كثيرة هي المخاطر التي مازالت تحدث بالثورة المصرية بل بالمجتمع برمته، لعل أبرزها غياب أجهزة الأمن وانحسار دورها، وهو ما انعكس بصورة جلية علي الاقتصاد المصري وساهم في تعثره وتراجعت معه البورصة، وبالتالي أحجم رجال الأعمال عن استثمار أموالهم في الأسواق المصرية. ظللنا طوال الأشهر اللاحقة للثورة نترقب عودة رجال الشرطة بعد إحساسهم بالهزيمة والانكسار، تحديدا بعد أن حرقت - عمدا - الأقسام وسيارات الشرطة، واقتحمت السجون وتم تهريب أسري حزب الله وحماس والإخوان المسلمين، وقتل العشرات من الضباط وجنود الأمن المركزي المصريين، الأمر الذي لا يدع مجالا للشك بأن هناك مخططا معدا سلفا لتدمير مصر حتي تفشل الثورة. ولا ننكر أن هناك عناصر فاسدة في جهاز الشرطة وأمن الدولة، مازال أهالي الشهداء ينتظرون محاكمتهم علي قتل أبنائهم، ونحن أيضا ننتظر تطهير وزارة الداخلية من العناصر الأمنية الفاسدة. انتظرنا طويلا عودة الشرطة لتقوم بالواجب المنوط بها وهو حماية الوطن من الأعداء المتربصين به من كل جانب، وتحقيق الأمن للمواطن المصري حتي يستطيع التحرك بحرية في شوارع مصر المحروسة دون فزع أو رعب. بالفعل بدأت الشرطة تعود مجددا إلي الشارع المصري، لكن ليس بكامل لياقتها المعهودة، واستقبلها الشعب المصري بالترحاب لإحساسه أن الأمان سيرفرف علي سماء مصر ومواطنيها، لكن سرعان ما تبدد الفرح وغاب الأمل وحل محلهما الخوف مجددا، عقب حدوث العديد من الاشتباكات والاعتداءات من جانب بعض البلطجية ضد رجال الشرطة، ومنها علي سبيل المثال المحاولات المستمرة لتهريب المساجين من الأقسام، وسحل رجال الشرطة ورشقهم بالحجارة كما حدث في المنيا احتجاجا علي اختفاء فتاتين مسيحيتين ما أدي إلي إصابة ضابطين وأمين شرطة ومجندين، ومؤخرا حادث العريش الذي راح ضحيته شهيدان والعديد من المصابين، كما تم تخريب قسم السلوم وإحراق 5 سيارات شرطة، فضلا عن الاعتداءات المتكررة التي ساهمت في إحداث الفتن والانفلات الأمني، ومن ثم زادت نسبة الجريمة والتعديات علي الأراضي والممتلكات العامة، والسطو المسلح وترويع الآمنين، وانتشرت حالة السرقة بالإكراه، وإشهار المطاوي والتثبيت، ما جعل المواطن يشعر بفقدان الأمن والأمان تماما، ناهيك عن الخوف من القادم المجهول.