شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والأمة الإسلامية بمناسبة عيد الأضحى    المهيرى: اتفاقية للحفاظ على حقوق العاملين ب «اقتصاد المنصات»    رئيس الوزراء يهنئ شعب مصر والأمتين العربية والإسلامية بعيد الأضحى    بعد صعود مفاجئ| تراجع أسعار الذهب بالتعاملات المسائية 5 يونيو    أستاذ تمويل: المنصة الإلكترونية لتراخيص الاستثمار مهمة لتعزيز بيئة الأعمال    بعد إطلاق ال5G.. مطالب برلمانية بإلزام شركات المحمول بعدم زيادة الأسعار    «الشهر العقاري» تعلن تقديم خدماتها للجمهور خلال إجازة عيد الأضحى    الرئيس السيسي يتلقى اتصالا من نظيره الفلسطيني للتهنئة بعيد الأضحى    تفاصيل لقاء المستشار الألماني بالرئيس الأمريكي في البيت الأبيض    بعد رفضه قانون الضرائب.. ترامب يهاجم ماسك: "يفتقد التواجد في البيت الأبيض"    الهلال يُغري نابولي بعرض خيالي لضم أوسيمين    زلزال ب جنوب إيطاليا يتسبب بانهيار جزئي ب موقع بومبي الأثري    مدحت بركات: زيارة الرئيس السيسي للإمارات تعكس التزام مصر بالتعاون العربي    الهدف الأول لبيراميدز في مرمى الزمالك بنهائي كأس مصر    تشكيل إسبانيا أمام فرنسا في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية    «كل إناء ينضح بما فيه».. تعليق ناري من زوجة الخطيب على «سب» هاني شكري جماهير الأهلي    غرفة ملابس الزمالك قبل مواجهة بيراميدز في نهائي كأس مصر (صور)    أمن الجيزة يكشف تفاصيل العثور علي جثة بمنطقة 6 أكتوبر    قرار هام بشأن أسئلة امتحانات الثانوية الأزهرية في مطروح (تفاصيل)    بروتوكول تعاون بين «التضامن» و«التعليم العالي» ضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات    مخرجة «ريستارت» عن انتقادات مشهد ارتداء تامر حسني ملابس داخلية: أشكره على جرأته    العيد.. عيدان    «بعلم الوصول»| عرض مسرحي عن الذكاء الاصطناعي بقصر ثقافة بورسعيد    أفضل الدعاء مساء يوم عرفة    صلاة عيد الأضحى 2025.. موعدها وطريقة أدائها وفضلها العظيم    العيد بعد الطاعة.. «بهجة مشروعة»    الصحة توجه 7 نصائح ذهبية لعيد الأضحى    استشاري تغذية يحذّر من الإفراط في تناول اللحمة خلال عيد الأضحى- فيديو    في العيد.. طريقة عمل لحمة الرأس بخطوات سهلة وطعم مميز    "التنظيم والإدارة" يتيح استعادة كود التقديم في مسابقاته عبر بوابة الوظائف الحكومية    مصطفى محمد يُساند الزمالك من مدرجات ستاد القاهرة أمام بيراميدز    ترامب يكشف تفاصيل محادثته الهاتفية مع رئيس الصين    " صوت الأمة " تنشر أهم التوصيات الصادرة عن المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية    إعلام إسرائيلى: مقتل جندى إسرائيلى متأثرا بجروح خطيرة أصيب بها فى غزة قبل 8 أشهر    نادي قطر يُعلن نهاية إعارة أحمد عبد القادر وعودته للأهلي    الرجل الثاني في الكنيسة الأرثوذكسية.. من هو الأنبا يوأنس سكرتير المجمع المقدس؟    "لو لينا عمر" أغنية لآمال ماهر بتوقيع الملحن محمدي في أول عمل يجمعهما    في إجازة عيد الأضحى.. حدود السحب والإيداع القصوى من ماكينات ATM    «الجيل»: ما يدور عن «القائمة الوطنية بانتخابات الشيوخ تكهنات تثير لغط»    المسرح النسوي بين النظرية والتطبيق في العدد الجديد لجريدة مسرحنا    يوم الرحمة.. كيف تستغل يوم عرفة أفضل استغلال؟    تهنئة أول أيام عيد الأضحى برسائل دينية مؤثرة    «حلوان» و«حلوان الأهلية» تستعرضان برامجهما المتميزة في «نيجيريا»    تشيفو يقترب من قيادة إنتر ميلان بعد تعثر مفاوضات فابريغاس    تقديم الخدمة الطبية ل1864 مواطنًا ضمن قافلة علاجية بعزبة عبد الرحيم بكفر البطيخ    3 أبراج تهرب من الحب.. هل أنت منهم؟    الصحة: فحص 17.8 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة    أجمل صور يوم عرفة.. لحظات تتجاوز الزمان والمكان    كل ما تريد معرفته عن جبل عرفات ويوم عرفة    مفاجأة.. ماسك طلب تمديد مهمته في البيت الأبيض وترامب رفض    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    أسعار البقوليات اليوم الخميس 5-6 -2025 في أسواق ومحال محافظة الدقهلية    موقع الدوري الأمريكي يحذر إنتر ميامي من خماسي الأهلي قبل مونديال الأندية    «مسجد نمرة».. منبر عرفات الذي بني في مكان خطبة الوداع    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    أرخص 10 سيارات مستوردة إلى مصر بدون جمارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرائق وسرقات ومحسوبيات الفساد الثقافي في مصر
نشر في الأهالي يوم 09 - 02 - 2011

تعد وزارة الثقافة أقل الوزارات التي توالي عليها وزراء خلال الثلاثين عاما الماضية، فلم يتول حقيبتها سوي ثلاثة وزراء هم عبدالحميد رضوان ود. أحمد هيكل وفاروق حسني والذي يعد أكثر الوزراء استمرارا في منصبه في عهد مبارك، فقد تسلم الوزارة في عام 1987 ولم يتركها إلا مع التغيير الوزاري الجديد الذي أعلن الأسبوع الماضي بتولي د. جابر عصفور للمنصب، بعد أربعة وعشرين عاما قضاها «حسني» علي نفس الكرسي. رغم الإصلاحات الطفيفة التي شهدتها الفترة الطويلة التي قضاها «حسني» في الوزارة مثل المشروع القومي للترجمة والذي استقل بعد ذلك عن المجلس الأعلي للثقافة ليصبح «المركز القومي للترجمة»، وكذلك تفعيل مشروع النشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة، ومشروع مكتبة الأسرة وتطوير المتحف المصري وبناء متحف جديد وغيرها، إلا أنه رغم هذه المشروعات قد غاب عن الوزارة المشروع الأهم وهو «التنوير» والذي نادي به د. طه حسين في كتابه المهم «مستقبل الثقافة في مصر»، والتنوير - هنا - بمعناه الواسع والشامل والذي يبدأ من قاعدة المثلث لا من رأسه، أي الاهتمام بثقافة المواطن العادي بدءا بالتعليم والأخذ بيده إلي الخطوات الأولي للنهضة الحقيقية، من خلال تفعيل ثقافة المواطنة والحوار وحرية التعبيرو الاختلاف في الرأي، والتصدي للتيارات الظلامية التي لا تؤمن بحرية الرأي والاختلاف.
ولذلك رأينا أن الربع قرن الأخير قد شهد أكثر قضايا المصادرة شراسة ومنها علي سبيل المثال لا الحصر قضية التفريق بين د. نصر حامد أبوزيد وزوجته د. ابتهال يونس وإقصائهم واقعيا من الجامعة المصرية، ومصادرة رواية «وليمة لأعشاب البحر» لحيدر حيدر، والتي أعقب صدورها من الهيئة العامة لقصور الثقافة عام 2000 مظاهرات عنيفة، ثم قضية «الروايات الثلاث» «قبل وبعد» لتوفيق عبدالرحمن، و«أبناء الخطأ الرومانسي» لياسر شعبان، ورواية «أحلام محرمة» لمحمود حامد، والصادرة عن نفس الهيئة عام 2001، ومصادرة أعمال د. نوال السعداوي عام 2008، وقيام ناشرها بحرقها، ثم قضية مصادرة مجلة «إبداع» بعد نشرها لقصيدة شرفة «ليلي مراد» لحلمي سالم ثم قرار المحكمة بسحب جائزة التفوق التي حصل عليها من وزارة الثقافة في سابقة هي الأولي من نوعها، وانتهاء بمصادرة كتاب «ألف ليلة وليلة» بعد تقدم عدد من محامي للحسبة برفع قضية لمصادرتها إلي أن أعلن النائب العام عبدالمجيد محمود قراره التاريخي برفض الدعوي.
سيادة المحسوبية
ولعل من أبرز ما أخذه الكثيرون علي فاروق حسني هو اختياره غير الموفق لعدد كبير من مساعديه مثل أيمن عبدالمنعم والذي تولي مناصب عدة في الوزارة - ولم يكن مؤهلا لها - وانتهي به الأمر إلي السجن بسبب الأموال التي تربحها بدون وجه حق من مناصبه المتعددة وكان آخرها مدير صندوق التنمية الثقافية. وليس انتهاء باختياره لمعارفه وأصدقائه من الفنانين التشكيليين الذين أعطاهم الثقة كاملة في تولي القطاعات المختلفة من الوزارة، وكان آخرهم محسن شعلان الذي تولي قطاع الفنون التشكيلية وحدث في عهده سرقة لوحة «زهرة الخشخاش» لفان جوخ - والتي يقدر ثمنها ب 50 مليون دولار، وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات، والعجيب أن «حسني» كافأه بعد الحادثة - التي حكم فيها بالسجن أيضا علي عدد من قيادات قطاع الفنون التشكيلية بالسجن - كافأه بأن عينه مستشارا لوزارة الثقافة، حتي يكمل مدة خدمته.
بالإضافة إلي ذلك فقد تمت سرقة مجموعة من اللوحات النادرة للفنانين المصريين مثل حامد ندا وعبدالهادي الجزار من دار الأوبرا ومن مكتب رئيس الدار - في وضح النهار- منذ عامين. ويبدو أن «حسني» قد اعتمد في اختيار معاونيه علي قاعدة اختيار «أهل الثقة» لا «الخبرة» وهي القاعدة التي لازمت ثورة يوليو منذ بدايتها دون النظر إلي الكفاءات الثقافية من المثقفين الجادين، ولذلك رأيناه يعتمد علي مجموعة تكاد لا تتعدي أصابع اليد الواحدة ينقلها من رئاسة قطاع لترأس قطاعا آخرا، فلم نر أديبا كبيرا أو مثقفا له ثقله يتولي قيادة أحد قطاعات الوزارة إلا في استثناءات قليلة.
وربما يعود ذلك بنا إلي أحد الأسباب الحقيقية لغياب البعد التنويري في هذه الوزارة، وربما هذا أيضا ما أدي إلي وجود كوارث لا حصر لها، كان أكثرها شراسة الحرائق المتعددة التي لحقت بالمواقع الثقافية المختلفة وراح ضحيتها العشرات من المثقفين والمبدعين، منها حريق مسرح محمد فريد ومسرح العرائس والهوسابير ومسرح نجم ومسرح الجلاء، ورغم أن هذه الحرائق لم يكن فيها ضحايا إلا أنها شهدت خسائر كبيرة وتلفيات في المعدات المسرحية.
وكانت بمثابة جرس إنذار للقائمين علي شئون المسرح في مصر الذين كان من المفترض أن يقوموا بعملية جادة لتأمين كل المسارح في العاصمة والأقاليم، وتوفير وسائل الأمان إلا أنهم - وكعادة معظم المؤسسات الإدارية في وطننا العجيب - كان لهم «ودن من طين وودن من عجين» ولم يلتفتوا لشيء سوي العمل علي «تفعيل الميزانية» و«اللي يقدر ينهب ينهب» وهكذا تدار الأمور في بر مصر، إلي أن وصل الأمر إلي كارثة إنسانية في حريق مسرح «بني سويف» في سبتمبر عام 2005 والذي راح ضحيته أكثر من خمسين فنانا وناقدا مسرحيا من خيرة مثقفي الوطن، حين حصدتهم النيران اللعينة نتيجة إهمال مهني في القاعة التي وقع فيها الحادث المشئوم كانت عبارة عن قاعة صماء لا يوجد بها نافذة واحدة ومدخلها الرئيسي كان عبارة عن باب صغير أغلقه مخرج العرض بحجة استغلاله في الديكور، ولم يكن ذلك الحادث المأساوي هو الأخير في المسرح المصري فقد تبعه عام 2008 حريق هائل شب في المسرح القومي.
ولم يكن المسرح هو القطاع الثقافي الوحيد الذي طالته يد الإهمالي - بل هو جزء من منظومة متكاملة - فالآثار أيضا طالتها هذه اليد الأثيمة ومن منا نسي يوم 22 أكتوبر 1998 حيث احترقت «المسافر خانة» ذلك الأثر الإسلامي البديع والشاهد علي روعة الفن الإسلامي من خلال ما يحتويه من نقوش وآثار رائعة، ورغم أن ملابسات الحريق كانت غامضة فإن تقرير الدفاع المدني قد أثبت أن الحريق بدأ من «الداخل أي أن يدخل - في ذلك - شبهة العمد، إلا أنه كمعظم الحرائق والكوارث - في وطننا الخرافي - دائما ما تعلق أخطاء الكبار علي رقاب الصغاروتم البحث عن كبش فداء، وبالفعل أصبح حارس القصر - المواطن البسيط - شماعة تعلق عليها أخطاء وزارة بأكملها وهو ما جري في البداية مع حادث بني سويف.
وهكذا تتحقق مقولة «إريك بنتلي» التي يقول فيها «إن المثقفين جروح مفتوحة»!!
فساد إداري
وقد وصل الفساد الإداري إلي عدد من هيئات الوزارة ومنها «الهيئة المصرية العامة للكتاب» حتي وجدنا العاملين في الهيئة خلال الأعوام السابقة يقومون بالتظاهر ضد رئيس الهيئة السابق د. ناصر الأنصاري وذلك بعد حالة من الغليان سادت عمال المطابع والموظفين نتيجة الممارسات التعسفية ضدهم، مما اضطرهم إلي إرسال أكثر من شكوي إلي رئيس الجمهورية أكد خلالها أن «الأنصاري» ومستشاريه دأبوا علي إصدار تعليمات وأوامر لكل قطاعات وإدارات الهيئة تتوعد العاملين بعواقب الأمور في حالة مخالفة التعليمات بالرغم من خلو هذه الأوامر من أي مضمون أو أي علاقة بالعمل ولا هدف منها إلا إرهاب العاملين حتي صارت هذه التعليمات مثل البيانات العسكرية التي تذاع من آن لآخر في أوقات الحرب فتوقف عجلة العمل وكأن لا شيء له قيمة سوي الحضور والانصراف أما عن العمل فليست له أهمية.
وخلال السنوات الماضية تحولت هيئة الكتاب - من كونها أكبر دور النشر العربية - والمنوط بها صنع ثقافة تتميز بالثقل الفكري والإبداعي - وخلال العشرين عاما الماضية حدث - مما لا شك فيه - تحول جذري في توجهها من «ناشر كبير» إلي «مجرد مخزن للكتب»، فتم إغلاق سلاسل مهمة مثل «مختارات فصول» والتي استمرت لسنوات طويلة تقدم أسماء أصبحت ملء السمع والبصر أمثال إدوار الخراط وإبراهيم أصلان وبدر الديب وجمال الغيطاني وإبراهيم عبدالمجيد وعبدالحكيم قاسم وجميل عطية إبراهيم وغيرهم، وكذلك «سلسلة المسرح» والتي قدمت عددا كبيرا من الكتاب المسرحيين مثل: نجيب سرور وبهيج إسماعيل ومحمود دياب وميخائيل رومان وغيرهم، وسلسلة «روايات عربية» والتي تعرف القارئ من خلالها علي أعمال غالب هلسا والطيب صالح وعبدالرحمن منيف وغيرهم، وليس نهاية بإغلاق «مجلة القاهرة»، التي رأس تحريرها لسنوات طويلة الناقد الراحل د. غالي شكري والتي حولها من مجلة ثقافية إلي منبر فكري وإبداعي وعالمي من خلال مجموعة من الملفات الثقافية المهمة والتي أثرت في الوجدان الثقافي.
رقابة متكررة
أما معرض القاهرة الدولي للكتاب فأعتقد أنه بحاجة إلي قراءة مستفيضة، لكننا نريد أن نؤكد ضرورة تحريره من الرقابة فقد لاحظنا في السنوات الثلاثين الأخيرة موجة من المصادرات داخل الأجنحة الخاصة بالناشرين عبر لجان التفتيش التي كانت تجوب المعرض ضاربة عرض الحائط بالقوانين والدساتير.
وقد وجدنا كتابا كثيرين منعت كتبهم من المعرض ومنهم الروائي عبدالرحمن منيف وإدريس علي وسيد القمني ونوال السعداوي وخليل عبدالكريم، وقد أرسل عبدالرحمن منيف برسالة للراحل د. سمير سرحان - رئيس الهيئة الأسبق - بعد أن منعت له أربع روايات من الدخول للمعرض عام 1997.
يقول فيها: «لقد منعت لي أربع روايات في معرض القاهرة الدولي للكتاب، لا أعرف للآن لماذا منعت ومن منعها، وإذا كانت بعض الكتب تعالج القضايا الدينية والسياسية والجنسية، يحتمها التوقف والتدقيق بحجة حماية المجتمع فإن الرواية كما افترض يجب ألا تخضع لأي رقابة لأن الجزء الأكبر من أي رواية وليد الخيال ويهدف فيما يهدف إليه المتعة وتوسيع مساحة الرؤية وخيال كل قارئ، وعليه يجب ألا نعامل الرواية اعتمادا علي إسقاط الرقيب أيا كان أو بفرض رأي أو قراءة وحيدة للرواية إذا أنها تحتمل قراءات متعددة لأنها طبقات متعددة وبالتالي لا يجوز أن نخضع لرأي مفرد أو لقراءة واحدة».
وقد منعت قبل ذلك لمنيف مجموعة من الأعمال في بداية الثمانينيات. وخلال تولي د. سمير سرحان للهيئة والتي استمرت لما يقرب من عشرين عاما بداية من عام 1985 وحتي منتصف 2005 ضاعت وتلفت أكثر من 50 ألف مخطوطة نادرة من البرديات والوثائق، ففي 28/7/1990 - علي سبيل المثال - وبرقم 4519 وجهت الشعبة الثامنة بالجهاز المركزي للمحاسبات طلبا لرئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والاقتصادية بهيئة الكتاب يتضمن مجموعة من الملاحظات التي أسفر عنها فحص «المعامل البحثية التطبيقية» بالهيئة، وقد أرفق جهاز المحاسبات بالخطاب ملفا يحمل رقم (1852 - 7/2ج5) ويحوي ثلاثة عشر بندا تصنف مخالفات الهيئة ومخالفة القوانين وإغفال اللوائح مما أدي إلي ضياع ثروة من المخطوطات والتي كانت في أغلبها نسخا أصلية تنفرد بها مكتبة الهيئة والمسجل بها في ذلك الوقت عدد 162 ألف مخطوط.
كما رصد التقرير أن أجهزة المعامل الخاصة بالحفاظ علي هذه المخطوطات تم شراؤها عام 1975، وظلت حتي وقت كتابة التقرير بلا استعمال علي الرغم من أهميتها البالغة في مجال ترميم المخطوطات، وكان عددها اثني عشر جهازا دون اتخاذ اللازم لإصلاحها، وهي أجهزة تبلغ قيمتها 28890 جنيها بسعر سنة الشراء. كما أشار التقرير إلي كثير من المخالفات القانونية التي أعاقت العمل بمركز الترميم وأدت إلي توقفه لفترات طويلة، في الوقت الذي تتآكل فيه المخطوطات، نظرا لأن الأجهزة كانت مقيدة في عهدة «السعاة» الذين كانوا يتصرفون في الأمر كما يشاءون.
ثقافة احتفالية
أما عن المؤتمرات التي كانت تقيمها الوزارة فقد جاء معظمها في شكل احتفالي لا تعبر - كثيرا - عن الواقع الثقافي المصري. وبالمثل جاءت جوائز الدولة التي شابها الكثير من تدخل الشللية والمحسوبية من خلال آلية المنح والمنع، وليس أدل علي ذلك من حصول عدد كبير من الوزراء علي الجائزة التقديرية وجائزة مبارك وهم في السلطة.
وفي مكالمة مع الدكتور جابر عصفورو زير الثقافة الجديد سأله الشاعر «إسماعيل عقاب» لماذا توقفت قصور الثقافة عن العمل في الشهور الأخيرة مما جعل المثقفين في الأقاليم يبحثون عن أماكن للالتقاء فيها.
وبوسعنا أن نسأل نحن عن هذا التوغل الأمني والقبضة البوليسية المفروضة علي هذه القصور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.