حالة نائب رئيس الوزراء! هناك علاقة خاصة تربطني وأسرتي بالدكتور يحيي الجمل. فقد تزاملنا في حزب التجمع منذ تأسيسه عام 1976 وحتي استقالته من الحزب في 20 مايو 1983. وخلال حملة الاعتقالات التي نالت المئات من قادة الحزب وكوادره وقيادات الأحزاب والقوي السياسية في سبتمبر 1981 شرفني بالحضور معي في التحقيق أمام المدعي العام الاشتراكي كمحام عني، وترافع أمام المحكمة عند نظر طلب الافراج عن فريدة النقاش (زوجتي) وأصدرت المحكمة قرارها بالافراج عنها بعد أن استمر حبسها ما يقرب من تسعة أشهر، مرة علي ذمة قضية سياسية وأخري نتيجة قرار المدعي العام الاشتراكي التحفظ عليها ضمن حملة سبتمبر 1981 وهي داخل السجن. ومع ذلك أشعر بالقلق من الدور الذي يلعبه د. يحيي الجمل كنائب لرئيس مجلس الوزراء ورئيس اللجنة التشريعية بالمجلس. فجلسة الحوار التي دعا إليها ركزت علي شخصيات سياسية محترمة بكل المقاييس - أغلبهم علي الأقل- ولكنهم في النهاية أفراد لا يمثلون مهما كانت قيمتهم إلا أنفسهم، بينما تم تجاهل الاحزاب والقوي السياسية باستثناء الاخوان المسلمين والحزب الوطني! وهو المسئول بحكم موقعه عن اقتراح مشاريع قوانين تعرضت لانتقادات حادة كونها تشرع لاوضاع غير ديمقراطية. أولها التعديلات التي ادخلت علي قانون الاحزاب السياسية والتي ابقت علي قيام الاحزاب بالتصريح وليس الاخطار وفرضت قيودا علي قيام الاحزاب باستثناء احزاب الاغنياء برفع عدد المؤسسين من 1000 إلي خمسة آلاف (من عشر محافظات علي الأقل بما لا يقل عن 300 عضو في كل محافظة). ونشر اسماء المؤسسين جميعا في صحيفتين يوميتين واسعتي الانتشار بما يكلف الحزب الوليد مبلغا يتراوح بين 350 الفا ومليون جنيه، واشترط عدم قيام الحزب علي أساس «طبقي». كذلك مشروع القانون الذي أعده مجلس الوزراء ورفعه إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة والذي يجرم الإضراب عن العمل والتظاهر والتجمهر والوقفات الاحتجاجية أثناء سريان حالة الطوارئ، ونصوصه منقولة من مشروع قانون مكافحة الارهاب التي كانت تعده لجنة برئاسة د. مفيد شهاب لمجلس الوزراء في مارس 2009 ولم تستطع تمريره في ظل نظام حسني مبارك! ولحسن الحظ فلم ير مشروع د. يحيي الجمل النور فقد امتنع المجلس الأعلي للقوات المسلحة عن إصداره. والقرار الذي اصدره د. يحيي الجمل باعادة تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان وتعرض لنقد واسع من عدد من منظمات حقوق الإنسان التي وصفت التشكيل الجديد بأنه «تشكيل سياسي وليس حقوقيا، وأنه يتضمن عيوبا شديدة منها وجود شخصيات مسحوبة علي النظام القديم، وبه بعض المجاملات، وبعض الشخصيات لعبت دورا رئيسيا ضد حرية العمل الأهلي». وتنقل د. يحيي الجمل بين الاحزاب واختير وزيرا عام1975 في حكومة د. عبد العزيز حجازي في عهد الرئيس الراحل أنور السادات وهي الحكومة التي بدأت سياسة الانفتاح الاقتصادي، وساهم في تأسيس حزب التجمع عام 1976 ثم استقال من الحزب عام 1983 وخاض انتخابات مجلس الشعب عام 1987 في عهد الرئيس حسني مبارك مرشحا من الحزب الوطني في دائرة الدقي، وعاد لصفوف المعارضة في السنوات الأخيرة وساهم مع د. أسامة الغزالي حرب (وكان بدوره عضوا في لجنة السياسات بالحزب الوطني قبل استقالته من الحزب) في تأسيس حزب الجبهة الديمقراطية الذي نشأ منذ سنوات بقرار من لجنة شئون الاحزاب برئاسة صفوت الشريف، وتولي الجمل رئاسة الحزب لمدة محدودة ثم استقال من الحزب. وهاجم سياسات الحكم بقوة علي صفحات «المصري اليوم». ويبقي السؤال .. هل ينتمي د. يحيي الجمل للنظام المطلوب تصفيته أم للنظام الجديد الديمقراطي المطلوب تأسيسه أم إلي نفسه فقط؟