قال د .أحمد حسن البرعي وزير القوي العاملة والهجرة في حوار ل«الأهالي» ، إن مشكلة البطالة هي القضية الأولي علي جدول الوزارة ، وإذا ما استطاعت الحكومة حلها ستكون قد حلت 99 % من مشاكل الشباب في مصر . وأكد البرعي أن قضية الأجور والأسعار ، وتحقيق العدالة الاجتماعية ، والمطالب المشروعة لشباب الثورة في الميدان ، هي محور عمل واهتمام الوزارة ، وتحقيقها سيكون معيار نجاح الحكومة وأشار البرعي إلي الوصول إلي حل قانوني لمشكلة الحوالات الصفراء ، لأموال المصريين الذين عملوا في العراق التي استمرت 22 عاما ، ولم يتبق إلا ذهاب د. شرف إلي العراق لتوقيع الاتفاقية مع رئيس الوزراء العراقي . وأضاف البرعي أن الحكومة ستعمل في المرحلة القادمة ، علي وصول الدعم لمستحقيه ، من الطبقة الفقيرة ، لتخفيف الأعباء المعيشية عن كاهل البسطاء من الشعب المصري . وأعلن البرعي عن وجود فرص عمل جديدة بالدول العربية ولكن بعد إجراء تدريب جيد ، لمن سيقع عليهم الاختيار . هذا بالإضافة إلي حوالي ستة آلاف فرصة عمل أعلنت عنها الغرفة الألمانية ، بالقاهرة . وإلي نص الحوار معه. ماذا حققتم فيما يتعلق بمستحقات أصحاب الحوالات الصفراء ، وهم حوالي 637 الف حوالة ب 408 ملايين دولار ، منذ 22 عاما ؟ لقد كان هناك خلاف قانوني ، حول مستحقات المصريين هناك ، وتم حله ، أثناء آخر زيارة لي للعراق ، وأصبح الأمر مجرد توقيع شكلي ، وكان من المفترض أن يسافر د. عصام شرف رئيس الوزراء إلي العراق ، يومي 24و 25 يوليو للتوقيع علي الاتفاقية ، ولكن تصاعد الأحداث في الشارع المصري حال دون ذلك ، ولكن مازالت هناك بعض المشاكل التي تعوق تسلم بعض المصريين لمستحقاتهم . ما هي ؟ هناك عدد ممن لهم مستحقات قد ماتوا ، وهنا سنتعامل مع الورثة مما يحتم وجود إعلام وراثة ، وهناك البعض الآخر الذي قد يئس ، فباع الحوالة ، ثم يأتي إلينا من اشتراها ومعه توكيل ، ثم يأتي صاحبها الأصلي ويقول إنها ضاعت منه ، فندخل في مشاكل متوالية من هذا النوع ، ونحاول البحث لها عن حلول قانونية . هناك مشاكل تؤرق الشارع المصري منذ سنوات ولكنه ينتظر منكم حلولا لها باعتباركم حكومة الثورة التي جاء رئيسها من الميدان ، المشكلة الأهم هي مشكلة البطالة ، والتي تتفاقم يوما بعد يوم ، والمشكلة الثانية هي الهجرة غير الشرعية ، والتي يموت بسببها خيرة شباب مصر ، فمتي ستتوقف هذه الهجرة؟ أولا أنا رأيي أنه إذا استطاعت حكومة الثورة أن تحل مشكلة البطالة سنكون قد قمنا بحل 99% من مشاكل الشباب المصري ، وأنا أول من كتب عن مشكلة البطالة وقلت "إيه اللي رماك ع المر " ، ولكن أود أن أشير إلي أن مشكلة البطالة قد بدأت منذ عام 1982 عندما أوقفت الحكومة التعيينات ، ثم تفاقمت بعد ذلك بسبب سياسة الخصخصة والمعاش المبكر ، وانضمام آلاف العمال لسوق البطالة ، هذا بالإضافة إلي سياسات التعليم ، التي لا تتوافق مع احتياجات سوق العمل ، مما ساهم في تعقيد المشكلة ، ولذلك لدينا خطة بدأت بمشروع قانون الحريات النقابية ، وما أن ننتهي منه ، سينتقل إلي مجلس الوزراء ، لنبدأ في دراسة قضية الحد الأدني للأجر في القطاع الخاص ، ولم يعد لدينا بعد ذلك إلا ملف التدريب ، وستكون هناك جلسة حوارية الاسبوع المقبل حول خطة الوزارة للتدريب . مع كل موسم حج ، تقوم مكاتب تشغيل العمالة بالخارج ، باستغلال العمال الذين يرغبون في السفر للعمل في السعودية ، ويحصلون منهم علي مبالغ مادية تصل إلي 1500 جنيه ، وهم في الاصل فقراء لا يملكون شيئا ، فأين دور الوزارة ؟ هذا العام الأمر مختلف ، فلقد جاء المسئولون عن الشركات السعودية وجلسوا مع شركات التسفير المصرية، ومع مندوبين من العمال ، والسائقين والجزارين وغيرهم وتم الاتفاق علي تحديد حقوق العمال ، وحقوق الشركات ، وتم التعاقد هنا في الوزارة ، وأنا كنت قد قررت أن تتم الحكاية كلها في الوزارة دون تدخل الشركات ولكنهم ثاروا وطالبوا بخلعي ، دفاعا عن مصالحهم ، ولكن "المهم " أنهم أصبحوا يأخذون مصاريفهم من الشركات السعودية وليس من العمال المصريين . قرأت تصريحا لك عن تقديم الغرفة الألمانية ستة آلاف فرصة عمل ، ما طبيعة هذه الفرص ، وكيف يتقدم إليها الشباب ؟ الغرفة الألمانية عندها شركات كبيرة جدا ، وتقدمت بهذه الفرص مشكورة ، ويمكنها استيعاب هذا العدد موزعا علي عدة شركات. وانشئت لجنة في الوزارة من وكيل أول الوزارة ووكيل الوزارة للتشغيل ، وهذه اللجنة ستجتمع كي تحدد المطالب التدريبية التي ستحتاجها الغرفة الألمانية ، ثم ستعلن عنها كي يتقدم الشباب إليها . أولا لابد أن يعرف الشباب نوع التدريب الذي سيقومون به ، حتي يتقدموا ، وأن تكون هناك شفافية في كل المراحل ، حتي تختفي الواسطة! هذا صحيح ، وأتفق معك ، لكن لابد أن أنبه إلي أن فرص العمل مرتبطة بالاستثمار ، الذي هو بدوره مرتبط بالاستقرار ، لكن دورنا نحن هو إعداد العامل أو الشاب لهذه الفرص ، فنرجو أن يعود الهدوء للشارع المصري ، ونحن نهتم حاليا بأربعة قطاعات ، وهي الغزل والنسيج ، والبترول ، والسياحة ، والبناء والإنشاء ، وعندنا برامج في هذه المجالات علي أعلي مستوي . من خلال تواجدك في الوزارة علي مدي 4 أشهر ، ماذا حققتم من مطالب الثورة ، وميدان التحرير ؟ أول شئ قانون الحريات النقابية ، وقضية الحد الأدني للأجور . ولكن الجماهير والأحزاب السياسية ، كانت تطالب بحد أدني 1200 جنيه ، وحكومة الثورة خيبت أملهم بخفضه إلي 700 جنيه ! مصر قبل الثورة تختلف عن مصر بعد الثورة ، فهناك توقف للسياحة علي مدي 6 شهور ، أي خسارة حوالي 110 مليارات جنيه مصري ، بالإضافة إلي توقف كثير من المنشآت عن العمل ، وعلي سبيل المثال ، أنا طالب من الوزارة 2 مليار جنيه للتدريب ، ولكن المتوقع أن نحصل علي مليار فقط ، لأن ظروف مصر صعبة الآن . في ظل هذه الظروف الصعبة ، في رأيك مصر "رايحة فين "؟ أنا من الناس المتفائلين ، وأتذكر عندما كنت طالبا بالجامعة ، ووقعت هزيمة يونية 67 ، وقيل حينها الكثير عن صعوبة أن تقف مصر مرة أخري ، وعادت مصر منتصرة وشامخة ، وهذا ما أتوقعه ، بعد هزيمة النظام السابق ، وقيام هذه الثورة الرائعة . بعض الخبراء يتوقعون أن يتدفق الاستثمار علي مصر ، بعد الثورة ، بسبب القضاء علي الفساد ، وكثير من معوقات الاستثمار قبل الثورة ، فما رأيك ؟ أنا متفق تماما معهم ، وقد رأيت بعيني كثيرا من المستثمرين ينسحبون ، بسبب العمولات أو المشاركات " الجبرية "، هذا بالإضافة إلي أن مصر كان بها نظام ديكتاتوري ، ولا يحترم الديمقراطية ، ورأس المال يبحث دائما عن المناخ السليم ، والذي يحترم القانون ، ويطبقه بعيدا عن الفساد والرشوة والمحسوبية ، فهو هنا يشعر أنه محمي ، ورغم هذه المرحلة الصعبة التي نمر بها ، "والتي أتوقع أن نتخطاها ، لأن كل الثورات تمر عادة بمثل هذه الظروف "، فالمستقبل حتما سيكون أفضل . شهر رمضان علي الأبواب ، ومازالت الأجور منخفضة ، والأسعار ملتهبة ، والناس قلقة ، ولم يتحقق شئ باتجاه قضية العدالة الاجتماعية ، فماذا تقول لهم ؟ بالتأكيد هذه القضية الأولي علي جدول الوزارة الجديدة ، لأن أهم مطالب الثورة هي تحقيق العدالة الاجتماعية ، وأنا أعذر الناس ، ولكن إذا ما نظرنا حولنا سنجد أن هناك إضرابات ومظاهرات حتي في الدول الاوروبية كاليونان وأسبانيا ، بسبب ارتفاع الأسعار ، عالميا ، ولكن رغم كل شئ أنا كنت دائما مع ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية ، في كل كتاباتي حتي قبل الثورة ، وكنت ومازلت أطالب بإقامة مشروعات كثيفة العمالة ، والبعد عن صناعات "الهاي تك " القليلة العمالة ، حتي نستطيع القضاء علي البطالة ، أو تقليل عدد العاطلين إن أمكن . هناك مطلب آخر للجماهير ، يتعلق بالحد الأدني والأعلي للأجور ، والفارق بينهما ، فالبعض يري أنه يجب ألا يزيد علي 20:1 والبعض الآخر يقترح 36:1 ، وأعتقد أن الأخير فارق كبير في ظل ظروفنا الحالية ، فما رأيك ؟ اولا أود أن أشير إلي أن الحد الأدني قبل الثورة كان يصل إلي 150 جنيها، والحد الأعلي كان يصل إلي ملايين الجنيهات ، وأنا أري أن نسبة 36:1 مناسبة للقطاع الخاص ، وإذا ما أراد القطاع الحكومي ، أن يطور نفسه ، فقد يلجأ إلي كفاءات من القطاع الخاص ، التي لن تقبل إلا بأجور متساوية مع أجور القطاع الخاص . في رأيك كيف يشعر العمال ، بالعدالة الاجتماعية في مصر ، بعد الثورة ؟ بوسائل كثيرة جدا ، وأهمها أن نعمل علي توصيل الدعم لمستحقيه ، وتحقيق مستوي معيشة أفضل للعمال والطبقة الفقيرة والمتوسطة ، هو مقياس النجاح الحقيقي لأي حكومة ، وعلي سبيل المثال أنا أحيي د. جودة عبد الخالق ، وزير التضامن والعدالة الاجتماعية ، لتجربته في محاولة توزيع أنابيب البوتاجاز بالكوبون ، فمشكلة البوتاجاز من المشاكل الكبري فيما يتعلق بالدعم ، لأن الحكومة تنتج الأنبوبة، لتبيعها في المخزن ب 2 جنيه ونصف ، علي أن تباع خارج المخزن ، ب 3 جنيهات ، ولكنها تصل إلي 30 جنيها، والفارق يوضع في جيب أصحاب السوق السوداء ، إذن هنا لابد من ترشيد الدعم ، وكذلك بالنسبة للسولار ، فلقد كانت هناك بعض القبائل تستولي عليه ، أو علي البوتاجاز ، ويشتغلون به ، ولذلك نحن نعمل الآن علي توصيل الغاز الطبيعي لهم، فتوصيله حتي علي نفقة الدولة ، أوفر من الدعم . هل تتوقع خلافا ، أو صداما بين النقابات المستقلة ، والاتحاد العام للعمال ؟ طبعا أتوقع خلافات وخناقات ، وهذا أمر طبيعي ، وحدث في الدول الاشتراكية ، عندما تحولت إلي نظام الاقتصاد الحر، وفي دول أخري كفرنسا ، ثم في النهاية ، إكتشفوا أنهم لابد أن يتحدوا ، وهذا ما حدث ، وهو أمر غير مقلق لي . أخيرا ماذا تقول للثوار في الميدان ، والعمال المحتجين والمضربين ؟ = بالنسبة للثوار في التحرير ، أنا متفهم جميع مطالبهم، وكان يجب أن تتم الاستجابة لجميع مطالبهم فورا ، ولكن أحيانا الظروف لا تسمح ، أما بالنسبة للعمال المصريين ، فأقول لهم، أقدر بشدة معاناتكم ، وأعدكم أن أعمل بكل ما أوتيت من قوة ، لتحقيق مطالبكم المشروعة . وماذا تقول للشباب الذين مازالوا يفكرون في الهجرة غير الشرعية ؟ = أقول لهم لا تهاجروا بشكل غير شرعي لأن أوروبا ، عيونها علي شواطئها ، وتراقبها جيدا ، وتعيش ظروف اقتصادية صعبة ، ونسبة نجاح الهجرة لا تتجاوز 2% ، ونحن سنفتح مجال الهجرة الشرعية ، في مرحلة قادمة ، إذا قدر لي أن أكون في التشكيل الوزاري الجديد . هل ستعلنون عن شروطها ؟ نعم ، وأنا سأقوم بجولة في البلاد العربية ، لأنهم طلبوا عمالة مصرية ، بشرط ان نقوم بتدريبهم قبل السفر ، ووزارة القوي العاملة ستقوم بهذه المهمة . كثيرا ما يعاني المصريون في الخارج ويتعرضون للاستغلال وضياع حقوقهم ، هل نتوقع اهتماما بالمصريين العاملين بالخارج ، وبالحفاظ علي كرامتهم ، بعد الثورة ؟ بالتأكيد الأمور ستختلف ، وأي مصري يرسل شكوي أو رسالة للوزارة ، يتم التحقيق فيها والاتصال بالدولة التي يعمل بها ، فإن كان له حق ، حتما سيأخذه .