وكأن شواطئ محافظة البحيرة قد صارت بوابة الامل الى آلاف الشباب الذين حلموا بالهجرة الى بلاد ليتحول الحلم الى كابوس يعصف بهم فى غياهب المتوسط. وبدلا من العودة الى الوطن يحملون المال ليتحقق حلم الحياة الرغدة بعيدا عن وطن صار قاسيا للغاية على جيل نما فى ظل فساد اقتصادى واجتماعى وسياسى عاد المئات من هؤلاء الشباب فى صناديق خشبية الى قرى ارتوت بدموع لا تنقطع. عبر سواحل مدينتى رشيد وادكو انتعشت تجارة تهجير الشباب الى مدن المال والنور فى اوروبا وتفرغ عدد من مراكب الصيد الى تجار ايضا ويروى " احمد السمرى " احد ابناء مدينة رشيد انه قبل ثورة يناير كان رواد الهجرة من الشباب المصرى وخاصة ابناء الريف الذين ضاقت بهم الرقعة الزراعية وتراجعت ارزاقهم وفشلوا فى الحصول على فرصة عمل سواء فى القطاع العام او الخاص مما دفع بعضهم الى بيع جزء من ممتلكاتهم لتوفير المبلغ المالى المطلوب لتحقيق الحلم والذى يترواح ما بين 30 و40الف جنيه. ويضيف السمرى ان عمليات الهجرة قد توقفت الى حد كبير عقب ثورة يناير ثم عادت الى معدلات اكبر بكثير عقب تولى جماعة الاخوان حكم البلاد الا انه وعقب ثورة يونيو والاطاحة بالاخوان بدت الصورة مختلفة حيث الغالبية العظمى من الذين حاولوا الهجرة هم من السوريين والفلسطينيين الذى دخلوا مصر خلال عام 2013. ويقول " سامى بحيرى " شيخ الصيادين بمدينة ادكو ان نسبة اصحاب مراكب الصيد الذين يلجأون الى استخدام مراكبهم فى الهجرة غير الشرعية لا تتجاوز نسبتهم واحد فى المائة ووصفهم بحيرى بانهم من اصحاب النفوس الضعيفة مؤكدا ان قلة الاسماك فى سواحل مصر ليست هى الدافع وراء تلك الظاهرة لكنها وسيلة للربح السريع دون ادراك الاضرار والكوارث التى تؤدى الى ذلك سواء على الشباب الراغب فى الهجرة او على مصر بشكل عام. واشار شيخ الصيادين الى ان الحلقة الاخطر فى تلك الظاهرة هو السمسار الذى يمثل اصل الازمة والذى يقوم باغراء اصحاب المراكب ويدفع لهم ضعف قيمة المركب ذاته. وطالب يضرورة السيطرة على بؤر السماسرة مؤكدا ان الظاهرة تضاعفت فى ظل حكم الاخوان خاصة بين السوريين والفلسطينيين الذين دخلوا مصر باعداد كبيرة ثم لجاوا للهجرة الى اوربا وكذلك فقد تزايدت الظاهرة عقب فض اعتصام رابعة. واشاد بحيرى بالجهد الكبير الذى تقوم به قوات حرس الحدود فى مواجهة تلك الظاهرة من جانبه يرى " حسن كمال " صياد ان اصحاب المراكب يعانون من ضيق الرزق خاصة مع تراجع الثروة السمكية ببحيرة ادكو نتيجة التلوث وكذلك مطاردة البلاد الاخرى لهم فى مياه البحر المتوسط وقد لجا عدد من ضعاف النفوس من هؤلاء الى اللجوء الى تسفير الشباب بحثا عن مكسب سريع او مضطر لتراكم الديون عليه. جهود أمنية لا تتوقف وقد توالت الضربات الامنية لسماسرة الهجرة غير الشرعية وهذا ما يشير إليه اللواء محمد طاحون مدير الامن والذى اكد ان الاجهزة الأمنية تبذل جهودا كبيرة للتصدى لتلك الظاهرة التى تمثل خطرا كبيرا على الامن الوطنى المصرى مضيفا انه تم القاء القبض مؤخرا على تشكيل اجرامى تخصص فى هذا الشان ومنهم "أحمد حسن البراوى" 35 سنة – عامل -، و"عاصم محمد حميدة" 38سنة – صياد -، و"محمد محمد فتح الله" 45 سنة – صياد -، و"منتصر كرم البراوى" 43 سنة – عاطل -، و"جمال جمعة أبو عشر" 35سنة – عامل -، و"محمد سعد النشار" 43سنة – فلاح وتم ضبط المتهمين الأول والثاني والثالث، وبحوزة الأول مبلغا ماليا قدره خمسة عشر ألف جنيه متحصل عليها من راغبى الهجرة غير الشرعية، وبحوزة الثانى 25 إثبات شخصية لعناوين مختلفة، وقد وجهت إليهم تهم الشروع في تسفير 110 أفراد من محافظات مصر، والمحرر عنها المحضر رقم 3877/2013 إداري مركز رشيد، وواقعة الشروع في تسفير 77 فردا منهم "48 سوريا، 17 أردنيا، 11 مصريا"، والمحرر عنها المحضر رقم 3946/2013 إداري المركز، وكذلك تسفير 7 أفراد سوريين، والمحرر عنها المحضر رقم 4136/2013 إداري المركز، وتسفير 4 أفراد " سوري ، 3 مصريين"، والمحرر عنها المحضر رقم 4534/2013 إداري المركز. كما تم ضبط وثيقة سفر رقم (000102777 أ) لاجئين فلسطينيين تنتهى فى 19/12/2013، دفتر خدمة تجنيد صادر من القيادة العامة للقوات المسلحة بفلسطين، رخصة قيادة خاصة، فيزا كارت صادرة من بنك سوريا الإسلامى، بطاقة تأمين صحى، بطاقة توظيف صادرة من وزارة السياحة السورية، كارنيه نقابة المهندسين بسوريا، دفتر مزاولة مهنة الهندسة بنقابة المهندسين السوريين وجميعهم باسم " علاء الدين خالد راشد، تذكرة إقامة مؤقتة للفلسطينين وهوية مستحقة معاش صادرة من سوريا باسم" رغدة عبد راشد، وبمواجهتهما، بما أسفر عنه الضبط اعترفا باشتراكهما مع المتهمين الهاربين فى ارتكاب الوقائع الآتية "واقعة الشروع فى تسفير عدد (136) فردا من جنسيات (مصر، سوريا، فلسطين) والسابق ضبطهم بتاريخ 18/9/2013 والمحرر عنها المحضر رقم2494/2013 إدارى مركز إدكو.ويضيف مدير الامن ان الجهود متواصلة فى هذا الشان مع قوات حرس الحدود. الضحايا يتحدثون وتتوالى تفاصيل الماساة البشرية حيث يؤكد " مصطفى ...." احد ضحايا سماسرة الهجرة ان شخصا يدعى "محمد أحمد محمد الجمال" 25 سنة – ومقيم برج رشيد قام بتركهم بمكان ضبطهم لحين حضور المركب، وأن القائمين على تسفيرهم كل من: " أبو محمد" المقيم سمنود – الغربية و" محمد أبوعلي " المقيم فاقوس – الشرقية مقابل مبلغ 30 ألف جنية لكل منهم. وحول دوافع الاقدام على الهجرة يقول " رمضان غنيمة – 25سنة " مقيم برج مغيزل " انا حاولت اسافر عشان اتجوز لان والد اى عروسة عندنا بيطلب مائة الف جنيه مهر وشقة ولو انا فضلت هنا مش اعرف اتجوز طول عمرى واستلفت 30 الف جنيه ودفعتهم للسمسار عشان اسافر لكن ربنا مش رايد واتمسكنا فى ادكو ". الهجرة غير الشرعية ....حرام من جانبة قال " صلاح حرى" مدير عام أوقاف البحيرة ان الهجرة غير الشرعية حرمها الإسلام لوجود قوانين وتعليمات تنظم الهجرة مشيرا الى ان مصر فى حاجة الى جميع أبنائها للعمل على تنميتها وإعلاء كلمتها وطالب الشباب الذى يسعى للهجرة بالتريث والانتظار لكى نشارك جميعا فى بناء وطننا مصر بدلا من ان يلقوا مصيرا مؤلما مثل الموت فى عرض البحر لاقدر الله. وأشار القس طوبيا اسكندر الى أهمية ان نحاول جميعا البحث فى الاسباب الحقيقية وراء تزايد تلك الظاهرة والتى من بين اهم اسبابها عدم توفير فرص عمل مناسبة لهؤلاء الشباب والوضع الاقتصادى السيئ الذى يدفعهم للتفكير فى هذا الطريق المظلم واذا كانت هناك تجارب مؤلمة فقد كانت للهجرة غير الشرعية دور فى تحقيق عشرات الشباب ثروات ويتجلى هذا فى قرية العيون التابعة لمركز ايتاى البارود التى نجح عدد من شبابها فى الهجرة الى اليونان وتركيا وعدد اخر من دول اوربا واستطاعوا الحصول على جنسيات تلك الدول اما قرية "شابور " التابعة لمركز كوم حمادة فقد تخصص شبابها فى الهجرة الى ايطاليا واسبانيا.