التحالفات الانتخابية! القرار الذي اتخذه حزبا التجمع الوطني التقدمي الوحدوي والجبهة الديمقراطية - كل علي حدة - بعدم المشاركة في الاجتماع الذي دعت إليه بعض الأحزاب المشاركة في «التحالف الديمقراطي من أجل مصر» لإقامة تحالف اتنخابي ودراسة التنسيق في الانتخابات العامة القادمة، قرار ضروري وله أسبابه المنطقية. فالتنسيق الانتخابي وإقامة التحالفات الانتخابية هي المرحلة الأخيرة في سلسلة من الأعمال والاتفاقات الانتخابية. وبالنسبة لانتخابات مجلس الشعب القادمة والمحدد لها حتي الآن سبتمبر القادم مازالت لغزا محيرا، فقانون انتخابات مجلس الشعب القائم (38 لسنة 1972) يقوم علي نظام المقاعد الفردية، والتعديل الذي اقترحه المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي هذا القانون وطرحه للنقاش العام ورفضته كل الأحزاب والقوي السياسية الديمقراطية باستثناءات قليلة يقوم علي الجمع بين نظام المقاعد الفردية «ثلثي أعضاء المجلس» ونظام القائمة النسبية «ثلث أعضاء المجلس»، بينما مشروع القانون الذي أعدته أحزاب «التحالف الديمقراطي من أجل مصر» والقائم علي مشروع القانون الذي أعده حزب التجمع ومشروع القانون الذي صاغته الجمعية الوطنية للتغيير والتعديلات التي اقترحها حزب الوفد يقوم علي نظام الانتخاب بالقائمة النسبية المغلقة وغير المشروطة، ويستحيل إقامة تنسيق أو تحالفات انتخابية أو قائمة انتخابية موحدة كما اقترح حزب الحرية والعدالة «الإخوان المسلمين» قبل الاستقرار علي النظام الانتخابي، كما أن التحالف الانتخابي يتطلب الاتفاق علي برنامج انتخابي واحد وهو أمر لم يتم إنجازه حتي الآن ولا يتصدر إمكانية تحقيقه بين أحزاب وقوي سياسية تؤمن وتدافع عن الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة وأخري تتبني الدولة الدينية تحت اسم «الدولة المدنية بمرجعية دينية»، مثل أحزاب الحرية والعدالة والنور والحضارة المشاركة في التحالف الديمقراطي من أجل مصر، إضافة إلي أن عددا من الأحزاب المشاركة يتقدمها حزبا التجمع والجبهة تطالب بإصدار الدستور الجديد قبل الانتخابات العامة البرلمانية والرئاسية وستشارك في مليونية الجمعة القادم تحت شعار «الدستور أولا..». وإذا كان التحالف والتنسيق الانتخابي في الانتخابات البرلمانية القادمة يتطلب الاستقرار علي النظام الانتخابي أولا، فنفس الأمر مطلوب بالنسبة لانتخاب رئيس الجمهورية القادم والذي لم يتحدد موعد انتخابه في الإعلان الدستوري، فقبل فتح باب الترشيح لرئيس الجمهورية لابد من تحديد طبيعة النظام السياسي وهل سيكون نظاما برلمانيا «وفي هذه الحالة ينتخب البرلمان رئيس الجمهورية» أو نظاما رئاسيا أو نظاما برلمانيا رئاسيا - إذا جاز التعبير - يتمتع فيه رئيس الجمهورية بسلطات تتعلق بالعلاقات الخارجية والأمن القومي، وهو أمر لن يحدد بشكل قاطع قبل صدور الدستور الجديد، وإجراء انتخابات الرئاسة طبقا للإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011 يعني انتخاب ديكتاتور آخر، فسلطات رئيس الجمهورية في الإعلان الدستوري تكاد تتطابق مع السلطات المطلقة التي يتمتع بها الرئيس في دستور 1971 الاستبدادي. والأجدي الآن هو المبادرة بالاتفاق علي مشروع القانون الجديد الخاص بمجلس الشعب وممارسة الضغط بكل الأساليب الديمقراطية ليتحول هذا المشروع إلي قانون، وفي نفس الوقت السعي للتوصل إلي وفاق حول الخطوات الأولي للتحول الديمقراطي، وفي المقدمة التوقيت الصحيح لإصدار الدستور الجديد وكيفية صياغته وترتيبه في سلم الخطوات المطلوبة.