في الوقت الذي بدأت الحكومة عقد الاجتماعات التمهيدية علي مستوي وزراء المجموعة الاقتصادية لاعداد الموزانة العامة الجديدة 2011-2012 الا ان الاتجاه القوي لدي الحكومة الآن هو تفعيل قانون المشاركة بين القطاعين العام والخاص فيما يتعلق بالخطة الاستثمارية في الموازنة العامة الجديدة. وفي الحقيقة فإن لجوء الحكومة لتفعيل هذا القانون انما يهدف في المقام الاول الي رفع بعض الاعباء الاستثمارية التي كانت الحكومة توجهها الي مشروعات البنية الاساسية في الموازنات العامة علي مدي السنوات الماضية. هذا الاتجاه - كما قالت المصادر الحكومية - من شأنه خفض المخصصات، التي كانت توجهها الي تلك المشروعات وبالتالي من الممكن الاستفادة بها في بعض اوجه الانفاق الحتمي مثل التعليم والصحة والاجور وذلك لمواجهة ارتفاعات الاسعار .لكن في المقابل من الصعب علي الموازنة العامة للدولة ان تتحمل كل مشروعات الصرف الصحي دفعة واحدة الان فخلال الموازنات السابقة كان يتم تخصيص ما بين ثلاثة مليارات وخمسة مليارات وهذا يعني ان المحافظة التي تتمتع بمشروعات الصرف الصحي خلال اي من هذه الموازنات قد تتمتع به المحافظة الاخري بعد سنوات. وفي الحقيقة فإن الاتجاه الجديد فرضته بعض التداعيات الجديدة طبقا لما تمت مناقشته في الاجتماع التمهيدي الاول لكن في الوقت نفسه فإن الظروف التي شهدتها تونس خلال الاسابيع الماضية، قد ارغمت الحكومة علي الاسراع في عقد المزيد من الاجتماعات علي مستوي وزارات المجموعة الخدمية وحتي الاقتصادية في محاولة من الان لتقدير الامور وبحث احتياجات تلك الوزارات في الخطة الجديدة قبل مناقشة احتياجات أي وزارة اخري وقد بدا ذلك واضحا عندما قررت الحكومة وضع اولويات فيما يتعلق بهذه الوزارات من الان قبل مناقشة الخطوط العريضة للخطط الاستثمارية للوزارات الاخري. خلال العام المالي الجديد الذي يجري الاعداد له من الان لن تكون قضايا مثل الاتصالات او التشييد والبناء او حتي الصناعات التحويلية من بين الاولويات التي ستركز عليها الحكومة او موازنتها العامة لكن سيكون التركيز علي القطاعات التي يقوم عليها اسس دعم الاستقرار والامن الاجتماعيين، ويكفي ما قاله احد المسئولين - هذا العام سيكون عام اعطاء الاولويات لقطاعات مثل الصحة والتعليم والحفاظ علي معدلات الدعم الحالية علي نفس المستوي علي اقل تقدير لذلك لم يكن غريبا ان يسارع العديد من الوزراء بالاعلان عن توقعاتهم بزيادة المخصصات المالية لبعض القطاعات الاجتماعية ويكفي ان رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة قد اكد ان هناك اتجاها قويا لدي الحكومة لزيادة الدعم خلال الفترة المقبلة بين 4 و7 ملايين جنيه لمواجهة ارتفاعات الاسعار المحتملة في الشهور المقبلة. لكن في الوقت نفسة فإن الحكومة - تري ان الاستثمارات سواء المحلية وحتي الاجنبية اصبحت ضرورة ملحة وذلك علي اعتبار ان خلق فرص عمل ومواجهة قضية البطالة لن يأتيا الا من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مشروعات البنية الاساسية مثل انشاء الطرق والكباري ومحطات الصرف الصحي والمياه بالاضافة إلي فتح المجال بين هذه الشركات في التنمية العمرانية ولذلك -كما تقول المصادر - لم يعد الهم الاول هو جذب الاستثمارات الاجنبية خلال الموازنة الحالية بقدر دفع القطاع الخاص إلي الدخول في هذه المشروعات وبحسب قول المصادر فإن الاستثمارات المحلية تشكل حوالي 80% من جملة الاستثمارات المنفذة علي مدي العامين الماضيين في حين ان الاستثمارات الاجنبية لم تتعد نسبة 20% وان كانت اهميتها تتمثل في نقل الخبرات والتكنولوجيا الغربية علاوة علي انها تعكس الثقة في الاقتصاد المصري حيث بلغت نسبة مُساهمة المصريين في رؤوس أموال الشركات الخاصة حوالي 70% اطراد نمو الاستثمارات الخاصة رغم استمرار مخاوف عدم التيقن بتحسن الظروف الاقتصادية الدولية. هذا بخلاف استئثار الأنشطة الاستخراجية والصناعية بنحو 40% من جملة الاستثمارات الخاصة. وهذا العام هناك ضرورة لتوجيه الجانب الاكبر الي الآليات الخاصة بدفع حركة السوق المحلية وزيادة الاستهلاك خاصة انها كانت هي السبب الرئيسي في زيادة معدلات النمو وكشفت المصادر ان المؤشرات المبدئية عن شهري اكتوبر ونوفمبر الماضيين تشير إلي امكانية تحقيق معدلات نمو تصل الي 6.2% خلال الربع الاخير من العام الماضي حيث دخلت بعض القطاعات الاقتصادية مرحلة النمو الايجابي بعد ان شهدت تراجعا خلال العامين الماضيين مثل قناة السويس والسياحة والصناعة التحويلية، وهي من المؤشرات التي توضح امكانية ان نهتم بالقطاعات الخدمية خلال هذه الفترة.