية لإحداث نهضة حقيقية في كل ربوع الوطن لن تتحقق إلا عن طريق وضع «التعليم» علي قمة الأولويات الملحة. في مواقع قيادية عديدة بوزارة التعليم يقبع فلول أحمد زكي بدر وأنصار أحمد جمال الدين موسي، بعض هؤلاء احتلوا المواقع القيادية بعد استبعاد ونفي من كانوا يشغلونها بجدارة، المستبعدون تقدموا بتظلمات وملفات للوزير الجديد تؤكد استحقاقهم للعودة لوظائفهم بعد استبعادهم دون وجه حق، غير أن الوزير لا يلتفت لهذه التظلمات ويصر علي الاحتفاظ بالفلول والأنصار طالما لم يرتكبوا أخطاء أو مخالفات حسبما يقول، الوزير لا يرغب في تغيير القيادات بقيادات أخري تتجاوب مع مرحلة الثورة ولا حتي يريد رد الحق لأصحابه بإعادة المستبعدين لمواقعهم، الإصرار علي الاحتفاظ بالقيادات القديمة قد يؤدي إلي إثارة حالة من الاضطراب والفوضي داخل مؤسسات التعليم، وما يحدث في مدارس المعاهد القومية مثلا يؤكد أن الأمور تسير نحو الأسوأ إن لم يتدخل الوزير بحسم لتصحيح الأوضاع الخاطئة. لجنة السياسات في منتصف العام الماضي قرر د. أحمد زكي بدر وزير التعليم الأسبق بعد وساطة وتدخل من أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل ندب نبيل الدمرداش رئيس الإدارة المركزية للتعليم الثانوي بالوزارة ليتولي رئاسة مدارس المعاهد القومية، لم يكن يتبقي سوي شهور قليلة لإحالة «الدمرداش» للمعاش، ولأنه المنفذ المطيع لأوامر ورغبات أحمد زكي بدر في البطش والاستبداد فقد رأي الوزير الأسبق مكافأته علي جهوده وطاعته العمياء بندبه لرئاسة المعاهد القومية خاصة بعد توصيات أصدقائه بلجنة السياسات، ونظرا لوجود رئيس ومجلس إدارة لمدارس المعاهد القومية في ذلك الوقت إلا أن ذلك لا يمثل مشكلة بالنسبة لوزير مثل أحمد زكي بدر، فقد أصدر القرار رقم 186 في 26 يوليو 2010 بحل مجلس إدارة المعاهد القومية. يصبح الطريق ممهدا ليجلس «الدمرداش» علي مقعد رئيس مجلس الإدارة منفردا في إدارة المدارس التابعة للمعاهد القومية وعددها 39 مدرسة بجميع أنحاء الجمهورية يدرس بها حوالي 120 ألف طالب، الانفراد بالإدارة جعل «الدمرداش» يرتكب العديد من التجاوزات والمخالفات ويشترك مع الوزير في محاولة السطو علي مدارس المعاهد القومية وتحويلها إلي مدارس تجريبية حكومية مما أثار أولياء الأمور والطلاب بعد تحويل الأرصدة المالية الضخمة لهذه المدارس لحسابات تابعة لوزارة التعليم!! أقام أولياء الأمور دعاوي قضائية أمام محاكم القضاء الإداري التي حكمت ببطلان قرارات تحويل المدارس القومية إلي مدارس تجريبية وعودة أسماء هذه المدارس إلي ما كانت عليه بعد إقدام الوزير الأسبق لتغيير أسمائها لتصبح باسم السيدة الأولي سابقا سوزان مبارك زوجة السجين الحالي مبارك، إلي أن قامت ثورة يناير المجيدة، وبعد تولي د. أحمد جمال الدين موسي حقيبة وزارة التعليم، تسلل «الدمرداش» في ظل حالة الاضطراب والقلق بعد الثورة في يونيو الماضي إلي مكتب الوزير لتجديد ندبه لمدة عام آخر وذلك قبل انتهاء العام الأول لندبه بحوالي شهر ورغم بلوغه سن المعاش. احتجاجات ومظاهرات دون فحص أو دراسة أو الالتفات لتجاوزات ومخالفات «نبيل الدمرداش» وهي عديدة، وقبل ذلك عدم الانتباه إلي أنه أحد رجال الوزير الذي أذاق المعلمين العذاب صنوفا وألوانا، ودون الاهتمام بتحقيق أقل استحقاقات الثورة بتغيير قيادات النظام السابق، أسرع د. أحمد جمال الدين موسي بالتجديد لمدة عام آخر «للدمرداش» في رئاسة المعاهد القومية اعتبارا من 26 يوليو 2011، ملحوظة «نبيل الدمرداش جاء من المنصورة حيث كان يعمل مدرسا ود. أحمد جمال الدين موسي جاء أيضا من المنصورة حيث كان يرأس جامعة المنصورة». اندفع «الدمرداش» بعد التجديد للعبث بأوضاع مديري ونظار المدارس باستبعاد العديد من المديرين من حركة المديرين دون أسباب وبعد إجراء اختبارات أثارت استياء الجميع والسخرية من المقابلات الشخصية والأسئلة التافهة، علي الرغم من أن المادة (60) من القانون رقم (1) لسنة 1990 المنظم لعمل مدارس المعاهد القومية تحظر استبعاد المدير أو نائبه أو الناظر إلا إذا صدرت منه مخالفات جسيمة أو أعمال تعرقل سير العملية التعليمية. الأمر الذي دفع المديرين المستبعدين للاحتجاج والتظاهر والمطالبة بإقالة «الدمرداش» لاستبعاده الكفاءات القيادية في حركة التعيينات المقدمة لوزير التعليم، لامتصاص حدة الاحتجاجات تشكلت لجنة قانونية بوزارة التعليم لفحص تظلمات المديرين المستبعدين، وبعد ضغوط وللتخلص من أزمة المعاهد القومية وافق الوزير في سبتمبر الماضي علي انعقاد الجمعية العمومية للمعاهد القومية لانتخاب أعضاء مجلس الإدارة واختيار رئيس مجلس إدارة جديد لإيقاف مهزلة انفراد «الدمرداش» بإصدار قرارات ولإعادة الأمور للأوضاع الصحيحة بعد حل مجلس الإدارة علي يد أحمد زكي بدر، تحدد 2 نوفمبر الماضي لعقد الجمعية العمومية وإجراء الانتخابات لاختيار ستة أعضاء بمجلس الإدارة واعتماد الميزانية والحساب الختامي عن العامين الماليين (2009 - 2010)، (2010 - 2011) اللذين تولي فيهما «الدمرداش» أمور وشئون المعاهد القومية، إلا أن الجمعية العمومية رفضت اعتماد الميزانية وهدد بعض الأعضاء بتقديم بلاغات للنائب العام ضد نبيل الدمرداش لإهدار أموال المعاهد القومية وارتكاب العديد من التجاوزات والمخالفات المالية والإدارية، بعد انتخاب أعضاء مجلس الإدارة الستة قرر المجتمعون عقد جمعية عمومية طارئة، تم عقدها في 4 ديسمبر الحالي لمناقشة تعدي الوزير د. أحمد جمال الدين موسي علي صلاحيات واختصاصات الجمعيات التعليمية بالمدارس وتركيز كل السلطات للجمعية التعليمية العامة بلائحة النظام الأساسي التي أصدرها الوزير كما يقول د. جلال ناصف بهندسة الإسكندرية وعضو مجلس الإدارة المنتخب. الوزير يفكر ويفكر!! بسبب حالة الاحتقان والغضب والسخط تجاه استمرار «الدمرداش» في الهيمنة علي المعاهد القومية رغم انتخاب أعضاء مجلس الإدارة، قررت الجمعية العمومية الطارئة التي عقدت 4 ديسمبر الحالي سحب الثقة من نبيل الدمرداش واختيار قائم بأعمال رئيس مجلس الإدارة لحين انعقاد مجلس الإدارة، لم ينعقد مجلس الإدارة بعد الانتخابات لعدم اكتمال التشكيل حيث تنص «اللائحة» علي قيام الوزير بتعيين ثلاثة أعضاء بمجلس الإدارة واختيار رئيس للمجلس من بين الأعضاء، غير أن الوزير السابق تقاعس عن تعيين الأعضاء الثلاثة واختيار رئيس مجلس الإدارة مما عطل اجتماعات المجلس وظل «الدمرداش» هو المسيطر والمتحكم، هذا التراخي والإهمال دفع الأعضاء المنتخبين - كما يقول حامد عبدالوهاب - عضو مجلس الإدارة المنتخب لتقديم مذكرة للوزير الجديد تطالب باستكمال تشكيل مجلس الإدارة بتعيين ثلاثة أعضاء، أشارت المذكرة إلي توصية الجمعية العمومية العادية بأن يكون التعيين لمديري مديريات التعليم بالمحافظات التي تتركز فيها مدارس المعاهد القومية وهي: القاهرة والجيزة والإسكندرية، كما أوصت بأن يكون اختيار رئيس مجلس الإدارة من بين الأعضاء المنتخبين وليس من المعينين استجابة لإرادة الجمعية العمومية وتمشيا مع روح الثورة وديمقراطية الإدارة حسبما جاء بالمذكرة. مخالفة جسيمة يشير محمد المنشاوي رئيس مجلس إدارة مدرسة النصر للغات بمصر الجديدة سابقا إلي أن استمرار نبيل الدمرداش في موقعه كرئيس لمجلس إدارة المعاهد القومية بعد انعقاد الجمعية العمومية وانتخاب مجلس إدارة جديد يعتبر مخالفة جسيمة توصم كل القرارات التي يصدرها بالعدم والبطلان، مؤكدا أن قرار أحمد زكي بدر بحل مجلس الإدارة نص في المادة الثالثة علي العمل به من تاريخ صدوره (26 يوليو 2010) وحتي الانتهاء من إجراءات انتخاب مجلس إدارة جديد، وبما أن الانتخابات انتهت يوم 2 نوفمبر الماضي يصبح معها أي قرار بتولي «الدمرداش» رئاسة المعاهد القومية بعد هذا التاريخ هو والعدم سواء. لقد التقي جمال العربي وزير التعليم الأسبوع الماضي بأعضاء مجلس الإدارة المنتخبين ووعدهم باتخاذ قرارات مهمة لضبط الأوضاع وإنقاذ المعاهد القومية.. لكن يبدو أن الوزير مازال يفكر ويفكر!!