بعد سنوات من الصراع علي السلطة والعداء المتبادل، ستوقع حركتا فتح وحماس اليوم " الأربعاء " اتفاق المصالحة وانهاء الانقسام، بحضور محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، وخالد مشعل ممثلا لحركة حماس، وممثلين لجميع الفصائل الفلسطينية ، تحت الضعط الشعبي الفلسطيني، وتغير الظروف الموضوعية المحيطة بالقضية الفلسطينية، بانفجار الثورات العربية، وتحديدا المصرية والسورية . اتفق الطرفان علي تشكيل حكومة لا من فتح ولا حماس ولكن تتفق عليها الفصائل الفلسطينية كافة، وأن تكون مهمتها الإعداد للإنتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني الفلسطيني، والتي من المزمع أن تجري بعد عام من توقيع الاتفاق، وفيما يتعلق بالأمن وهو ملف كان عليه خلاف جوهري، أكد الاتفاق أن اللجنة الأمنية العليا التي سيصدر مرسوم بشأنها، من الرئيس الفلسطيني، ستتكون من مستقلين مهنيين، وستكون بالتوافق. وفيما يخص منظمة التحرير الفلسطينية، وهي الأمر الأهم لدي الفلسطينيين جميعا فقد وافقت حماس علي ان تكون هي الممثل للشعب الفلسطيني وتمثل مرجعيته، و كان خالد مشعل قد طرح تشكيل مرجعية جديدة منذ عام ورفضت فتح هذا الطرح حينها، بالاضافة إلي فتح المعابر وإعادة إعمار غزة . هذه هي القضايا الأهم في الاتفاق الفلسطيني، والذي جاء من أجله وفدا لمنظمة فتح إلي حزب التجمع، لاطلاعه علي الاتفاق والتشاور من منطلق المصير المشترك والعلاقات الأخوية والتاريخية التي أكد عليها الدكتور رفعت السعيد رئيس الحزب عندما التقي وفد منظمة فتح، برئاسة عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية بالمنظمة ، و الدكتور بركات الفرا سفير فلسطين بمصر، وصخر بسيسو عضو اللجنة المركزية في فتح، والدكتور سمير الرفاعي مسئول فتح بسوريا، ود. محمد الغريب مسئول العلاقات الخارجية بالمنظمة بالقاهرة، و د.سمير غطاس مدير مركز مقدس للدراسات الفلسطينية. في البداية قال عزام الأحمد إن اللجنة المركزية اتخذت قرارا بالاتصال من جديد بالقوي والأحزاب السياسية في مصر، فقررنا أن نبدأ بحزب التجمع باعتباره الأقرب لفتح وللشعب الفلسطيني، وباعتبار أن ما يدور في مصرسينعكس علي القضية الفلسطينية والمنطقة كلها، فمصر لها خصوصيتها في كل شيء، ومثلما قال د. رفعت إن فلسطين قضية محورية بالنسبة لمصر، وكذلك كل القيادات المصرية، وحتي المجلس العسكري قال الكلمات نفسها حول محورية القضية الفلسطينية . وأضاف الأحمد، أن المشير طنطاوي قال كلاما استراتيجيا مهما، وهو أن فلسطين "كانت ومازالت وستبقي " جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي المصري . وهنا قال د. رفعت " أنها العقيدة العسكرية للجيش المصري ". فأضاف الأحمد : وأعتقد أنها عقيدة الشعب المصري الأصيل . ثم تحدث الأحمد عن اتفاق المصالحة بين فتح وحماس، فقال : إن ما رفضته حماس في الماضي، وافقت عليه اليوم، حتي ملف الداخلية الذي كان محل خلاف جذري، وافقوا عليه أيضا، وأرجع ذلك إلي تغير الظرف الموضوعي المحيط في المنطقة العربية، وتوقع الأحمد أن يستتبع هذا الاتفاق الفلسطيني إجراءات إسرائيلية وأمريكية عنيفة ومضادة، ولكن " وحدتنا " كما قال الأحمد هي أهم سلاح في وجه رد الفعل الإسرائيلي الأمريكي، وضد انسداد عملية السلام . وأوضح الأحمد أن هناك خطة فلسطينية للتحرك داخليا وعربيا ودوليا للضغط من أجل تحقيق ما سمي "استحقاقات سبتمبر " وهي وعود الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه أمام الأممالمتحدة، بإقامة دولة فلسطينية، واستكمال باقي استحقاقات عملية السلام في الشرق الأوسط . ثم أشار الأحمد إلي مبادرة الرئيس أبو مازن، وقال : إنها قدمت تنازلات أكثر مما بالورقة المصرية، " وإن كانت في الحقيقة هي ورقة فلسطينية بنسبة 90%، ولكن عادة ما تظلم مصر، ويحملها الآخرون أكثر مما تحتمل "، حيث طرح أبو مازن تشكيل حكومة مستقلة، بعيدا عن الفصائل، تحدد موعد الانتخابات وهي بعد عام من بداية توقيع الاتفاق، وتعد لها، وتبدأ في إعادة توحيد مؤسسات السلطة، وإعادة إعمار غزة . وقال الأحمد : في البداية، واجهتنا عقبات، فلم تتجاوب «حماس» مع المبادرة. انتظارا لاستحقاقات سبتمبر التي ذكرتها، ولكن تسارع الأحداث علي الساحة العربية، جعل حماس تغير موقفها، فوقعت اتصالات مباشرة بيننا وبين حماس، ثم في الأسبوع الأخير عبر مصر، وجري ترتيب اجتماع الاربعاء 27 ابريل الماضي، بعيدا عن الإعلام والأضواء، واتفقنا علي أنها جلسة ندرس فيها مبادرة أبو مازن والورقة المصرية دون إعلان شيء . ولكن بعد اجتماع دام 4 ساعات، رأينا أن الاتفاق قادم فقررنا إعلان ما تم إنجازه، وكان هناك طلبان ايراني وسوري لحماس بالانتظار، لكن يبدو أن الأحداث تتسارع، وما كانوا يرفضونه بالأمس وافقوا عليه اليوم بالكامل .. ووقعت حماس علي الورقة المصرية دون تغيير، و ما رفضوه في 15/4/ 2009 وافقوا عليه بالأمس، وقعوه وسلموه. وتشكيل محكمة الانتخابات أيضا رفضوها في الماضي ووافقوا عليها، أما ما يتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو الأهم كما يقول الأحمد، فقد وافقت حماس علي أن تكون منظمة التحرر الفلسطينية هي الممثل للشعب الفلسطيني وتمثل مرجعيته. وأوضح عزام الأحمد أن تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة، لا من فتح ولا حماس، وكل الفصائل الفلسطينية تتفق عليها، من شأنه أن يحمي السلطة الفلسطينية من ادعاءات الولاياتالمتحدة وإسرائيل وأوروبا بأنها لا تمثل كل الشعب الفلسطيني، لأن مرجعيتها هنا هو منظمة التحرير الفلسطينية كممثلة للشعب الفلسطيني، وبالتالي يتعامل الجميع مع المنظمة وليس الحكومة . وفي النهاية أكد " الأحمد " أن العائق الأساسي في تقدير فتح للمصالحة مع حماس كان هو الإخوان المسلمون الذين عمقوا الانقسام، وكانوا يريدون تحويلها لتجربة للإخوان المسلمين، مع حلفاء آخرين كأيران وسوريا وقطر . وردا علي ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي " بنيامين نيتينياهو " إن علي فتح أن «تختار أما السلام مع إسرائيل أو المصالحة مع حماس»، قال " الأحمد " إن أبو مازن رد قائلا : نحن نختار حماس وإسرائيل، حماس لأنها جزء من شعبنا، وإسرائيل لأنها من المفترض أنها شريك في السلام، لكن علي إسرائيل أن تختار «سلام» أم «استيطان».وعلق د. سمير غطاس الخبير في الشأن الفلسطيني، مؤكدا رؤية فتح بأن ما كان يعطل المصالحة هو الإخوان المسلمين، وما حدث في سوريا، عجل بها خاصة أن خياراتهم بعد سوريا هو الاتجاه إما لايران أو لقطر، ايران تعزلهم تماما شعبيا وعربيا، وقطر مقدمة علي تحولات حقيقية، خاصة أن لديهم أكبر قاعدتين أمريكيتين في العالم، وبالتالي مزاعمهم حول المقاومة والمواجهة تسقط، أي أن العامل الأول هو الإقليمي، أما الثاني فهو الداخلي الفلسطيني، والضغط الشعبي وحركة 15 آزار، حيث لا يوجد مبرر للانقسام، ولا للخلاف حول المقاومة، ولا البرنامج السياسي، كما هو شائع في الأدب السياسي العربي والمصري، فعلي المستوي السياسي طالب خالد مشغل و الشيخ أحمد ياسين بدولة فلسطينية بحدود 67، وعاصمتها القدس، أي أن هناك تطابقا بين البرنامج السياسي لمنظمة التحرير وما قاله مشعل وكتبه في " دير شبيجل " وسلمه كتابة للرئيس الأمريكي السابق " كارتر" وبالتالي لا توجد حجة لخلاف سياسي. والعامل الثاني هو زيارة أبو مازن للقاهرة، فقد كان لدي الأخوة في حماس هاجس أن الوضع الداخلي المصري قد تغير، فأشيع أن الملف الفلسطيني انتقل من المخابرات إلي الخارجية، وأن الخارجية تريد أن تنقل الملف إلي سوريا، للتخلص من المشكلة الفلسطينية، الخ، ولكن مقابلة أبو مازن للمجلس العسكري ووزير الخارجية ورئيس الوزراء أكدوا فيها الموقف المصري الثابت من القضية الفلسطينية ووعيهم الواسع بالمشروع الإسرائيلي وعزل قطاع غزة وإلقاء تبعاته علي العاتق المصري، وبالتالي الورقة التي كانت حماس تلعب بها، لم تعد موجودة، هذه العوامل مجتمعة جعلتهم يوافقون علي ما رفضوه في الماضي، إن المصالحة، التي جعلت إسرائيل تستشيط غضبا، هي انتصار للشعب الفلسطيني ولمصر، لأنه لا يمكن بناء دولة مدنية في مصر، ما لم يغلق هذا الملف، فالتهديد الآتي من الحدود الشرقية، لمصر والغربية والجنوبية، هو تهديد لمشروع إقامة نظام ديموقراطي مدني في مصر . حضر اللقاء بعض قيادات الحزب والاتحاد النسائي واتحاد الشباب .