مليارديرات أمريكا .. ومليارديرات مصر بدلا من ممارسة العمل السياسي أو احتراف مهنة الكتابة وتحليل نتائج الانتخابات.. وهي مهام.. نعتقد أن بعض قادة الحزب الحاكم غير مؤهلين لها.. فإننا ننصح هؤلاء بأن يتصرفوا علي النحو الذي يفعله المليارديرات الأمريكان، وخاصة أنهم يعشقون تقليد ومحاكاة أي شيء أمريكي! هناك، في عالم المال والأعمال في الولاياتالمتحدة، لا يرفعون أسعار السلع التي يحتكرونها من وقت لآخر لجني المزيد من الأرباح الفاحشة، ولكنهم يدفعون ضرائب أعلي كلما زادت دخولهم، علي نقيض الحال في مصر حيث يدفعون نفس النسبة التي يدفعها أصحاب الدخل المحدود. وهناك.. تبرع أكثر من خمسين مليارديرا أمريكيا من أصحاب الثروات الضخمة بجزء كبير من ثرواتهم أثناء حياتهم في إطار حملة يطلقون عليها «وعد العطاء». وكانت آخر دفعة من هؤلاء المليارديرات المتبرعين بثرواتهم تضم 16 مليارديرا، بينهم مؤسس موقع «فيس بوك» «مارك زوكيربرج»، الذي لم يتجاوز عمره 26 عاما. والمعروف أن مؤسس «مايكروسوفت» بيل جيتس والمستثمر «وارن بوفيت» قد أطلق هذه الحملة. وتضم أسماء المتبرعين الجدد كلا من ستيف كايس والمستثمر «كارل ايكان» و«مايكل ميلكن» المسئول التنفيذي السابق في «وول ستريت». ومن بين الأثرياء الآخرين، الذين تعهدوا بالتبرع بجزء من ثرواتهم، مؤسس شركة «أوراكل».. لاري أليسون والمخرج جورج لوكاس.. وحتي عمدة نيويورك مايكل بلومبرج. أما عندنا، فإن العدد الأكبر من أصحاب المليارات أصبحوا يشتغلون بالسياسة لتزوير إرادة الناخبين، بعد أن انضموا إلي الحزب الحاكم، لأنه.. الحاكم، لكي يضمنوا تحقيق وتنمية مصالحهم وازدهار ثرواتهم، وتسخير كل أجهزة الدولة لرعاية كل شئونهم، وإصدار القوانين التي تكفل حماية استغلالهم وتشجيعهم علي رفع الأسعار وزيادة أرباحهم. ولا مانع لديهم، بعد ذلك، في أن يستثمروا أوقات فراغهم في إعطائنا الدروس عن كيفية إجراء انتخابات «حرة ونزيهة» ووسائل تطبيق «الديمقراطية»! والحقيقة أنه لا يصح أن نطلق علي هؤلاء صفة الرأسماليين، لأن هذه الصفة قد تكون تشريفا لهم وإعلاء لشأنهم، والحقيقة أنهم مجرد طفيليين من نهازي الفرص الذين لا يعنيهم في الحياة سوي تكديس الأموال واستثمارها في السياسة، وكذلك استثمار السياسة لزيادة الثروات. ومن هنا، فإنهم لن يفكروا مطلقا في أن يفعلوا كما فعل أصحاب المليارات في أمريكا.. رغم أنهم يعتبرونهم مثلهم الأعلي، بل سيحرصون علي تنمية ثرواتهم تحت رعاية حزبهم الحاكم، وسيقررون أن جمع المزيد من الثروات.. «شأن داخلي» وعمل من أعمال «السيادة» بعد أن تم «تشريع» زواج المال بالسلطة!