نازيون وإسلاميون...! كلما اقترب موعد الانتخابات العامة زادت مخاوف الديمقراطيين من أن يقفز الإسلاميون من سلفيين وإخوان مسلمين إلي السلطة في ظل الاضطراب العام وحقيقة أنهم منظمون وأغنياء، وتزداد المخاوف علي مستقبل البلاد، وتعود إلي الأذهان ذكري صعود النازيين وهتلر إلي السلطة في ألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية في ظل أزمة عميقة واجهتها أوروبا الرأسمالية أدت إلي الكوارث بدءا بالحرب ذاتها وانتهاء بحكم النازية. ويغضب البعض من المقارنة - القاسية - للجماعات الإسلامية بالنازيين وذلك دون أن يتوقفوا أمام حقيقة التشابهات في الفكر والممارسة بينهما بل في الظروف التي دفعت بكل منهما إلي مشارف السلطة ثم السلطة الفعلية للنازي. وتعتمد كل من النازية والإسلام السياسي علي هشاشة الثقافة لدي الجمهور الواسع رغم أن النازية جاءت من المنبع القومي «ألمانيا فوق الجميع» والإسلام السياسي جاء من المنبع الديني ولهذا كانت الطاعة العمياء والخضوع الروحي المطلق والفوري للزعيم - الأمير - أو المرشد حيث تكمن قوة التنظيم لا في الذكاء والاستقلال الفكري والإرادة الحرة لكل أعضائه بل في هذا الانصياع للقائد، الرجل لأن المرأة في نظر الأيديولوجيتين هي أم منحية قبل كل شيء. يتساءل قارئ كيف تحدد جماعة الإخوان المسلمين قائمة بمرشحي الإخوان في انتخابات نقابة الأطباء ثم تبلغها لأعضائها الأطباء وعليهم السمع والطاعة!! وفي الحالتين فإن الأيديولوجية بسيطة جدا وتبسيطية تعبوية تتوجه إلي الجمهور العريض باعتباره محكوما بغريزته أو قطيعا يمكن أن يساق، ولنا في خبرة استفتاء مارس الماضي علي التعديلات الدستورية درس ثمين في تطبيق هذه الأفكار التبسيطية حين عبأ الإسلاميون جماهير واسعة باسم قيادتها إلي الجنة إذا ما صوتت بنعم، وبعد النتيجة انطلق شعار «غزوة الصناديق» حين خرج السلفيون إلي العلن وقرروا ممارسة السياسية بعد أن كانوا قد تفرغوا للدعوة حين قمعهم نظام الفساد والاستبداد، ويتمني الكثيرون أن يكون عملهم في النور بابا لتعديل أفكارهم وممارستهم. وفي الممارسة الواقعية للحكم قمعت النازية كل القوي السياسية الأخري باعتبارها هي ذاتها أي النازية تجسيدا للأمة بكل طبقاتها، وإذا ما استعدنا قول «حسن البنا» «نحن لا نعترف بأي نظام حكومي لا يرتكز علي أساس الإسلام ولا يستمد منه، ولا نعترف بهذه الأحزاب السياسية، ولا بهذه الأشكال التقليدية التي أرغمنا أهل الكفر أعداء الإسلام علي الحكم بها».. سوف يفاجئنا التشابه. ويقودنا هذا القول للتعرف بسرعة علي النزعة البراجماتية والقدرة علي التلون التي يتمتع بها «الإسلاميون» الذين يقولون الآن إنهم يريدون بناء دولة مدنية ديمقراطية، ويصرح أحد قادتهم «خيرت الشاطر» سنة 2005 «نحن نحترم حقوق جميع الجماعات السياسية والدينية»، كما أنهم ينفون الاتجاه للعنف بينما يقول لنا تاريخهم إن كل الجماعات المسلحة التي قتلت السياح والمواطنين الأقباط خرجت من معطفهم حتي أن أحدا لم يعد يصدق أنهم نبذوا العنف فعلا والقراءة المتأنية لكتابات أحد منظريهم وهو الدكتور «محمد الخطيب» ضد النساء وضد الفن وضد الأقباط الذين وضعهم هم والنساء في مرتبة أهل الذمة والمواطنين من الدرجة الثانية، سوف يعرف أن فتاواه كانت ولاتزال منبعا خصبا للتأسيس الفكري لكل الجماعات الرجعية والظلامية التي تنشط باسم الدين وتقصي كل آخر. ولا ننسي في هذا السياق أن الإخوان المسلمين وربيبتهم حماس في فلسطين هم الذين حولوا قضية فلسطين من قضية تحرر وطني ضد الاستعمار والصهيونية إلي قضية صراع ديني بين الإسلام واليهودية، وبذلك منح وجود حماس في غزة باعتبارها إمارة دينية أكبر مشروعية لإسرائيل كدولة دينية وفي تطور الصراع العربي ضد الصهيونية لم تبرز مطالبة إسرائيل بالاعتراف بها كدولة يهودية إلا بعد أن استولت حماس علي غزة، وكشفت بصورة سافرة عن عدائها الدفين لمنظمة التحرير الفلسطينية وهو ما برز جليا في رفضها لخطاب الرئيس عباس في الأممالمتحدة وإغلاق أجهزة التليفزيون في غزة عنوة حتي تمنع المواطنين من الاستماع لرئيسهم. إن المقارنة بين النازية من جهة وجماعات الإسلام السياسي من جهة أخري هي مقارنة موضوعية رغم اختلاف المنابع لأن أفكار الطرفين تتأسس علي نفس الآلية الداخلية لمنطق الحقيقة المطلقة وتلك هي القيمة الأساسية في كل أصولية، إذ تتصور أنها مالكة هذه الحقيقة وتفرضها عنوة علي الواقع حتي لو كان هذا الواقع يعاندها ومن هذه الأفكار والممارسات ينبع عنف كل أصولية، وغربتها عن العصر وارتباطها بكل الدوائر الموغلة في الرجعية في العالم.